صفقة بيع الصيانة غامضة

تميز عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أيده الله بنصره، بالعديد من مبادرات الإصلاح الإداري والتطوير في مؤسسات الدولة. واستندت تلك المبادرات إلى تطبيق منهجية الشفافية وتمكين المواطنين والرأي العام من الاطلاع على معاملات الدولة مثل لوائح المناقصات الحكومية المعروضة للقطاع الخاص، سواء كانت مشاريع المناقصات أو مشاريع المزايدات. وتبنت الدولة مبادرات الشراكة مع القطاع الخاص من خلال تحرير القطاعات الخدمية كالاتصالات والنقل إيمانا بدور الشفافية والتنافسية في رفع مستوى جودة المنتجات، التي ستقدم للمواطن. وكان لصناعة النقل الجوي حظ كبير في العهد الميمون حين أعيدت هيكلة الهيئة العامة للطيران المدني في منظومة مؤسسات الدولة لتأخذ مكانها الطبيعي، كما هي شقيقاتها في الدول المتقدمة التي تعي الطبيعة المدنية لصناعات النقل العام، إلا أن معاملات الهيئة العامة للطيران المدني لم تتواكب مع الهيكلة الجديدة وبقي كثير من المشاريع تكتنفها ضبابية مثل مشاريع خصخصة قطاعات المؤسسة العامة للخطوط السعودية التي ترتبط بالهيئة وذات الملكية الحكومية. والأسبوع الماضي شهد بيع 30 في المائة من قطاع الصيانة في الخطوط السعودية لشركة سعودية خاصة دون المكاشفة عن لائحة المزايدة وآلية الاختيار وقيمة عطاء الشركة، التي فازت بالحصة. وكانت الهيئة العامة للطيران قد قامت ببيع حصص معتبرة من قطاعات الشحن والتموين في السابق بالطريقة الغامضة نفسها. ظاهرة فساد مقننة تفشت في كيان الاقتصاد السعودي هي تكوين الشركات من قبل النافذين ثم طرحها العام والاستيلاء على أموال جموع الكادحين، واقترنت تلك الشركات مع ضعفها وعجزها على الربحية المجزية كعائد على السهم، ولتكون عالة على الاقتصاد الوطني. قطاع الصيانة في الخطوط السعودية مثل شركته الأم مترهل القوى البشرية وليس لديه خبرة عالمية محكمة تعكسها أعمال الصيانة المتوسطة والعميقة التي أداها للناقلات الأجنبية في تاريخه الطويل. حتى الخطوط السعودية كانت كثيرا ما ترسل طائراتها للخارج لأعمال الصيانة المتقدمة لأنها تعرف أن بابها مخلوع. وفي الآونة الأخيرة وقعت طامة قطاع الصيانة الكبرى حين علقت اعتماديته الأوروبية، ليكون في مصاف قطاعات صيانة في دول فقيرة ومتخلفة. كان الأولى من هيئة الطيران المدني طلب شراكة مؤسسات صيانة عالمية من أمريكا وأوروبا فهي القادرة على نقل وتوطين قدرات هذه الصناعة الاحترافية ولتكون قيمة مضافة للكيان الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي