آلية جديدة لتوطين التقنية وتوفير فرص توظيف للسعوديين
أكد المهندس عبد اللطيف بن أحمد العثمان، محافظ الهيئة العامة للاستثمار، أهمية الخروج برؤية استثمارية موحدة بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بتنمية قطاعات تعد واعدة اقتصاديا واستثماريا مثل الصحة والإسكان والتعليم والتدريب والنقل والبناء والتشييد وقطاع الطاقة أيضا، من أجل رفع نسبة المحتوى المحلي فيها وإيجاد فرص عمل ملائمة ومجدية تستوعب القوى العاملة الوطنية، إلى جانب نقل التقنية وتوطينها والعمل المشترك لتعظيم الاستفادة من الإنفاق الحكومي السخي.
وأوضح محافظ الهيئة العامة للاستثمار في حديث مع "الاقتصادية"، خلال لقاء جمعية خريجي جامعة MIT في السعودية الـ 14، في الرياض أمس الأول، أن الفترة التي تمر بها المملكة حاليا تتسم بالاستقرار النسبي والعالي في الإيرادات الحكومية ويتم توظيفها في تسريع وتيرة التنمية والتطوير في مجالات مختلفة ووصفها بالفرصة نادرة التكرار للدول الطامحة لتحقيق التنمية المستدامة وتنويع القاعدة الإنتاجية لاقتصاداتها.
#2#
واستعرض المهندس العثمان، أمام الحضور تجربة السعودية التنموية طوال العقود الماضية والنجاحات التي تحققت على هذا الصعيد، موضحا أنه مع كل هذه النجاحات والنمو والازدهار الاقتصادي الذي نشهده، التي تمثل مصدر فخر واعتزاز لنا جميعا في المملكة، إلا أنه ما زالت الأرقام والإحصاءات تشير إلى وجود فرص كامنة لم تستغل بعد ومجالات استثمارية رائدة في عدة قطاعات تعد واعدة بكل المقاييس الاقتصادية والاستثمارية.
واعتبر محافظ هيئة الاستثمار أن الاتفاق على رؤية مشتركة موحدة ووضع آليات واضحة لتوطين النشاط الاستثماري سيعظم الاستفادة من إنفاق الدولة الهائل والسخي لقطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم والإسكان والنقل والبناء والتشييد وغيره في تأسيس وتوطين الصناعة ورفع نسبة المحتوى المحلي وتأسيس كيانات كبيرة في مجال الخدمات والمساندة إلى جانب دعم ومساندة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال استهداف نسبة معينة من موازنة الدولة لهذه الفئة.
وأضاف: "لو تتبعنا المراحل التي مرت بها المملكة بدءا من ثلاثينيات القرن الماضي أي مرحلة التأسيس وسعي القائد المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- إلى توفير الموارد المالية اللازمة لبناء الدولة على أسس اقتصادية ثابتة وراسخة مرورا بمرحلة الستينيات والسبعينيات التي شهدت استكمال بناء المؤسسات والأجهزة الرسمية والتوسع في بناء المدارس والجامعات والمستشفيات والمطارات والبنى التحتية الأساسية من طرق ومحطات توليد الكهرباء وتحلية المياه، وكذلك إقرار خطط تنموية طموحة تبني سياسات مالية واقتصادية متزنة ومرنة في الوقت نفسه جعلت المملكة دائما في وضع يمَكِّنها من تجاوز أو الحد من الآثار الناجمة عن الأزمات المالية والاقتصادية والأحداث والقلاقل السياسية التي شهدها العالم من حولنا في العقود الثلاثة الأخيرة، إضافة إلى تقلبات أسعار النفط التي انعكست على التنمية في الدول التي يمثل النفط مصدرا رئيسا لتحقيق التنمية ومنها المملكة".
#3#
واعتبر المحافظ أن ما تمتلكه السعودية حاليا من تجارب، وخبرات متراكمة التي تكونت لديها، وقصص نجاح متعددة بالاستطاعة تكرارها أو البناء عليها يجعلها مهيأة أكثر من أي وقت مضى في توظيف إمكاناتها الاقتصادية وإيراداتها المالية، لتحقيق مزيد من التنوع الاقتصادي الذي ما زال دون طموحات ولاة الأمر والانتقال من مرحلة الإنفاق على المشاريع واستيراد التقنية والمهارات اللازمة لتنمية هذا القطاع أو ذاك إلى مرحلة أكثر تقدما تستهدف بناء المشاريع مع تفعيل النشاط الاقتصادي والاستثماري للقطاع بشكل عام من خلال تبني سياسات وتشريعات تساهم في تحقيق الاستغلال الأمثل للإنفاق الحكومي تحفز على توطين الصناعة ورفع المستوى المحلي ونقل التقنية وتأسيس كيانات كبيرة في مجال الخدمات المساندة إلى جانب دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتخصيص حصص معينة من موازنة الدولة لإشراكها في تنفيذ مشاريع التنمية.
وذكر محافظ الهيئة العامة للاستثمار عددا من الأرقام والإحصاءات المتعلقة بعدد من القطاعات منها الصحة والتعليم والبناء والتشييد والطاقة بيَّن فيها حجم ما ينفق على استيراد مواد ومنتجات أساسية يمكن إقامة صناعات لها في المملكة، كذلك ما ينفق على العقود التي يمكن إنشاء كيانات وطنية قادرة على تنفيذها، كما تطرق إلى النمو المطرد للإنفاق الحكومي، ولفت إلى أن تركيز ميزانية الدولة في المستقبل المنظور سيكون على قطاعات الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم والتدريب والنقل والاتصالات والخدمات البلدية، وهذا سينعكس على زيادة الطلب بصورة كبيرة على الخدمات في تلك القطاعات.
#4#
وخلص محافظ الهيئة العامة للاستثمار إلى أن تحقيق أهدافنا التنموية المستدامة وتوطين الوظائف يتطلب توحيد جميع الجهود والمبادرات التي أطلقت في السنوات الأخيرة، في إطار خريطة استثمارية موحدة مبنية على التنسيق والتشاور بين مختلف الجهات ذات العلاقة، مشددا على أن المواءمة بين استراتيجيات وبرامج ومبادرات تستهدف توطين الاستثمار ورفع نسبة المحتوى المحلي تقوم حاليا بتنفيذها جهات مثل: (وزارة التجارة والصناعة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبد الله للطاقة، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ووزارة الصحة، و"أرامكو"، والقوات المسلحة السعودية، ومعادن، وهيئة الاستثمار، ومدينة وعد الشمال)، والخروج برؤية استثمارية موحدة والاتفاق على خريطة استثمارية شاملة تربط بين أهداف تلك البرامج والخطط ودعمها بمنظومة متكاملة من التشريعات والحوافز وهو ما ستعمل عليه الهيئة خلال المرحلة المقبلة بالتشاور والتنسيق الكامل مع الجهات ذات العلاقة.
ومن جانبه، بين المهندس محمد بن عبد الكريم بكر، رئيس جمعية الخريجين لجامعة MIT، أن الجمعية ومنذ عدة سنوات بدأت في إرساء تقليد جديد يعطي دورا أكبر لخريجي الجامعات في خدمة مجتمعهم عن طريق استضافة المحاضرات والندوات التي يلتقي فيها المسؤولون ورجال الصناعة والأكاديميون لطرح موضوعات وقضايا متخصصة وفي نفس الوقت ذات نفع عام.
#5#
وأشار المهندس بكر إلى أن الجمعية تعقد لقاء سنويا تستضيف فيه محاضرين مميزين للتحدث في موضوعات تهم مجتمع رجال الأعمال، إذ استضافت في الأعوام الماضية الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والدكتور هاشم عبد الله يماني، عندما كان وزيرا للتجارة والصناعة، وبعد أن أصبح رئيسا لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وكذاك المهندس على النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، وخالد الفالح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، والدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي، والبروفيسور "تشون فونق شي" رئيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، البروفيسور "روبرت آرمسترونق" رئيس قسم الهندسة الكيميائية في الجامعة، وشاركت جمعية الخريجين في العديد من الندوات التي تهدف إلى مساعدة الشركات على وضع توقعات التحديات والاستعداد لمواجهتها.
وقبيل نهاية اللقاء، طرح عدد من الحضور عددا من الأسئلة على محافظ هيئة الاستثمار تركزت على معوقات الاستثمار الصناعي في السعودية، ورد عليها المهندس العثمان بأنه لا بد من الضرورة من وضع حوافز وآليات معينة للاستثمار، وسن أنظمة وإجراءات جديدة لتحقيق هذا الهدف، وأن يكون جزءا منها الذي يتطلب الحماية لفترة معينة، ولفت إلى أنه بالإمكان أن تكون مفتوحة لكل من أراد أن يستثمر طالما أنه ينقل التقنية ويخلق الوظائف في السعودية، مرحبا بالشركات العالمية للاستثمار داخل المملكة، ونقل خبراتها وتقنياتها.
#6#
وفي سؤال آخر أجاب العثمان عن عدم تطرقه للحديث عن قطاعي الكهرباء والتحلية، وبين أن عدم ذكر مثل هذين القطاعين ليس بسبب تجاهله لهما، وإنما ذكر بعض القطاعات للأمثلة وليس للحصر، وأشار إلى أن هناك تعاونا ما بين هيئة الاستثمار وشركة الكهرباء السعودية، للخروج بمبادرة في مجال الهندسة.
وذكر أن هناك فريقا يزور غالبية القطاعات متدنية المستوى، ويتم التعامل مع المخالف منها بصرامة ودقة، والاستثمارات التي لا ترقى في المستوى، وكلها ملتزمة بجميع الإجراءات تعطي مهلة عندما ترصد عليها الملاحظات، وتُخير ما بين تحسين الوضع أو الخروج من السوق، لافتا إلى أن هناك صيغة قانونية يجب أن تحترم.