صناعة مقاومة للكساد
تلك هي صناعة المطارات، مقارنة بالقطب الثاني في صناعة النقل الجوي، وهو الناقلات الجوية التي دوما تقع ضحية التقلبات الاقتصادية والأزمات العالمية. فرغم السنوات الخمس العجاف التي تعيشها أوروبا بتأثير الأزمة المالية، إلا أن مطاراتها الرئيسة مثل لندن وباريس وإسطنبول وفرانكفورت تسجل نموا في أعداد المسافرين عاما بعد عام. كما تشهد تلك المطارات أعمال بناء مستمرة بهدف مواكبة النمو المستقبلي لأعداد المسافرين. الحكومة التركية بالأمس القريب اعتمدت التحالف الفائز لبناء المطار الدولي الثالث في إسطنبول، الذي سيكون الأكبر في قارة أوروبا بطاقة استيعابية قدرها 120 مليون مسافر في السنة. المطار الجديد بتمويل شركات استثمارية ستضخ في موازنة الدولة التركية ما يقرب من 30 مليار دولار على امتداد سنوات تملكها له البالغة 25 سنة. في الشرق الأوسط يبرز مطار دبي كشاهد على هذه الصناعة المقاومة للكساد عطفا على واقع دبي المثقلة بالديون، حيث ينمو مطارها سنويا بنسبة تقترب من 10 في المائة، وتتسارع أعمال التوسع في صالاته الثلاث لتكون طاقته الاستيعابية 75 مليون مسافر في السنة. في الشرق الأقصى يبرز مطار جاكرتا الدولي ذي الـ 60 مليون مسافر سنويا، والأول عالميا في نسبة النمو التي بلغت 18 في المائة، بينما النمو في الناتج المحلي لإندونيسيا أقل من نصف هذا الرقم. المطارات اليوم أصبحت قرى استثمارية متعددة العوائد التي تتوزع بين الجوية كرسوم الهبوط والمناولة الأرضية ورسوم البوابات وغيرها كثير، وبين العوائد غير الجوية المتعددة والمتجددة كالأسواق الحرة والفنادق. مطار الملك عبد العزيز الدولي الجديد لديه مقومات تجعل منه كيانا استثماريا متعدد الصناعات إن اتخذت الدولة خطوات تشريعية تبدل المنهجية الإدارية الحكومية التي شلت جودة ونمو مطاراتنا خلال طفرة الصناعة التي بدأت قبل عقدين من الزمن. فنحن على مقياس تأريخ صناعة النقل الجوي ما زلنا في المركز الأخير في الفكر الإداري لصناعة النقل الجوي، وإلا لأصبح مطار الدمام يسجل اليوم في خانة الـ 20 مليون مسافر في السنة عطفا على موقعه الاستراتيجي في أكبر مناطق صناعة النفط والغاز في العالم ومرافقه المكتملة. إلا أنه منذ سنوات طويلة يسجل نموا خجولا ويعمل بربع طاقته الاستيعابية.