شركة توفير الطاقة جسر العبور للطاقة المتجددة

ظهرت شركات توفير الطاقة Energy Saving Co. ESCO في أوائل السبعينيات من القرن الماضي وذلك بسبب أزمة الطاقة التي مرت بها أوروبا وأمريكا، وتهدف هذه الشركات إلى توفير الطاقة بدراسة مستفيضة لأسلوب ونمط استهلاك مؤسسة معينة للطاقة الكهربائية، ومن ثم إيجاد حلول عملية لتخفيض فاتورة استهلاك الكهرباء وتقاسم هذا التوفير مع هذه المؤسسة لمدة تصل من خمس إلى 20 سنة.
ومن الملاحظ أننا في المملكة قد لا نحتاج إلى دراسة مستفيضة لتقدير الحاجة إلى شركة وطنية تقوم بعملية توفير كبير لهدر الطاقة المدعومة من قبل الدولة وذلك ببيعها برميل النفط لإنتاج الكهرباء لدينا بسعر مخفض جدا يصل إلى أقل من تكلفة إنتاجه بسعر محدد لا يتعدى أربعة دولارات للبرميل، بينما باستطاعتنا بيعه وتصديره إلى الخارج بسعر يصل إلى 100 دولار، وهذا الدعم يعد أكبر دعم في التاريخ، حسب علمي بل إنه وضع لا يمر.
ولو قام تجمع من عدد من القطاعات المسؤولة حاليا عن إنتاج الطاقة لدينا في المملكة بإنشاء شركة لتوفير الطاقة، وذلك مبني على مبدأ استبدالها الطاقة المتجددة مقابل بيع النفط الموفر في السوق العالمية، وعلى الأخص طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لاستطاعت هذه الشركة دفع كامل التكلفة الرأسمالية للمشاريع الجديدة للطاقة المتجددة مع التعرفة الحالية لمزود الخدمة في المملكة، وأبقت على ما يزيد على نصف قيمة النفط المباع للخارج كأرباح آنية متوقعة، حيث إن ما أوردته هنا لا يحتاج إلا إلى آلة حاسبة ومعادلة رياضية للتأكد من هذه المكاسب الكبيرة التي ستعود على ملاك الشركة الجديدة والمجتمع كافة.
وقد تكون هذه الشركة الجديدة هي ما تزمع إنشاءها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة كمستقبل للطاقة المتجددة ومسوق لها على جهات الاستهلاك في المملكة، أو تضاف إلى الشركات الثلاث التي تحت الإنشاء في الشركة السعودية للكهرباء التي ستعيد هيكلة الشركة السعودية للكهرباء إلى شركة قابضة أو مع ثلاث شركات متفرعة منها لخدمة قطاع التوليد، ومن ثم قطاع النقل فقطاع التوزيع، وقد تكون شركة وطنية مستقلة تتولى القيادة فيها شركة أرامكو السعودية أو صندوق الاستثمارات العامة أو غيرهما.
ومع كل هذا الدعم إلا أنه لولا دعم الدولة للشركة السعودية للكهرباء بضمان ربح مجزٍ في نهاية سنتها المالية التي عادة تظهر خسائر كبيرة، لكانت الشركة السعودية للكهرباء أغلقت أبوابها منذ عقود مضت، وإن لم تغلق أبوابها في الماضي فإن المستقبل ينذر بسواد كبير، وهذا هو ما يستدعي سرعة معالجة هذا الوضع الأعرج ومحاولة استقامته بإدخال الطاقة المتجددة بشكل سريع وعملي ومربح.
وستقوم الشركة الجديدة بتسلم ضمني من الدولة لكميات النفط التي تعطى لشركة الكهرباء السعودية لحرقها يوميا لإنتاج الطاقة، ومن ثم يصرح لها بتصدير التوفير إلى الخارج بقيمة مساوية لقدرة أية مشاريع جديدة للطاقة المتجددة، منفذة تحت إشرافها ومساعدتها، وقد تتقاسم هذا التوفير مع مزودي خدمة الطاقة المتجددة بضمان تعرفة مجزية تقدمها لهم، ومن ثم تقايضها مع النفط الموفر الذي سيباع لصالحها في السوق العالمية وتبقي الفارق الكبير لمؤسسيها ومساهميها كأرباح مضمونة لفترات طويلة من الزمن.
ونلاحظ الكثير من التساؤلات من المتخصصين العالميين في إنتاج الطاقة بشكل عام عن مدى جدوى إحراق كل هذه الكميات من النفط الذي يتزايد بمعدل كبير، وفي حال استمراره سيستهلك كل إنتاجنا من النفط خلال عقدين من الزمن ولن يتبقى شيء للتصدير، وتتضح هذه التساؤلات عندما يأتي ذكر ما أنعم الله به على هذه البلاد من ثروات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي وصلت التعرفة العالمية فيها إلى معدل مساوٍ لقيمة تعرفة الوقود النفطي بالنسبة للطاقة الشمسية، أما طاقة الرياح فقد وصلت إلى معدلات أخفض من تعرفة النفط.
ولعلي أختم بملاحظة قالها مدير المؤسسة العالمية لطاقة الرياح في منتدى الطاقة المستدامة فيما معناه ''إننا لا زلنا نتقدم قليلا ونتراجع أكثر في مسألة مصيرية وهي تبني الطاقة المتجددة، مع أن الصين في أقل من عقد مضى أنتجت ما يساوي ضعفي ما تنتجه المملكة يوميا من طاقة الرياح فقط بصمت وكفاءة واستدامة لا مثيل لها، وهذا هو ما ينقصكم أيها السادة''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي