افرش منديلك
اقترحت وزارة التربية والتعليم على وزارة المالية شراء أراض في المخططات الجديدة. لا أستغرب هذا الطلب، فما زالت نسبة كبيرة من المدارس تقع في مبان مستأجرة ومتهالكة. وزارة المالية رفضت الاقتراح بحجة أن ''التربية والتعليم'' بحاجة أولاً إلى تنفيذ مشاريعها المعلقة.
لم تفقد وزارة التربية والتعليم الأمل ورفعت معروضاً مختوماً إلى وزارة العدل. المعروض يتضمن طلباً بوقف بيع الأراضي المخصّصة للمرافق التعليمية وأن يتم التعميم على المحاكم بوقف إفراغ هذه الأراضي. وزارة العدل بدورها عمّمت على جميع المحاكم وكتابات العدل بضرورة التنسيق مع وزارة التربية والتعليم قبل إفراغ أرض أي مرفق تعليمي سواء كان بيعاً أو شراءً.
ليس لديّ أدنى شك في أن أعضاء مجلس الشورى يشكرون الله أن هذه المعاملة لم تحول للمجلس، فهم على وشك بدء إجازتهم السنوية التي تعدّ الأطول بين الجهات الحكومية بمن فيهم ربما المعلمون والمعلمات وهم ليسوا بحاجة إلى موال جديد.
طيب ما الحل؟ تقديم معروض إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية لن يفيد، فالوزارة ''محتاسة'' في مشكلة التعديات على الأراضي الحكومية وتبحث عن حلول لطلبات حجج الاستحكام وادعاء الملكيات وآليات تفعيل نظام لائحة الممتلكات البلدية.
ماذا عن إقحام وزارة العمل؟ لا أعتقد، فمشروع تصحيح أوضاع العمالة الوافدة أكبر ''صداعاً'' من أرض هنا أو هناك للمدارس الحكومية. باختصار، ''العمل'' تردد موال: ''ما أبغاك.. يكفيني تعب''.
وجدتها! وزارة الإسكان هي الحل. قد تكون هذه أيضاً محاولة يائسة لأن حجم الطلب على المساكن في المملكة حتى عام 2020 يصل إلى أكثر من مليوني وحدة سكنية، أي أن لدينا فجوة كبيرة بين العرض والطلب ولن تستطيع ''الإسكان'' تلبية رغبة ''التعليم''.
لماذا لا نعالج المشكلة من أساسها؟ من غير المنطقي ترديد موال اتهام قلة مصادر التمويل العقاري، أو عدم وجود التشريعات والإجراءات النظامية أو غياب الرؤية الاستراتيجية الخاصة بالإسكان أو العشوائية في توزيع الأراضي والمنح أو حتى ارتفاع أسعار البناء. ليس من العدل اتهام أصحاب الأراضي البيضاء المملوكة الصالحة للسكن فهي لا تتجاوز نسبة ضئيلة لا تتعدى 70 في المائة. من المؤكد أن المتهم الأول في سبب شح الأراضي هم الشباب الذين تزداد أعدادهم وتتضاعف متطلباتهم.
بصراحة لا أحسد وزارة التربية والتعليم على وضعها الصعب، وخاصة أن المبنى الجديد لإدارة التربية والتعليم الذي يجري تنفيذه في منطقة نائية مثل صبيا لم يكلف الوزارة سوى 45 مليون ريال. لن يشكل هذا المبلغ عبئاً كبيراً على الوزارة، فهناك قضايا اختلاس في إدارة تعليم الرياض وحدها تتجاوز 150 مليون ريال.
إفساح الأراضي قد يكون موالاً من تاسع المستحيلات، وربما أفضل الحلول هو أن تفرش منديلك وتنتظر وأنت تستمع لماهر العطار:
افرش منديلك ع الرملة .. وأنا ألف وأجيلك ع الرملة
وأقعد وأحكيلك ع الرملة .. وأسمع مواويلك ع الرملة