ضدّ الشيعة أم حزب الله؟

منذ إعلان دول الخليج إجراءات تستهدف التعاملات المالية والتجارية لمغتربين لهم علاقة مع حزب الله، والاجتماعات تتوالى لمسؤولي مجلس التعاون الخليجي لوضع الآليات المناسبة لتنفيذ القرار، الذي يستهدف كشف الخلايا المرتبطة بالحزب ورصد حركة الأموال الداعمة. حتى الآن لم يتم الإعلان عن طبيعة هذه الآليات أو تفاصيلها، فقط أنباء تتواتر عن إجراءات يعلنها الجانب الرسمي اللبناني فقط، ونظراً لأن تدخل حزب الله السافر في سورية لمعاونة النظام السوري، أفضى إلى ارتفاع منسوب الطائفية في المنطقة لأعلى معدلاته منذ قرون طوال، كان من الطبيعي أن يُطرح السؤال: هل شيعة الخليج مستهدفون من الإجراءات ضدّ حزب الله؟ أكثر ما ضرّ المواطنين الشيعة في الخليج، إدخالهم في قضايا سياسية خارجية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، سواء من قبل أقلية منهم لا تُذكر، أو من قبل جهات خارجية مرتبطة بشكل أو بآخر مع إيران، وبالتالي يتم إقحامهم في أزمات لم يختاروها أساساً، وهذا ما جرى من قبل حزب الله الذي أراد بكل خبث اللعب على ورقة الشيعة في الخليج وتصوير المسألة وكأن الحزب هو حامي حماهم، على الرغم من عدم وجود أي مؤشرات لتجاوب شيعي خليجي، إلا من قلة لا يمكن التعميم على أنهم يمثلون الأغلبية من طائفتهم، وعندما فعل حزب الله ما فعله من قتل وتنكيل طائفي في سورية، التفتت الرقاب باتجاه شيعة الخليج وكأنهم مسؤولون عمّا يفعله هذا الحزب الإرهابي. الحقيقة أن الحزب أجرم في ربط غير واقعي لشيعة الخليج مع نشاطات الحزب. لذا، فالقرارات الخليجية المنتظرة ضد عناصر حزب الله، سواء من المغتربين اللبنانيين أو حتى من مواطنين خليجيين يتعاونون مع الحزب، ستكون شيعة الخليج أكثر المستفيدين منها، وستزيح من على كاهلهم ارتباطاً ذهنياً نجح الحزب في ربطه بهم بصورة أو بأخرى، مع التذكير بأن إجراءات صارمة تم اتخاذها، ولا يزال، مع خلايا تنظيم ''القاعدة'' الإرهابي، وكذلك مع مناصريه والمتعاونين معه، وإذا كانت هذه الإجراءات لا تُؤخذ على أنها موجهة ضدّ السنة، فمن الأحرى ألا يعتبر أحد أن هذه الإجراءات نفسها أيضاً موجهة ضدّ الشيعة، بل، وفقاً لقناة ''إل بي سي''، فقد تلقت وزارة الخارجية اللبنانية لائحة لتسعة مغتربين لم يتم تجديد إقاماتهم، ولم يكن جميعهم من الطائفة الشيعية، وإنما اثنان من السنة وثلاثة آخرين من الشيعة. يقول مسؤولون خليجيون إن مئات الملايين من الدولارات لتمويل حزب الله تمر عبر دول ''التعاون الخليجي''، تقوم عليها شركات ومؤسسات تتخذ من هذه الدول مقراً لها، ومع تعاظم هذا الدور الخفي وتزايد المخالفات المالية في هذه التحويلات من جهة، والحرب الطائفية التي فجر فيها الحزب من جهة أخرى، لم يبق أمام دول ''التعاون'' إلا كشف حقيقة هذه الشركات والمتعاونين معها، وأيضاً تجفيف منابع تمويل الحزب من الأموال الخليجية. ربما تأخرت دول الخليج في اتخاذ هذه الإجراءات كثيراً. تسامحت وغضت النظر عن مصالح حزب الله في المنطقة، لكن حتى وهي تقوم بهذه الإجراءات الوقائية، لا يمكن إغفال أن المغتربين اللبنانيين عاشوا عقوداً ولم يتم التعاون معهم إلا بحسب القانون، لم يتم التعامل معهم يوماً وفقاً لطائفتهم أو ديانتهم أو جنسياتهم، حتى وهم يجرمون في حق دول احتضنتهم ورعتهم، فسيكون الرد لأنهم أعضاء في حزب إرهابي وليس لأنهم شيعة فقط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي