قطاع التأمين بين سندان المطالبة بهيئة مستقلة وضعف الكوادر وضبابية الأنظمة
في الوقت الذي رأى عدد من المختصين في التأمين ضرورة خروج التأمين من تحت مظلة مؤسسة النقد والعمل وفق هيئة مستقلة، نظرا لكبر القطاع والنمو المتسارع للقطاع سنويا الذي يتجاوز 10 في المائة، الأمر الذي يتطلب هيئة مستقلة ومتفردة تعمل بشكل يواكب التطورات في التأمين، وتعمل على دخول منتجات جديدة للسوق وفق أنظمة واضحة ومعلومة ورقابية متخصصة على القطاع، أكد عدد آخر أن الوقت ما زال مبكرا على شركات التأمين للخروج من مؤسسة النقد، باعتبارها غير ناضجة ولعدم وجود كوادر متخصصة في الشأن التأميني تستطيع أن تدير هيئة منفردة، ما يستلزم بقاءها تحت مظلة المؤسسة، إلى أن تفرض لها أنظمة ولوائح واضحة.
تيسير خليل عضو في اللجنة الوطنية للتأمين ومدير شركة اليمامة للوساطة التأمينية، أشار إلى ضرورة خروج قطاع التأمين من تحت مظلة مؤسسة النقد السعودي بهيئة مستقلة، مرجعا ذلك إلى عدة أمور يتصدرها النمو الكبير لقطاع التأمين في المملكة، حيث سجل نموا سنويا يقدر بـ 10 في المائة، نظرا للإضافات الكبيرة التي يضيفها لمواكبة التطورات في التأمين في العالم، خاصة أن قطاع التأمين يعتبر وليدا، فالجهود المبذولة كبيرة للنهوض به ومجاراته مع العالم، إضافة إلى أن التأمين أصبح مطلبا رئيسا لقطاعات الأعمال سواء التأمين الصحي أو تأمين السيارات، إضافة إلى وجود منافسة شرسة في قطاع التأمين بين الشركات عملت على خروج شركات من السوق جراء الخسائر، وهو ما يتطلب جهازا رقابيا كبيرا وأنظمة واضحة وأقساما متخصصة للهيئة تهتم بكل تفاصيل وحيثيات التأمين، وقال: قطاع التأمين لم يعد يستوعب اللوائح التنفيذية لمؤسسة النقد، لذلك يحتاج إلى هيئة مستقلة تشمل جميع مجالات التأمين ومعاملاته والوجهة القانونية والعقوبات للمخالفين للنظام حتى يتسنى ضبط الشركات.
إضافة إلى أن مؤسسة النقد تلعب دورا كبيرا في تنظيم قطاع التأمين، لكن الطلب كبير مقارنة بالكوادر العاملة والمتخصصة في المؤسسة، فعلى سبيل المثال تسعى مؤسسة النقد إلى فرض ضوابط على شركات التأمين للحد من الخسائر التي لحقت بالشركات جراء المنافسة، لكن استغرق ذلك وقتا كبيرا تجاوز عامين نظرا لقلة الكوادر وعدم التفرغ.
وأوضح خالد باربود عضو سابق في اللجنة الوطنية للتأمين مختص اقتصادي أن خروج التأمين بهيئة مستقلة يعتبر ضمانا للاستثمارات ووجودها أصبح مطلبا رئيسا، فمؤسسة النقد لديها حجم كبير من المسؤوليات وقطاع التأمين يشهد توسعا كبيرا، حيث يبلغ حجم الاستثمارات في التأمين 20 مليار ريال، ما يعزز حاجتها إلى هيئة مستقلة متخصصة، فالتأمين يعمل بشكل متسارع لمواكبة التطورات في قطاع التأمين في العالم، إضافة إلى حاجة القطاع إلى إدخال منتجات جديدة، خاصة أن اللائحة الموجودة قديمة وتحتاج إلى تطوير فلا تتناسب مع كثير من المنتجات التي تسعى شركات التأمين إلى طرحها، لذلك وجود الهيئة سيعطيها اهتماما وخصوصية، رغم الجهود المبذولة من مؤسسة النقد، إلا أن القطاع يحتاج إلى خروجه من مظلتها، وأن البيئة المحيطة تعتبر بيئة خصبة ومهيأة لعمل هيئة مع توافر الكوادر المؤهلة القادرة على تأهيل مزيد من الكوادر.
وقال باربود: إن التأمين في الدول المتقدمة من أهم روافد البلاد، نظرا لعمله من خلال جهة مستقلة ومتخصصة ساعدت بشكل كبير على تطويرها، مشيرا إلى أن التأمين قادر على أن يكون رافدا رئيسا في البلاد إذا عمل بكامل هيكلته ومنتجاته، فهناك تأمينات كثيرة مثل التأمين الإجباري والتأمين الصحي للسعوديين الأفراد وعلى المهن الحرة جميعها موجود لكن لم يطبق، لذلك عند عملها وفق هيئة ستعزز عمل جميع منتجاتها وتطورها، كما ستعمل على طرح وظائف كثيرة تزيد على عشرة آلاف وظيفة للسعوديين في القطاع.
إلا أن سامي العلي ـ الشركة الأهلية للتأمين وعضو في اللجنة الوطنية للتأمين ـ يرى أن الوقت ما زال مبكرا لخروج التأمين من مؤسسة النقد بهيئة مستقلة منفصلة عن المؤسسة، مرجعا ذلك إلى أمور عدة تتصدرها أن شركات التأمين لم تصل إلى مرحلة النضج، فما زالت الشركات تعمل بفكر الربح فقط والمنافسة غير الشريفة، ما رفع معدل خسائر شركات التأمين وخروجها، فالشركات – مع الأسف - لم تعمل بهدف النمو وبناء القطاع لتوسع العمل به وإدخال منتجات جديدة، لذلك ما زالت تحتاج إلى بقائها تحت مؤسسة النقد للرقابة نظرا لخبرة المؤسسة في العمل بهذا القطاع وقدرتها على سن قوانين وأنظمة، الأمر الآخر عدم وجود كوادر مؤهلة وندرة الكوادر المؤهلة في القطاع، ويرجع ذلك إلى الشركات، فرغم المطالب بسعودة 50 في المائة من العاملين في الشركات إلا أن الشركات سعت إلى سعودة القطاع في الوظائف الهامشية في الإدارة الصغرى سواء خدمات للعملاء أو سائقين وحصر المناصب القيادية على الأجانب باعتبارات وحجج واهية كعدم وجود الكوادر المؤهلة رغم قدرة هذه الشركات على تدريب وتأهيل موظفيها في التأمين، لذلك ما زال التأمين في حاجة إلى مظلة قوية ومتمكنة لإدارتها مثل مؤسسة النقد، فالهيئة تحتاج إلى كوادر جديدة لتغطية الطلب.