الإعلام الخارجي السعودي.. فاعلية الاتصال (2 من 2)
تتألف عملية الاتصال البشري من خمسة عناصر، هي ''المرسل''، وهو الشخص الذي يرسل الرسالة، و''الرسالة''، وهي المحتوى الذي يريد المرسل إرساله، و''الوسيلة''، وهي الأداة التي يستخدمها المرسل لإرسال رسالته، و''المستقبل''، وهو الشخص الآخر الموجه إليه رسالة المرسل، وأخيراً ''الجهاز''، وهو المحيط الذي تتفاعل فيه العناصر الأربعة أعلاه. عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى واقع منظومة الإعلام الخارجي السعودي وجذورها التاريخية من خلال النظر من منظور عملية الاتصال الخمسة إلى الحركات الإعلامية العشر منذ العشرينيات الميلادية من القرن الماضي وحتى اليوم.
فقد ظهرت في تاريخ الإعلام الخارجي السعودي منذ العشرينيات الميلادية من القرن الماضي وحتى اليوم عشر حركات إعلامية متعاقبة. فالحركة الأولى حركة ''التدويل الإعلامي'' (1926-1980)، والثانية حركة ''النشأة الحكومية'' (1930-1960)، والثالثة حركة ''صحافة الأفراد'' (1930-1960)، والرابعة حركة ''الدمج الصحافي'' (1960 إلى 1990)، والخامسة حركة ''التنظيم الوزاري'' (1962-1976)، والسادسة حركة ''الأنشطة الوزارية'' (1958-اليوم)، والسابعة حركة ''الإعلام الخارجي المتخصص'' (1960-1990)، والثامنة حركة ''إعلام الشؤون الخارجية'' (1980-اليوم)، والتاسعة حركة ''الإعلام الاستثماري'' (1990-اليوم)، وأخيراً وليس آخراً حركة ''الإعلام الفردي'' (2000-اليوم).
حيث بدأت الحركة الإعلامية الأولى، ''التدويل الإعلامي'' خلال (1926-1980)، فالثانية، حركة ''النشأة الحكومية'' خلال (1930-1960)، فالثالثة، حركة ''صحافة الأفراد'' خلال (1930-1960)، فالرابعة، حركة ''الدمج الصحافي'' خلال (1960-1990). وعلى الرغم من تباين أداء العناصر الخمسة بين التميز والتواضع خلال الحركات الإعلامية الأربع، إلا أن النتائج الشمولية مهدت الطريق لظهور حركات إعلامية جديدة أسهمت في تكوين المنظومة الحالية للإعلام الخارجي السعودي.
فظهرت بعد هذه الحركات الأربع الحركة الإعلامية الخامسة، ''التنظيم الوزاري''، (1962-1976) بإنشاء ''وزارة الإعلام'' في 1962، فـ ''وكالة الأنباء السعودية'' في 1970، ووصولاً إلى إطلاق بث ''التلفزيون السعودي'' في 1976. اتسمت الحركة بقوة تأثير المرسل، ''وزارة الإعلام''، ولكنها اتسمت بتواضع الرسالة، ''الاستمرار في تحسين صورة المملكة في العالمين العربي والإسلامي''، وتواضع الوسيلة في عدم استثمار وسائل العالم العربي والإسلامي الإعلامية الأخرى، والعمومية في شريحة المستقبل، ''جميع مواطني العالمين العربي والإسلامي''، وحداثة تجربة الجهاز الإعلامي. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الحركة عملت كحقل تجارب نحو امتداد الإعلام السعودي إلى العالم الدولي.
عقب ذلك ظهور الحركة الإعلامية السادسة، ''الأنشطة الوزارية''، (1958 إلى اليوم) من خلال إدارات العلاقات العامة في الوزارات والمؤسسات الحكومية الحديثة. اتسمت الحركة بقوة تأثير المرسل، ''المؤسسات الحكومية''، ولكنها عانت تواضع عناصر الاتصال الأربعة الأخرى. فالرسالة الإعلامية اتسمت بالعمومية، ''التعريف بالأنشطة الوزارية المختلفة''، وانتشار الوسيلة ضعيف، ''مجالات دورية خاصة''، وشريحة المستقبل اتسمت بالعمومية كذلك، وتشتت الجهاز الإعلامي بين إدارة العلاقات العامة في هذا الجهاز وذاك. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن إنتاجها الإعلامي على المستوى الدولي يجعلها مع قائمة الحركات المنتهية أعلاه.
وقد تزامن ظهور الحركة الإعلامية السادسة مع ظهور الحركة الإعلامية السابعة، ''الإعلام الخارجي المتخصص''، (1960-1990) من خلال إنشاء ''مديرية الإعلام الخارجي'' ضمن ''وزارة الإعلام'' في 1976، ثم تطورت المديرية إلى ''وكالة وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي''. اتسمت الحركة بقوة تأثير المرسل، ''وزارة الثقافة والإعلام''، وفاعلية جهاز الاتصال. لكن اتسمت الحركة في الوقت ذاته بجمود الرسالة، ''تحسين صورة المملكة''، وتواضع الوسيلة في عدم استثمار الوسائل الإعلامية الدولية، والعمومية في شريحة المستقبل، ''جميع الدول الشقيقة والصديقة''. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الحركة أسهمت في التعرف على احتياجات الإعلام الخارجي المستقبلية.
عقب ذلك ظهور الحركة الإعلامية الثامنة، ''إعلام الشؤون الخارجية''، (1980 إلى اليوم) داخل أروقة ''وزارة الخارجية'' بإنشاء ''إدارة الشؤون الإعلامية'' ثم تطورت إلى أن وصلت إلى بيانات ومؤتمرات إعلامية شبه يومية. اتسمت الحركة بقوة تأثير المرسل، ''وزارة الخارجية''، ومنهجية الرسالة، ''توضيح وجهة نظر المملكة في القضايا الراهنة''، وفاعلية الوسيلة، ''جميع الوسائل الإعلامية الممكنة''، وفاعلية الجهاز الإعلامي، لكن اتسمت الحركة في الوقت ذاته بعمومية شريحة المستقبل، ''الأفراد، والحكومات، والمؤسسات الدولية''. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الحركة بدأت تعمل جنباً إلى جنب كأداة تكميلية للسياسة الخارجية.
دخل مطلع التسعينيات الميلادية الاستثمار الخاص وشكّل الحركة الإعلامية التاسعة، ''الإعلام الاستثماري''، (1990 إلى اليوم)، كرد فعل وطني نحو النقد التي واجهته المملكة من العالم العربي والإسلامي والذي تزامن مع حرب الخليج الثانية حول سياسات المملكة العسكرية. بدأت الحركة بالإطلاق التدريجي لمجموعة من محطات البث التلفزيوني الفضائي. اتسمت الحركة بقوة تأثير المرسل، ''قنوات فضائية''، وفاعلية الرسالة، ''أمن المقدسات وسلامة مصادر الطاقة''، وفاعلية الوسيلة، ''قنوات فضائية''. لكن اتسمت الحركة في الوقت ذاته بالعمومية في شريحة المستقبل، ''جميع دول العالم''، وحداثة تجربتي البث الفضائي والاستثمار الإعلامي. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الحركة أسهمت في توضيح وجهات نظر المملكة، ومهدت الطريق نحو ظهور اقتصاديات الإعلام بظهور الحركة الإعلامية العاشرة، ''الإعلام الفردي''، (2000 إلى اليوم).
حيث بدأت الحركة مطلع العقد الحالي بانفجار في ثقافة البث الفضائي والإعلام التفاعلي المعتمد على استثمارات القطاع الخاص السعودي. اتسمت الحركة بفاعلية الوسيلة، ''قنوات فضائية''. ولكن اتسمت الحركة في الوقت ذاته بتواضع قوة تأثير المرسل، ''مستثمرين متنوعين''، وتواضع الرسالة، ''غزارة في الإنتاج وضعف في التركيز''، والعمومية في شريحة المستقبل، ''جميع المشاهدين في أنحاء العالم''، وحداثة تجربة الإعلام التفاعلي.