«التأمين» تتجه لرفع الأسعار 10 % العام المقبل.. للحد من الخسائر
كشف لـ ''الاقتصادية'' مسؤولون في قطاع التأمين أن شركات التأمين في السعودية تتجه لبدء رفع سعر وثائق التأمين بنحو 10 في المائة عن السعر الحالي ابتداء من مطلع العام المقبل، مبينين أن التوجه يأتي في ظل ارتفاع حجم أقساط التأمين على الشركات بنحو أربعة مليارات ريال خلال العام الجاري مقارنة بعام 2012.
وأبان المختصون أن القطاع الذي من المتوقع أن يشهد نمواً في حجمه سيصل إلى 70 في المائة بعد خمسة أعوام من الآن، ما زال يعاني بعض السلبيات المتمثلة في سوء الاستخدام للوثيقة من قبل المستفيدين من الوثيقة أو المقدمين للخدمات لهم، الذين تسببوا في إيجاد مطالبات وهمية تسببت في خسائر الشركات نحو 20 في المائة.
#2#
ويرى خلدون بركات رئيس لجنة التأمين في غرفة جدة السابق وعضو اللجنة الوطنية للتأمين، أن قطاع التأمين في السعودية، ما زال في طور التصحيح والتوجه نحو التنظيم بشكل صحيح، مشيراً إلى أن السنوات الماضية شهدت في معظم شركات التأمين عمليات إطفاء للخسائر التأسيسية ولم تتحقق لها الأرباح بذلك الشكل المرجو لها.
وأفاد بركات بأن المرحلة التي تلت مرحلة إطفاء الخسائر التأسيسية تمثلت في عملية التوسع في المحافظ الاستثمارية في قطاع التأمين الإلزامي الذي يعد من أكثر القطاعات عرضة للخسائر وتكاليف التغطية، مبيناً أنه في ظل التوجه لضبط سوء الاستخدام للوثائق التأمينية من قبل الجهات الرقابية، بدأ القطاع يشهد إعادة هيكلة لإجراءات التأمين وأسعاره.
ويتوقع بركات أن يشهد مطلع العام المقبل توجهاً من قبل بعض شركات التأمين لرفع قيمة وثيقة التأمين على الأفراد بنحو 10 في المائة مقارنة بما هو عليه الحال في الوقت الحالي، مبيناً أن هذه التوجهات تصب جميعها للدفع بالقطاع إلى أن يتمكن من تحقيق نتائج عادلة ومنصفة في أرباحه.
واستدرك بركات: ''رغم رفع سعر الوثيقة التأمينية خلال السنوات الماضية، إلا أنه من المتوقع أن يشهد إقفال العام المالي الجاري تراجعا في نتائج الأرباح مع الزيادة في حجم أقساط التأمين، التي من الممكن أن تسجل نحو 22 مليار ريال مقارنة بـ 18 مليارا في عام 2012''.
وأشار بركات إلى أن الأرباح للقطاع، من المقدر لها أن تسجل تراجعا في نهاية العام الجاري بنحو 300 – 700 مليون ريال مقارنة بالعام الماضي، مردفاً: ''حجم القطاع الذي يبلغ 14 مليار ريال في الوقت الحالي في قطاع التأمين الإلزامي، ونحو 18 مليارا لقطاع التأمين بشكل كلي، سيشهد إعادة نظر في الأسعار لتحقيق مبدأ العدالة في الأرباح''.
#3#
من جهته، قال صلاح الجبر رئيس لجنة التأمين في الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية: ''سوء الاستخدام لوثيقة التأمين من قبل المؤمن له أو من قبل الجهة المقدمة تسبب للشركات خسائر كبيرة خلال الفترة الماضية''، مقدراً حجم خسائر مقدمي وثيقة التأمين بسبب المطالبات الوهمية، بنحو 10 – 20 في المائة في أقساط التأمين الطبي وفي التأمين الإلزامي للسيارات.
وأشار الجبر إلى أن الشركات تنبهت لذلك الاستخدام السيئ الذي أدخلها في موجة خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية، ما دفع بها إلى أن تعمل على آليات رقابية جديدة لمتابعة وضبط المطالبات المالية والتأكد من مدى صحتها وواقعيتها ومنطقية السعر المطلوب فيها.
ولفت الجبر إلى أن الشركات عانت في الماضي مطالبات وهمية، خاصة من قبل الأفراد الذين استخدموا الوثيقة بشتى الطرق وبحاجة أو من دونها، ومن قبل بعض المستشفيات التي نفذت فحوصا وطلبات بإجراءات غير ضرورية للمرضى، ومن خلال بعض مقدمي الخدمات للسيارات الذين كانوا من السابق يطالبون بأسعار أكبر من قيمة الإصلاح، وأيضاً من قبل الأفراد الذين حصلوا على وثائق التأمين وهم يعانون أمراضا مختلفة دون الإبلاغ عنها عند التقدم بطلب الحصول على الوثيقة التأمينية.
ولم يستبعد الجابر أن يكون هناك رفع لأسعار وثيقة التأمين على الأفراد خلال العام المقبل وبنسب متفاوتة ما بين شركة إلى أخرى، مبيناً أن هناك شركات للحد من خسائرها، ضاعفت سعر الوثيقة خلال العام الجاري، وهو الأمر الذي تلجأ إليه الشركات عندما تجد نفسها أمام مطالبات مالية قد تعرضها لخسائر في حال تراكمها ستخرجها من السوق.
ويتوقع رئيس لجنة التأمين في غرفة الشرقية أن يشهد قطاع التأمين بشكل عام في السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة ارتفاعا في حجم نموه قد يصل في نهاية السنة الخامسة إلى نحو 70 في المائة مقارنة بما عليه الحال في الوقت الحالي.
وأرجع الجبر أسباب توقعاته حول نمو القطاع، إلى حجم الضخ الحكومي على المشاريع، خاصة التنموية منها والصناعية ومشاريع البنى التحتية، التي من خلالها سيزداد حجم الطلب على التأمين وتحديداً في مجال التأمين على المنشآت والتأمين الصحي وتأمين المركبات.
من جهة أخرى، قالت دراسة صدرت أخيراً عن المركز المالي الكويتي، إن قيمة الإسهامات المحصّلة من قِبل قطاع التأمين العالمي في دول المجلس بلغت 16.3 مليار دولار، وبلغت نسبة انتشار التأمين في الدول الخليجية 1.14 في المائة مقارنة بالمعدل العالمي الذي بلغ 6.5 في المائة.
وأشارت الدراسة إلى أن قطاع التأمين الخليجي شهد نموا سنوياً مركباً بنسبة مرتفعة عند 18 في المائة خلال الأعوام من 2006 إلى 2012، مقارنة بالنمو العالمي بنسبة 4.37 في المائة خلال الفترة نفسها.
ونوهت الدراسة إلى أن قطاع التأمين الخليجي لم يشهد نمواً يتماشى مع النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده المنطقة، بسبب ضعف الوعي العام بفوائد التأمين، والإقامة المؤقتة بالنسبة للوافدين، وهما عاملان يحدان من انتشار التأمين.
وتطرقت الدراسة إلى بعض العناصر الأساسية المؤثرة في قطاع التأمين ومنها ارتفاع مستويات الدخل، وارتفاع أعداد العمالة الوافدة، وارتفاع مستوى الوعي بفوائد التأمين عند سكان المنطقة، وتشريعات تلزم بعض القطاعات في دول المجلس بالتأمين، إضافة إلى التركيبة السكانية التي تشهد نمواً في شريحة الشباب والطبقة الوسطى.
كما شهد نظام التأمين التكافلي تطوراً جيداً خلال السنوات الأخيرة في دول المجلس على وقع التطورات الإيجابية في ممارسات التمويل الإسلامي، والتعداد الكبير للمسلمين، إضافة إلى التغيرات في أنماط الاستهلاك بعد الأزمة المالية العالمية.
كما شهد التأمين على الحياة نمواً طفيفاً خلال السنوات الأخيرة، حيث يعتمد معظم سكان دول المجلس على حكوماتهم بخصوص المخاطر المتعلقة بالحياة، لذلك بلغ حجم سوق التأمين على الحياة في هذه الدول 2.185 مليار دولار في 2012.