صدم الطائرة ولاذ بالفِرار
وقعت الأسبوع الماضي قصة ظريفة مصدرها مطار الملك خالد الدولي في الرياض، القصة تناولت حادثاً تعرّضت له طائرة تعمل في المطار بعد أن تعرّضت لصدمة من قِبل عربة مجهولة من إحدى العربات الأرضية في المطار. الخبر مدعم بالصور، التي تبيّن بوضوح الضرر، الذي أصاب منطقة طرف الجناح في الطائرة وتسبّب في إيقافها عن الخدمة، ما يعني الهدر المالي الكبير الذي سيلحق بالناقلة المشغلة لتلك الطائرة. الظرافة في الخبر أن العربة التي تسبّبت في الحادث لاذت بالفِرار، وهي ظاهرة غريبة ومضحكة لا تحدث أبداً حتى في مطارات الدول الأكثر تخلفاً تنموياً في العالم. ويبدو أن سوء منظومة النقل لدينا، خاصة من جانب الانضباط البشري، لا تقف عند شوارعنا أو سكة الحديد الوحيدة لدينا، بل تشمل الحركة الأرضية في المطارات. تناولت قديماً في إحدى مقالاتي الفوضى العارمة في ساحات مطاراتنا وسلطت الضوء حينها على عشوائية حركة المركبات الأرضية في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة المليئة بالمتخلفات والمتعلقات التي تؤثر في سلامة الطائرات كونها من الأخطار التي تتسبّب في توقّف وتضرُّر المحركات. في السنوات الأخيرة ومع ازدياد الحركة الجوية في مطاراتنا كثرت الحوادث بين المركبات الأرضية والطائرات، ما يشير إلى سوء إدارة الهيئة العامة للطيران المدني المتمثلة في نفوذها على الشركات والجهات العاملة في المطارات، التي تشغل عربات أرضية مختلفة الأنواع والأغراض. بالطبع لدى الهيئة مجلدات تحوي الإجراءات الحديثة الدولية التي تنظم أعمال ساحة المطارات، لكننا دوما نعاني الفجوة الهائلة بين الأنظمة المتقنة التي نمتلكها وبين النتائج على الواقع. الغريب في الأمر أن كثيراً من الحوادث الأرضية تغيب عن إدارة السلامة في المطارات، وهي جهة تابعة للهيئة العامة للطيران المدني، مثل هذا الحادث وحادث آخر تعرّضت له طائرة لناقلة مصرية في مطار القصيم قبل شهرين. رغم تمتعها بكيان إداري أكثر مرونة واستقلالية، لا تزال هيئة الطيران المدني بطيئة في تفعيل سياسة إعادة هيكلة شاملة لكل خدمات القطاع، حيث ركزت على قطاعات، مثل الصالات التنفيذية والأسواق الحرة، التي تعرف بـ (الجانب الأرضي) وتأخّرت في قطاعات مهمة هي الأخرى ذات علاقة بالأمن والسلامة كإدارة ساحات المطارات التي تعرف بـ (الجانب الجوي).