دورات وبرامج الصيف .. من وسيلة تعليمية إلى فصول لملء الفراغ
قال لـ ''الاقتصادية'' مختصون في مجال التدريب، إن الدورات الصيفية الموجهة للطلاب والطالبات، ابتداء من المرحلة المتوسطة حتى الجامعية، تحولت إلى طرق لمجرد ملء الفراغ في غالبها الأعم ولم تعد وسيلة تعليمية فعلية، لافتقارها للتخطيط السليم والدراسة البحثية، مؤكدين على ضرورة رفع قيمة المكافأة للتدريب من 500 ريال لكونها غدت غير مقنعة لدى العديد من الطلبة في بذل جهد أكثر خلال الدورة الصيفية.
وبحسب ما أفاد الدكتور عبد الرحمن الربيعة رئيس اللجنة الوطنية للتدريب بمجلس الغرف السعودية، يخلو التدريب الصيفي للطلاب والطالبات من برامج مفيدة لا سيما الموجهة منها للطالبات، وذلك يرجع إلى عدم توافق المادة العلمية المدرَّسة في إجازة صيف هذا العام مع المادة المعطاة في صيف العام الماضي، وبالتالي يتخرج الطلبة من هذه الدورات الصيفية العشوائية دون فائدة أو حصيلة علمية ترتجى.
وأضاف الربيعة أن التدريب الصيفي يفتقر إلى دراسة ميول الطلبة وبحثه عن مواد متوافقة مع احتياجاتهم وعلى إثر ذلك يتم وضع برامج متناسبة لجعلهم طلاب وطالبات متميزون ومبدعون، كما أن كثيرا من الدورات الصيفية تنفق عليها أموال ولكن لا يحضرها الطلاب نتيجة عدم توافر وسائل جذب وبرامج مشجعة على المواصلة، ولذا فإن هذه الدورات هي عبارة عن ملء فراغ وليس برنامجا تدريبيا لضعف المحصلة التعليمة في نهاية التدريب.
وشدد رئيس اللجنة الوطنية للتدريب بمجلس الغرف السعودية على أهمية إيجاد استراتيجية للتدريب الصيفي بسبب غياب المحصلة التعليمية الناتجة عن التدريب، من خلال جهة منظمة للبرامج الصيفية عن طريق وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للتدريب المهني بحيث يكون هنالك تقييم لكل طالب وقدراته وماهية ميوله في مختلف مراحله بما في ذلك التدريب الاجتماعي لوجود نسبة عالية من الطلاب والطالبات الذين يرغبون في تعلم الخدمة الاجتماعية.
وحول دفع الأهالي أبناءهم لدراسة الدورات الصيفية دون رغبة من الطلبة أنفسهم يجد الربيعة أن الأهالي لا يلامون على دفع أبنائهم للاستفادة من الدورات، وإنما يفترض توجيه الطلاب كل حسب مستواه العلمي وميوله الشخصية وأخذها بمحمل الجدية مع مراعاة إعطاء المادة التدريبية على عدة مراحل من أجل استشعار الفائدة.
من جانب آخر، أكد الدكتور أيمن بشاوري رئيس لجنة الموارد البشرية والتدريب بالغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة وجود فجوة بين التدريب الصيفي ومتطلبات سوق العمل لعدم توافق المادة العلمية في التدريب مع حاجة سوق العمل وعدم تناسبها مع التعليم الدراسي، خاصة الدورات التعليمية منها الموجهة للإناث، وبالتالي يجد الطالب نفسه أمام شيء مختلف كليا، مستدركا أن بعض المعاهد الأهلية تعطي حقائب تدريبية شكلية فقط دون الاعتناء بالمضمون بعذر السعر وخلافه، ما يؤدي إلى وجود خلل في الحقيبة التدريبية والمادة العلمية ذاتها.
وأشار بشاوري إلى ضرورة تغيير الفكر حيال الدورات الصيفية والبعد في البحث عن الأرخص سعرا في مقابل النظر لما يعطى ويزود به الطلبة، مع أهمية وجود اتصال بين وزارة العمل مع وزارة التربية والتعليم لمعرفة الأنسب لرفع إمكانيات الطلبة، منوها بأن تطبيق نظام التدريب على رأس العمل من شأنه تحسين المستوى الفكري والثقافي بسبب سعي المنشآت إلى الحصول على أفضل المتاح في سوق العمل من الأيدي الوطنية.
وبينت مها محمد العيدان عضو لجنة مراكز التدريب الأهلية في الرياض، أن التدريب الصيفي له قيمة وأهمية عالية من خلال الأنشطة المتنوعة التي يتم طرحها في المراكز والأندية سواء كانت حكومية أم أهلية، ومن أهم هذه الفوائد هو استثمار أوقات الفراغ بما هو مفيد، يضاف على ذلك إثراء المعلومات العامة للطلاب والطالبات بتوسعة مداركهم وإكسابهم لمهارات جديدة ومتنوعة، مع المشاركة وتبادل الخبرات، مشيرة إلى أن التدريب الصيفي ينقصه التحفيز والتنويع والدعم من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتدريب.
وقالت عضو لجنة مراكز التدريب الأهلية في الرياض، إن وعي الأهالي بأهمية التدريب الصيفي وحثهم أبناءهم بالإقبال على مثل هذه الأنشطة المفيدة من الأمور التي يحتاج إليها التدريب الصيفي سواء كان في الأنشطة الدينية أم التربوية، أم الثقافية والفنية، أم المهنية والترفيهية.
وأوضح الدكتور عدنان الشخص أكاديمي سابق ومختص في الاستشارات التربوية أن الدورات الصيفية بلا شك معززة للعملية التعليمية لكنها لم تعط العناية الكافية لكي تخطط بالشكل الجيد جراء أن كثير منها تم كمجرد طلب من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية أو وزارة العمل للمؤسسات والشركات لعمل برنامج صيفي وليس بالضرورة أن يكون مدروسا بالشكل الجيد، وبالتالي لو تم دراسة هذه الدورات والبرامج الصيفية بما يتوافق مع حاجة الطلبة عندها سيتخرج منها أبناؤنا بفائدة ممتازة، بحيث سيستعمل فيها تطبيق المهارات الدراسية بالحياة العملية بانعكاس عملي إيجابي.
وأبان الشخص أن السنوات الثلاث الأخيرة الدورات الصيفية فيها أغلبها مركز على تعليم اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي إلا أنها لم تنضج بعد بالشكل المؤمل، ولذا نريد تحقيقها من خلال برنامج مخطط له بما يساهم في تنمية المهارات خاصة أن الطلبة لديهم طاقات عالية تفوق ما يعطى لهم خلال هذه الدورات، مؤكدا على أهمية رفع قيمة مكافأة التدريب الصيفية من 500 ريال لأكثر لكونها غدت غير مقنعة لدى بعض الطلاب في بذل جهد أكثر.
ويرى الأكاديمي السابق أنه لو تم التركيز في كل هذه الدورات على المتدرب ذاته وماذا سيستفيد منها في نهايتها سيعمل هذا التركيز على تحسين مخرجات التدريب وتطوير القدرات والمهارات، في مقابل أن بعض المنشآت جل اهتمامها هو كيفية تحقيق متطلبات وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية دون السعي في إعطاء المتدرب أو المتدربة فائدة حقيقية.