العمالة المخالفة تسابق الزمن مع قرب انتهاء فترة التصحيح
تقترب مهلة تصحيح أوضاع المخالفين لنظام الإقامة والعمل في السعودية من الانتهاء وليس هناك ما يؤكد تمديدها رسميا، في وقت تخوض فيه العمالة المخالفة سباقا مع الزمن قبل الموعد الفعلي المحدد لانتهائها الأربعاء المقبل، بحسب "الفرنسية".
وأوضحت وزارة العمل قبل عشرة أيام، أن عدد المستفيدين من المهلة التصحيحية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومدتها ثلاثة أشهر، بلغ أكثر من مليون ونصف المليون خلال شهرين.
وتحت قيظ لاهب بلغت حرارته 44 درجة مئوية، يقف عشرات في طابور أمام قنصلية الفلبين في الرياض من أجل الحصول على وثائق، حيث تقول شارون التي تعمل خادمة في أحد المنازل لـ "فرانس برس" فور خروجها من مبنى القنصلية: "أحاول الحصول على جواز سفر جديد بعد أن يئست من العثور على كفيل، فهذا ليس أمرا مضمونا".
وتضيف المرأة المكتنزة (38 عاما) بحسرة "أنهيت معاملة البصمة الإلكترونية الثبوتية وأوراق الترحيل وأصبحت بحوزتي، أنتظر اتصالا هاتفيا للحصول على جواز سفر".
من جهتها، تقول آن (25 عاما): "أنهيت معاملات البصمة وأصبحت لدي وثيقة سفر"، مضيفة: "أبحث منذ يومين عن مكان في رحلة متجهة إلى مانيلا، حيث تعيش ابنتي التي لم أضمها منذ أربع سنوات".
وفي جدة، يقف علي رحمن وهو إندونيسي الجنسية عالقا خارج أسوار قنصلية بلاده في انتظار الحصول على بعض الوثائق لإكمال عملية التصحيح.
ويقول رحمن ( 35 عاما)، الذي يعمل سائقا لدى إحدى العائلات: "لا أمل لدي إلا في حال الإعلان عن تمديد مهلة التصحيح، كما ترى لا يزال المئات منا عالقين هنا، ويلزمنا وقت آخر في مكاتب الجوازات والعمل فور الانتهاء من القنصلية".
يذكر أن غالبية العمال الوافدين المخالفين هم من الهند وبنجلادش وإندونيسيا وباكستان والفلبين واليمن ومصر.
ويوضح المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن "حملة التصحيح ستكون لها آثار إيجابية وأخرى سلبية".
وأضاف "الأمور الإيجابية تتمثل في إعادة تنظيم سوق العمل والتخلص من الفوضى العارمة، وتوفير وظائف وفرص استثمارية للسعوديين كما ستحفظ للعاملين الأجانب حقوقهم وتحميهم من تعسف الكفلاء".
وتابع "إن الآثار السلبية تنحصر في تفريغ السوق من العمالة في فترة زمنية محددة ما سيؤدي إلى إرباك قطاع الأعمال الذي يعتمد في جزء مهم منه على العمالة السائبة والمخالفة".
وفي هذا السياق، قال الهندي راجيف شوكيري الذي عمل فراشا لأكثر من عشر سنوات في الرياض: "أغادر المملكة قبل انتهاء المهلة لأنني لم أتمكن من نقل الكفالة".
وأضاف العامل البالغ من العمر (39 عاما): "طلبت مني الجهة التي أعمل لديها المغادرة لأنها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بي؛ لكنني سأحاول العودة بواسطة تأشيرة جديدة".
ورأى البوعينين أن "خفض حجم العمالة الأجنبية المخالفة يؤدي إلى زيادة الطلب على السعوديين من الجنسين في قطاعات التعليم والصحة والصناعة والتجزئة"، لكنه استبعد "قطاع المقاولات غير الجاذب للسعوديين".
وعما إذا كان تصحيح الأوضاع سيحد من المتاجرة بالتأشيرات، قال: "هذا الأمر مرتبط بوزارة العمل القادرة على وقف استغلال تأشيرات العمل والمتاجرة بها".
وشدد الاقتصادي على أنه "يجب أن توقف وزارة العمل إصدار التأشيرات وتبدأ في توظيف العمالة التي تم تعديل أوضاعها"، لافتا إلى أنه "إن لم تكن الأعداد المغادرة منذ بداية الحملة أكثر من العمالة الداخلة فذلك يعني الفشل حتى إذا تم تعديل أوضاع المخالفين".
وكان مسؤول في إدارة الجوازات قد أكد قبل ثلاثة أسابيع مغادرة 180 ألف وافد السعودية بشكل نهائي منذ مطلع نيسان (أبريل) حتى مطلع حزيران (يونيو) الحالي.
يذكر أن حملات الترحيل التي بدأت مطلع العام الحالي شملت ما يقل عن 200 ألف مخالف خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
ومن الصعوبة بمكان معرفة الأعداد الحقيقية للمخالفين الذين تقدرهم مصادر اقتصادية بنحو ثلاثة ملايين.
وتؤكد وزارة العمل وجود أكثر من ثمانية ملايين وافد في السعودية، حيث تبلغ نسبة البطالة رسميا 12,6 في المائة لكنها تتجاوز 30 في المائة لدى الإناث.
وختم البوعينين أن "هدف الحملة بالإضافة إلى تصحيح وضع المخالفين، هو خفض حجم العمالة الكلية بما لا يقل عن 30 في المائة، وإن لم يتحقق ذلك فلا يمكن القول بنجاح حملة التصحيح".
في المقابل، يقول عبد الوهاب أبو داهش، الخبير الاقتصادي، إن "غالبية العمالة الوافدة تسيطر على وظائف متدنية. لذا، فإن تأثير التصحيح في الاقتصاد السعودي وإحلال المواطنين لن يكون سريعا".
وأضاف "أعتقد أن الحملة مهمة جدا لتنظيم سوق العمل، حتى يكون أكثر كفاءة ويستوعب عددا أكبر من السعوديين، بدا القضاء على العمالة الفائضة التي لا يحتاج إليها الاقتصاد".
وفي حين أشارت تقارير إلى احتمال تمديد المهلة نظرا لمطالب جهات عدة، بينها جمعية حقوق الإنسان الرسمية، تؤكد وزارة العمل أنها ستباشر تطبيق العقوبات على المخالفين بعد انتهاء المهلة.
ويعلل دعاة التمديد مطلبهم بالازدحام الشديد في إدارات الجوازات، ومكاتب العمل في مناطق السعودية.
يذكر أن تشغيل ونقل وإيواء الوافد المخالف يعرض المخالفين للسجن سنتين، وغرامة مالية 100 ألف ريال (27 ألف دولار) كما أن تأخر الوافد المخالف عن المغادرة يعرضه للسجن والغرامة.