السمنة .. وعافية المدارس 1
تزامناً مع استعدادات جميع أفراد وأسر المجتمع للعودة للمدارس وبدء عام جديد ملؤه التفاؤل والتوفيق، فستبدأ وزارة التربية والتعليم بمتابعة المديريات والمدارس في تنفيذ خطط وبرامج الوزارة حسبما تم إعدادها، سواء التعليمية أو الأنشطة اللاصفية. لا شك أن البرامج التعليمية في تطوير مستمر وما هي إلا مسألة وقت ليكون التعليم العام مضرب أمثال - بإذن الله. الإشراف الصحي - من ناحية أخرى - موضوع يحتاج إلى وقفات عدة في التعليم العام، خصوصاً أن توصيات كل المؤتمرات الخاصة بتعديل أنماط حياة أفراد المجتمع المعيشية تركزت في الاستفادة من هذه المراحل العمرية والمناخ التعليمي الغض ليخرج الطالب من الثانوية للجامعة أو معاهد وكليات التدريب أو إلى السوق والحياة وقد استفاد من الجرعات التوعوية الصحية، ونقلها إلى ذويه.
الآن وبعد انتقال الوحدات المدرسية إلى وزارة الصحة قبل شهور عدة فسيكون التعاون على قدم وساق في تنفيذ سياسات وإجراءات حماية المجتمع من كوارث قد تتجاوز تقديراتنا الأولية بنسب عالية، خصوصاً أن الدراسات جميعها أثبتت أن أمراض القلب والسكر وغيرهما سببها الرئيس زيادة الوزن والسمنة المفرطة. في حالة إذا تمت رعاية اليافعين بالأساليب الإرشادية الحديثة فإن الهدف سيكون على مرحلتين. الأولى تثبيت النسبة ثم في مرحلة تالية خفضها والاستمرار في ذلك لتحقيق أقصى ما يمكن في ذلك وهي تبني المجتمع العيش من دون الإفراط في مسببات زيادة الوزن.
لأن الدراسات الميدانية والأبحاث العلمية وضعت بين أيدي المسؤولين نتائج مستوى انتشار السمنة بين السكان في المملكة ودول الخليج، وتمت المقارنة ووضحت مستويات الزيادة السنوية، وبالتالي وضعت التوصيات بالاهتمام بالمراحل التعليمية الأولى من العمر. فإنه بلا شك سيكون الحراك في هذا العام الدراسي مكثفاً ومسلطاً على الأنشطة اللاصفية وكيفية استغلال الوقت الذي يقضيه الطلاب (من الجنسين) في المدارس خلال اليوم لصالحهم. ما أتوقعه هو أن يشغل برنامج مكافحة السمنة فكر المخططين والمنفذين على مستوى المناطق وفي كل المدارس لأنه بعكس معظم الآفات والأمراض يحتاج إلى مراقبة وجمع بيانات بشكل مستمر ولكل طالب وطالبة لمدد طويلة. هذا لأننا نود أن تكون المرحلة الأولى تثبيت النسبة بنهاية العام الدراسي في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة على أقل تقدير.
لا شك أن تقييم الوضع يتم بناء على مراجعة المؤشرات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية وما برمجته وزارة الصحة ووافق عليه مجلس الخدمات الصحية. إلا أن خصائص الدول المختلفة وما يميزها عن بعض هو ثقافة الفرد وحجم انتشار المشكلة والاستعداد النفسي. فلدينا مثلاً أكثر من 30 ألف مدرسة تقريباً، وبالتالي لن تكون المهمة سهلة في ظل العادات والظروف الاجتماعية. لذلك قد يتم الاعتماد على مدرسي ومدرسات المدرسة نفسها وتوزيع المرشدين والمراقبين بعد ذلك في المدارس نسبياً مع أعداد الطلاب، مع الاهتمام باستخدام تقنية المعلومات في المراحل كافة. في هذا الموضوع لا بد أن تكون الوسيلة التوعوية حديثة جداً كتناول الموضوع بداية بما يتوافر من إحصاءات وأرقام، ثم معرفة أن هناك خمس ركائز لا بد من الاعتماد عليها في إيصال الرسالة. ولتكون المدرسة في عافيتها التامة عند مكافحة السمنة فلا بد من مساعدة منسوبيها في اختيار أفضل الموردين للأغذية المدرسية، والتمسك بكتابة مكونات الوجبات الغذائية على المعلبات والمغلفات، وتوظيف صحيحي الأبدان من المرشدين ممن يرتادون صالات اللياقة البدنية بشكل يومي؛ حيث يشكل هؤلاء حسب الدراسات العلمية نسبة جذب لانتباه الطلاب لهم واتباع إرشاداتهم ما يزيد على 20 في المائة تقريباً عن الوضع الطبيعي. ثم يمكن أيضاً استصدار تراخيص معينة لبعض الصالات الرياضية في كل محافظة للسماح لما دون الثامنة عشرة من العمر بارتياد ومزاولة الرياضة في الصالات المجهزة كنوع من حفظ لياقة الشباب.
من ناحية أخرى، وفي المرحلة نفسها لا بد من الاستفادة من إمكانات مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات المختلفة في الاهتمام بالسجل الطبي الإلكتروني الموحد (المشاركة والنقل بالتبادل). من حسنات هذا البرنامج توحيد السجلات الطبية الإلكترونية في المملكة الذي ظل لفترة طويلة في مرحلة تردد أو رفض.
ما يمكن أن يضيف للمهمة الكثير من المصداقية والثقة بنتائجها هو الاهتمام بمراجعة مستشارين دوليين للخطط التنفيذية والنتائج الأولية وما تم تحليله؛ حيث في ذلك توجيه للخطط التنفيذية أولاً بأول، وبناء للخبرات المحلية التي ستصبح أيضاً خليجية وعربية يسترشد بهم في أهم برامج الصحة المدرسية مستقبلاً. ومن ثم إعداد تقارير موثوقة ونموذجية يمكن إعلانها بكل فخر واعتزاز.
في خضم هذا الحراك لنحرص على أن يكون الاهتمام نفسه إن لم يكن أكبر بمدارس البنات، فلهن علينا حق كأمهات المستقبل والمرشدات الصحيات والمدرسات والموجهات واللائي يقدن مسيرة بناتنا التعليمية والثقافية. صحيح أن هناك أياماً وأسابيع عالمية للعناية بالصحة البدنية والغذاء والحمل والرضاعة وغير ذلك من الأنشطة الهادفة لجعل البيئة من حولنا بيئة صحية كاملة، لكن باستمرار ارتفاع نسبة البدانة في الفئات العمرية اليافعة من البنات في المدارس يجعلنا مسؤولين جميعاً عن ذلك، وعلى كل منا التحرك بشكل فاعل كل فيما برع فيه. وللحديث تتمة.