دروس مستقاة من ندوة الطاقة السعودية المستدامة

شهدت الرياض في يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين 13 و14 جمادى الآخرة ندوة الطاقة السعودية المستدامة التي حضرها آلاف من المتخصصين في الطاقة الذرية والطاقة المتجددة من جميع أنحاء العالم، وذلك لمحاولة الدخول إلى السوق السعودي الذي يتأهب لبدايات الاستثمار في الطاقة الذرية والمتجددة.
ومن الملاحظات التي برزت أن الجميع متنافسون وأن كل مورد أو شركة خدمات يرى أنه هو الأكثر كفاءة وجودة، وجميعهم ينتظرون اللمسات الأخيرة من مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لتدشين أحسن الطرق التي ستمكنهم من الدخول إلى السوق والمشاركة في بناء مشاريع الطاقة الطموحة التي تخطط لها.
وقد ركز الجميع على مصطلحات منها off taker، حيث إنه يتعين على المدينة إنشاء هيئة تعمل كوسيط بين منتجي الطاقة وموزعيها، حيث تشتري بسعر مدعوم، ومن ثم تبيع على موزعي الطاقة بسعر معقول يناسب قدرة السوق.
ومن المصطلحات الأخرى التي جرت على كل لسان feed in tariff ومعناه أن تدفع الدولة جزءا من التعرفة الكهربائية ليصل السعر إلى مستوى ربحي معقول للمنتجين، وهذا الأمر ضروري في البدايات وربما حدد لسنوات معينة مقبلة إلى أن تقوم الصناعة على قدميها وتصبح غير محتاجة للإعانات تماما كما هو الوضع في ألمانيا التي حققت نسبة 30 في المائة من طاقتها الكهربائية من الطاقة الشمسية باتباعها هذا الأسلوب.
ومن الملاحظ أن الكل متحفز ويراقب الخطوات المقبلة لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة خصوصا في موضوع إنشاء الهيئة الخاصة بشراء وبيع الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تعد بوابة الدخول إلى الطاقة المستدامة التي تنشدها المملكة مع ما يصاحبها من حوافز قد تختلف بأشكالها، ولكنها تصب في مجال الدعم الذي تحتاج إليه هذه الصناعة الفتية.
وما يذكر الآن ويتداول أشبه ما يكون بتجربة المملكة في تحفيز إنتاج القمح، حيث منحت الدولة الأراضي الزراعية مجانا عن طريق وزارة الزراعة، وقدمت إعانات وما زالت تقدر بنصف قيمة المعدات الرأسمالية، مع قروض دون فوائد أو رسوم إدارية تصل إلى عشر سنوات وذلك بواسطة البنك الزراعي السعودي وضمنت سعرا مشجعا، حيث تشتري صوامع الغلال القمح بسعر عال من المزارع وتبيعه بسعر منخفض للمستهلك ومع ما لدينا من شح في الموارد المائية إلا أن هذا الأسلوب أوصلنا إلى تصدير القمح إلى خارج المملكة.
وكما أن السلع الغذائية مثل القمح تصدر إلى الخارج فإن الكهرباء أيضا نستطيع تصديرها إلى الخارج خصوصا الدول المجاورة، حيث ظهر لنا مصطلح Smart Grid الشبكة الذكية التي يحاول العالم هذه الأيام بناءها لتربط الدول المجاورة ببعضها وذلك لتسهيل تبادل الكهرباء بينها وفي أوقات مختلفة تكون المصلحة المشتركة هي القاسم المشترك، حيث يستفاد من الفائض لدى دولة معينة في وقت معين لسد النقص في الدولة الأخرى والعكس صحيح.
ولن تستطيع مدينة الملك عبد الله القيام بكل هذه الأعمال منفردة بل تحتاج إلى دعم من وزارة التجارة والصناعة التي شرف وزيرها الدكتور توفيق الربيعة هذه الندوة وكأنه يجيب عن تساؤلي السابق وانضم إليه الدكتور عادل فقيه وزير العمل، ولكننا في حاجة إلى عدد أكبر من الوزارات والهيئات لتشارك في هذا المشروع الفريد من نوعه على مستوى العالم.
وكثر الكلام عن توطين التقنية واشتراطها على كل من يريد أن يدخل مجال إنتاج الطاقة الذي في اعتقادي سيأتي دون تكلف مع مرور الزمن وسيتيح الكثير من فرص العمل للمواطنين وسيمهد لتنمية مصدر جديد للطاقة لا ينضب ويعد دخلا كبيرا للأجيال المقبلة.
ومع الجهود المشكورة لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة والتي تتعامل مع فرصة لا تتكرر، حيث إن المملكة تملك الموارد المادية في الوقت الحاضر لبناء بنية تحتية لهذه الصناعة ولن يفوتنا القطار ونحن اليوم نتطلع إلى خطوات عملية تتمثل في سرعة إنشاء الهيئتين الاعتباريتين لشراء وتسويق الطاقة الذرية والمتجددة لنبدأ الإبحار بمشيئة الله في عصر طاقة المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي