العيد العربي.. دعوة للتفاؤل
لن أكتب اليوم عن الشأن المحلي و''أنغص'' عليكم بقصص وروايات عن حليب الأطفال الملوث، أو شريط اشتباك هيئة أبها، أو التضخم والأسعار، أو انقطاعات الكهرباء، أو ''شرهة البنتلي'' وتوابعها، أو احتجاجات محتسبي سكاكا على مشاركة النساء في مهرجانات العيد، أو عن حساب إبراء الذمة والفساد أو حتى عن ''نطاقات''.
أستأذنكم بالخروج من ''جلبابي'' المحلي إلى الشأن العربي الذي لا يقل أهمية وإثارة.
أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة تريد إدارة الأزمة المصرية، حيث تتنازع منصتان، وأن روسيا هي التي تسيطر على الثورة السورية، بينما الأطفال أضاحي قربان، وأن إيران نصبت نفسها إماماً فقيهاً على لبنان، وحكومتان تتنازعان على النفط في السودان، وليبيا تعيث فيها ميليشيات فلان وعلان، وياسمين ثورة تونس أصبح في خبر كان.
لا ألوم جامعة الدول العربية على عدم أخذها بزمام الأمور، فهذه عطلة العيد وللجامعة الحق في الاستمتاع بالنوم في هذه العطلة كما هو حالنا نحن العرب جميعاً. بصراحة، الجامعة لم تقصر، فقد عقد الزعماء العرب أكثر من 38 قمة أصدروا خلالها أكثر من ستة آلاف قرار عريق ومدو لم ينتج عنها سوى تراجع الاقتصاد، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وتدهور التعليم، وانحسار الفنون والمسرح والثقافة، وتفشي المخدرات، وانتشار الفساد.
البنك الدولي يبشرنا من حين إلى آخر بإحصائياته المثيرة. التقرير السنوي الأخير بعنوان ''التنمية في العالم 2013''، يؤكد أن على العالم العربي توفير 100 مليون وظيفة، وأن على الدول العربية وضع سياسات فاعلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وبناء رأس المال البشري وتطبيق النظام المؤسساتي.
أما مؤشرات التنمية البشرية فهي تشير إلى أن 14 دولة عربية تحتل بجدارة المستويات المنخفضة بين دول العالم. هذا يعني أن علينا العمل لتنشيط الأمن الغذائي والمائي، ورفع مستويات الدخل والقضاء على الفقر ومعدلات البطالة وتحسين أوضاعنا التعليمية والصحية.
هذه ليست نظرة تشاؤمية لما يدور حولنا، بل لقطة تصويرية بالعين المجردة لعلنا نفيق من نوم طويل خدّر عقولنا وما زلنا نحلم بأننا كما كنا في عهد مضى. عهد ابن زهر الذي تطور الطب في أوروبا على يده، وابن سينا أبو الطب والفلسفة في العصور الوسطى، وجابر بن حيان الذي يرجع تطور الكيمياء في أوروبا إلى كتبه ودراساته، والرازي الذي ظل المرجع الطبي الرئيس في أوروبا لمدة 400 عام، وابن الهيثم الذي ما زالت مكتبة فرنسا ومكتبة بودلين في أكسفورد تحتفظان بإسهاماته في مجال التجارب العلمية في البصريات والفيزياء.
الصورة ليست كلها قاتمة، لن أفقد الأمل أن يعيش العرب أعياداً سعيدة، وأن يصنع الجيل الجديد مستقبل الأمة.