ربط الريال السعودي أمر طيب للغاية

لسنوات كثيرة كان الأداء الاقتصادي في بلدان الأسواق الناشئة جيداً، من الصين والهند وروسيا إلى إندونيسيا والبرازيل وتركيا. لكن الأمور بدأت بالتغير هذه السنة. بدأ الاقتصاد في التباطؤ في بلدان الأسواق الناشئة، وقرر كثير من المستثمرين إخراج أموالهم ووضعها في البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة.
كانت المبالغ التي يجري استثمارها في الأسواق الناشئة في حدود 700 مليار دولار. هذه الأموال آخذة في الخروج من تلك الأسواق. وعمل البيع المكثف في الأسواق الناشئة على دفع العملات المحلية إلى الأدنى بأكثر من 15 في المائة، وتعرضت أسواق الأسهم للتراجع القوي.
كل هذا يضع مسؤولي البنوك المركزية ووزراء المالية أمام معضلة، بمعنى هل يتدخلون أم لا يتدخلون؟ إذا لم يتدخلوا بإجراءات معينة فإن عملات بلدانهم ستستمر في التراجع، وسيفقد المستثمرون الثقة، وهذا سيدفع بالعملات إلى الأدنى أكثر حتى من ذي قبل. إن فقدان الثقة باقتصاد معين من قبل المستثمرين المحليين والدوليين في بيئة اقتصادية متباطئة هو من الأمور القاسية.
ليس من السهل إعادة المستثمرين في هذه الأوضاع، على اعتبار أنهم يبحثون عن الأمان. حين تتراجع عملة معينة، تصبح الواردات أعلى من حيث التكلفة، وهذا يؤذي المستهلكين. إذا قرر صناع السياسة التدخل من خلال رفع أسعار الفائدة، كما فعلت إندونيسيا في الفترة الأخيرة، فإن هذا سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، على اعتبار أن تكلفة النقود ستزداد، وستتراجع ثقة المستثمرين.
وإذا قرر صناع السياسة الدفاع عن سعر عملتهم عن طريق ما لديهم من الاحتياطيات، وتراجعت هذه الاحتياطيات بسرعة، فستتراجع معها الثقة كذلك. وعلى خلاف ما حدث في الأزمة الآسيوية في أواخر التسعينيات، يوجد لدى كثير من اقتصادات الأسواق الناشئة الآن كميات كبيرة من الاحتياطي، لكن من الممكن أن تتعرض هذه المبالغ للاستنزاف.
كانت السعودية على حق في ربط عملتها بالدولار مقابل سعر ثابت للصرف. ورغم أن الاقتصاد السعودي متين تماماً، بما لديه من فائض هائل في الاحتياطي، إلا أن تقلب عملات الأسواق الناشئة كان من الممكن أن يؤثر في السعودية.
في حالة تراجع أسعار النفط، فإن خطر تراجع سعر صرف العملة من الممكن أن يكون مرجحاً. لكن حيث إن الريال السعودي مرتبط بالدولار، فقد سمح هذا للشركات السعودية والأجنبية أن تتوقع مخاطر العملة. تجد الشركات الأجنبية أن استقرار العملة هو نعمة لأن هذا يجعل العملة متوقعة ويزيل عوامل اللبس.
في كثير من بلدان الأسواق الناشئة المذكورة اقترض القطاع الخاص بعملات أجنبية مقابل عملاته المحلية، وهذا يعني أن عليه الآن التسديد بمبالغ تفوق كثيراً ما كان عليه من قبل من أجل الوفاء بالتزامات الديون.
تقدم السعودية هذين العنصرين المهمين، وهما توقع حركة العملة وغياب عوامل اللبس. ويعود الفضل في ذلك إلى القرار الحكيم الذي اتخذته السلطات السعودية بالمحافظة على ارتباط الريال.
في حالة تراجع العملة، ستتضرر سوق الأسهم المحلية بسبب التراجع في الثقة من قبل المستثمرين. ولو أن المخاوف الجيوبوليتيكية أدت إلى تراجع مؤشر تداول في الفترة الأخيرة، فإن التراجع في سعر العملة كان من الممكن أن يشكل ضربة مزدوجة للمؤشر. لذلك فإن من المصلحة الوطنية للسعودية أن تحافظ على ارتباط الريال بالدولار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي