مشكلة الاسكان بين الحلول والاعتذار!!
اصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- بالأمس القريب أمره الكريم بصرف ارض وقرض لكل مواطن، و ان يتم تحويل صرف أراضي المنح من وزارة الشئون البلدية والقروية الى وزارة الإسكان، والذي يتوقع منها تقوم بتنفيذ هذا الامر بناء على مبدأ الاستحقاق حسب تصريح وزيرها، هذه الوزارة ذات الحمل الثقيل و التي يتطلع لها المسئول قبل المواطن لحل مشكلة كانت ولازالت مستعصية تتداخل فيها أطراف كثيرة وتقلق أطراف اكثر وعلى رأسها قيادة هذا البلد المعطاء، و قبل الخوض في تبعات هذا القرار سوف احاول سرد بعض الاحصاءات والأرقام من باب التذكير رغم معرفة الجميع بها .
يشير تقرير النتائج التفصيلية للتعداد العام للسكان والمساكن 2010 الى أن عدد الاسر المالكة لمنازلها في السعودية تعادل 60% من مجموع الاسر في ذلك الوقت ، وتقل هذه النسبة في المدن الكبرى حيث تصل الى نسبة 48.3% في مدينة الرياض والى 42.4% في الدمام و42.6% في جده وتزيد كلما صغر حجم المدينة وقل عدد سكانها، مع ملاحظة ان هذه النسب تشمل المساكن الشعبية و (الاخرى) التي قد لا تصلح للسكن اصلا فضلا عن اعتبارها مسكن، حيث تشير احصاءات وزارة الاسكان الى ان نسبة المساكن الشعبية و(الاخرى) تعادل 13.2% من مجموع المساكن في منطقة الرياض وصولا الى 32.4% في منطقة مكة المكرمة وتقفز الى 52.4% في منطقة حائل والى 76.6% في منطقة جازان . ويلاحظ ايضا ان هذه الارقام تتغير كلما كان مصدر التقارير مستقلا عن المصادر الحكومية الرسمية كتقارير البنوك والشركات ذات العلاقة بالتمويل و الاستثمار العقاري وغيرها. علاو على ذلك تنفق كثير من الاسر على الايجارات ما يعادل اكثر من 30% من مجموع دخلها الشهري، بما يعني تأكل دخلها وحرمان افرادها من ادخار هذه الاموال او انفاقها في مصارف تساعد على تحسين حياة هذه الاسر ومستقبلها، أضف الى هذه الارقام الى ان اكثر من 50 الف مواطن ممن صرف لهم القرض العقاري لم يتمكنوا من استلام قروضهم لعدم قدرتهم على شراء ارض للبناء عليها.
من هنا نجد ان مشكلة الاسكان مشكلة كبيره وكبيره جدا ولا تتعلق بجهة واحدة او حل واحد ، وانما تتوجب منا جميعا المشاركة في حلها ، وما حزمة الحلول التي حاولت وزارة الاسكان ومعها مجلس الشورى طرحها وتفعيلها كالرهن العقاري والقرض المعجل والقرض الاضافي وآخرها الأرض والقرض الا حلول وخطوات في الاتجاه الصحيح ولكنها مجرد الخطوات الاولى فقط، انني كمهتم بهذا الموضوع أتطلع ان تقوم الوزارة بعمل اكبر من مجرد اطلاق المبادرات والحلول الى نتائج عملية ملموسة على ارض الواقع ومشاريع تسلم على ارض الواقع واسر تسكن في مساكن تليق بها و وتليق بمكانة وقوة اقتصاد بلدها.
أن صرف ارض وقرض للمواطن من جهة واحدة لتمكينه من البناء هو حل عملي و مجرب في دول الخليج المجاورة، لا يساعد في تحقيق التوازن في السوق فحسب وانما ايضا صرف الاراضي لمن يستحقها وليس فقط لم يطلبها، هذ الحل وبالرغم من الإشكالية الكبيرة بان ارضي المنح معظمها عباره عن ارضي بلا خدمات تساعدها على الجذب والبقاء الا انه يعتبر حل استراتيجي يبنى عليه الكثير من الحلول والمنتجات الاخرى، ومنها مشاركة شركات التطوير العقاري وشركات تطوير البنية التحتية (المحلية والخارجية) تطوير اراضي المنح ومدها بالخدمات، بحيث تصبح الوزارة الجهة المشرفة وليست المنفذة من غير الدخول في مشاكل تفاصيل التطوير و الانشاء والتي سوف يدخلها بمعركة مع الزمن تؤدي الى تأخير تنفيذ المشاريع وتعثر تسليم الوحدات و تعقيد مهامها اكثر مما هي معقدة اصلا.
ان دخول الوزارة في شراكة مع القطاع الخاص المحلي و استقطاب الشركات الدولية في مجال تطوير البنية التحتية لأراضي سوف يساعد الدولة على دفع عجلة الحلول الى الامام وتكوين اذرع تساعد الوزارة على تحقيق اهدافها وتسليم وحداتها في الوقت والزمن المحددين، اننا مازلنا نعقد الآمال على وزارة الاسكان رغم تأخر بعض مشاريعها ورغم فقد كثير من الناس ثقتهم بها حسب كلام مسئوليها ورغم الاعتذار الشجاع الصادر منهم.