رجال الملك عبد العزيز.. توزيع الأدوار لبناء الدولة
الأديب والمؤرّخ اللبناني أمين الريحاني (المتوفّى عام 1940م) الذي أشار مرّات إلى الرفاعي في كتابه (ملوك العرب) فقد التقيا في البصرة عام 1922م، ووجّه الرفاعي للريحاني أول دعوة من السلطان عبد العزيز لزيارته، وقد وصف الريحاني الرفاعي بأنه ''أديب الأدباء''، وكان الرفاعي على ما يبدو، في زيارة لعبد اللطيف باشا المنديل (ممثل الملك عبدالعزيز في البصرة) في أمر يتعلق بالتشاور في اتفاقية للزيت مع الإنجليز.
ويستفاد من كتاب صدر مؤخراً عن سيرة السيد حمزة غوث ومن مصادر أخرى، أن السلطان عبد العزيز قد أوفد غوث عام 1923م رئيساً للوفد النجدي لاجتماعات المؤتمر العربي بالكويت الذي دعى إليه الكولونيل نوكس المندوب السامي البريطاني في الخليج حكومات كل من الحجاز ونجد وشرق الأردن والعراق، لإرسال ممثلين عنها لحضور الاجتماع المذكور، وكان الوفد يضم في عضويّته عبد الله الدملوجي وحافظ وهبة وعبد العزيز القصيبي، وتولّى أعمال السكرتارية فيه هاشم الرفاعي، وأورد المؤرّخ السعودي عبد الرحمن الرويشد نبذاً عن مهمات قام بها الرفاعي مع السلطة البريطانية في البحرين بتكليف من السلطان عبد العزيز، وقد بقي الرفاعي في نجد بين عامي 1921م و1925م، ثم عاد إلى الكويت ممضياً فيها بقية سنيّ حياته حتى توفّي عام 1950م ودفن في الزبير، وقد أصدر في الثلاثينات كتاباً بعنوان ''من ذكرياتي'' تضمّن مقالات نشرها آنذاك في الصحافة العراقية، شمل بعضها ذكريات إقامته في الرياض، وأصدرت دار ''جداول'' في مطلع عام 2012م طبعة جديدة منها.
وإذ لم يكن التعليم في نجد قد بدأ بعدُ عندما بدأ الملك عبد العزيز مشواره لتوحيد البلاد منطلقاً من الكويت في مطلع القرن الماضي، فكان يستعين بوالده وبذوي الرأي من رجاله وإخوته وأبناء عمومته، وكان يستقطب بين حين وحين رجالاً من عشيرته ممن تلقوا شيئاً من التعليم في الهند وتركيا ومصر ويستعين بهم في علاقاته الخارجية، ومن أولئك على سبيل المثال أحد أبناء عمومته الأمير أحمد بن ثنيان (وهو عم الأميرة عفّت حرم الملك فيصل)، وكان تربى في اسطنبول وصار أول مستشار سياسي للملك، وأسهم في مناقشة أولى الاتفاقيات المبكرة مع بريطانيا.
في تلك الفترة، انضمت الأحساء مع نجد لتشكلا إمارة سعودية موحّدة، في وضع جديد تطلّب صلات أوسع مع بريطانيا وتركيا، وكان الطبيب العراقي عبد الله سعيد الدملوجي، يعمل مع الجيش التركي في الأحساء، فانضم إلى الملك عبد العزيز طبيباً في بادئ الأمر، ثم ما لبث أن صار أول مستشار سياسي من بلد عربي يلتحق بمعيّته، وبقي الدكتور الدملوجي اثني عشر عاماً في السعودية، قام خلالها بأدوار سياسية كبيرة، من بينها مساندة الأمير فيصل في تنظيم الأمور في الحجاز في بداية الحكم السعودي، وتأسيس مديرية الشؤون الخارجية (نواة وزارة الخارجية)، والتفاوض بشأن عقد العديد من الاتفاقيات السياسية، ثم عاد إلى موطنه الأساس (العراق) وصار وزيراً لخارجيته، وزار المملكة العربية السعودية بهذه الصفة.
ومع انضمام مملكة الحجاز إلى الدولة السعودية عام 1925م التحق عدد أكبر من السياسيين من الشخصيات العربية في مقدمتهم الصحفي والحقوقي السوري يوسف ياسين، ورجل التعليم المصري حافظ وهبة، والأديب الفلسطيني رشدي صالح ملحس، والمجاهد اللبناني فؤاد حمزة، والمهندس السوري خالد الحكيم، والزعيم الليبي بشير السعداوي، والزعيم العراقي رشيد عالي الكيلاني، والتاجر الليبي خالد القرقني، والطبيبان السوريّان مدحت شيخ الأرض ورشاد فرعون، والقانوني العراقي موفّق الألوسي وغيرهم، هذا بالإضافة إلى شخصيات مثقفة سعودية، من أمثال أخي الملك عبد العزيز الأمير عبد الله بن عبد الرحمن وإبراهيم المعمّر وحمزة غوث وخالد بن أحمد السديري، مما أوصل عدد المستشارين في كل الفترات إلى رقم 30 أو قريب منه.
فيوسف ياسين مثلاً (المتوفى سنة 1962م) ولد ونشأ في اللاذقية بسورية، ومكث عامين في مدرسة محمد رشيد رضا (الدعوة والإرشاد) في القاهرة، ثم ارتحل إلى القدس يدرس ويكتب في بعض الصحف، ورأس تحرير جريدة ''الصّباح'' ثم عاد إلى دمشق فدخل كلية الحقوق، ثم اتجه إلى الرياض عام 1924م وحظي بثقة الملك عبد العزيز ورافقه في رحلته الأولى على الإبل وبعض السيارات إلى مكة المكرمة، ورأس تحرير جريدة ''أم القرى'' الرسمية، ثم عيّنه الملك رئيساً للشعبة السياسية، وشهد وقعة السبلة واستمر في عمله بعد وفاة الملك عبد العزيز مستشاراً للملك سعود إلى أن توفي في مدينة الدمام ودفن في الرياض.
وفؤاد حمزة (المتوفى سنة 1951م) لبناني وكاتب وباحث، وهو من أسرة درزية معروفة بلبنان، قال عنه السفير عبد الرحمن عبد العزيز الشبيلي ''إنه يزن رجالاً في حنكته ورجاحته''، وقال عنه الأمير مساعد بن عبد الرحمن ''كان رجلاً ذكيّاً وذا ثقافة واسعة وقد استفاد الملك من ذكائه وثقافته، عمل في وزارة الخارجية سنداً للأمير فيصل، ثم انتدب في أمور مهمة، وهو من القوميين العرب، وكان في كتبه موضوعيّاً''.
ولد فؤاد حمزة وتعلم في لبنان ومارس التعليم في بعض المدارس الحكومية بدمشق فالقدس، عيّن مترجماً خاصاً للملك عام 1926م ثم وكيلاً لوزارة الخارجية مقيماً في مكة المكرمة، ثم انتقل إلى باريس وزيراً مفوضاً، وصار ضمن المستشارين السياسيين في الديوان الملكي وتوفي في بيروت، ومن كتبه قلب جزيرة العرب والبلاد العربية السعودية وفي بلاد عسير.
وأما حافظ وهبة (المتوفى سنة 1967م) فهو مصري الأصل والمولد والمنشأ، تعلم بالأزهر ومدرسة القضاء الشرعي، وعمل في صحافة الحزب الوطني بالقاهرة، وغادر إلى تركيا ثم إلى الهند ومنها توجه إلى الكويت (1915م) وعمل مدرساً في المدرسة المباركية، وانغمس في النشاط السياسي، والتقى بالملك عبد العزيز عند زيارته للكويت عام 1916م، ثم حضر إلى الرياض عام 1923م، ودخل الحجاز مع الملك عبدالعزيز الذي كلفه بأمور تنظيمية عديدة، واشترك في بعض المفاوضات، ورافق الأمير سعود في رحلته إلى مصر عام 1926م، عيّن وزيراً مفوضاً بلندن ثم سفيراً فيها عام 1938م، وحضر اجتماعات تأسيس الأمم المتحدة مع الأمير فيصل عام 1946م، وأحيل إلى التقاعد سنة 1965م، وتوفي في روما، له من الكتب جزيرة العرب في القرن العشرين وخمسون عاماً في جزيرة العرب.
وأما رشدي ملحس (المتوفى سنة 1959م) فولد في نابلس بفلسطين وتعلم بها وباسطنبول وعمل في الصحافة بدمشق، ثم توجه إلى مكة المكرمة عام 1926م ليلتحق بخدمة الملك عبد العزيز، وحلّ محل يوسف ياسين في تحرير جريدة أم القرى بمكة المكرمة، ثم ناب عنه في الشعبة السياسية بالديوان الملكي في الرياض، وأوكلت إليه مهمة مقابلة الدبلوماسيين والزوار الأجانب، وقد حاز ثقة الملك ورافقه في كثير من رحلاته، وظل في عمله هذا مدة تقارب ثلاثين عاماً حتى وفاته في جدة.
كان رشدي ملحس أديباً وجغرافياً محققاً، صّنف كتباً منها سيرة الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي ومخطوط معجم منازل الوحي وكتاب عن المعادن وكتاب عن جغرافية البلاد العربية السعودية، وله مخطوط منازل المعلّقات جمع فيه نحو 150 اسماً وحقق أماكنها المعروفة اليوم، وكتاب مسافات الطرق في المملكة، وحقّق كتاب تاريخ مكة المكرمة للأزرقي، ونشر فصولاً من مباحثه في المجلات السعودية، وكان أول من وضع تقويم أم القرى، صدر مؤخّراً كتاب عن سيرته من تأليف الباحث السعودي قاسم الرويس.
امتدّت خدمة بعض هؤلاء المستشارين إلى ما بعد عهد الملك عبد العزيز (مثل يوسف ياسين) وتولّى بعضهم وظائف إدارية في الداخل أو دبلوماسية في الخارج (مثل عبد الله الدملوجي ويوسف ياسين وموفّق الألوسي وحافظ وهبة وفؤاد حمزة)، وكان بعضهم قد حضر إلى السعودية في ظلّ ظروف سياسية معيّنة في بلده ومنهم رشيد عالي الكيلاني الذي كان التجأ إلى الرياض في إثر فشل ثورته المعروفة باسمه في العراق في الأربعينات الميلادية، وألّف البعض منهم عن تاريخ المملكة (مثل حافظ وهبة وفؤاد حمزة).
وهناك شخصيات أخرى قدّمت خدمات استشارية للدولة السعودية عقب توحيدها ولم تُدرج في هذا السياق، ومن بينهم الأديب اللبناني أمين الريحاني والمؤرخ البريطاني فيلبي والمستشرق النمساوي محمد أسد، فالسياق يركز على نماذج من الخبراء والسياسيين الذين ثبت أنهم اكتسبوا رسميّاً صفة المستشارين السياسيين في الديوان الملكي في عهد الملك عبد العزيز.
وكانت أعمال هؤلاء المستشارين مرتبطة بالشعبة السياسية، وهي - كما سلف - الذراع السياسية للملك عبدالعزيز داخل ديوانه، وذلك في مقابل وزارة الخارجية في مكة المكرمة، وقد تأسستا معاً في عام واحد (1930م) ورأسها لأعوام طويلة يوسف ياسين ثم رشدي ملحس، وكان ممن عمل فيها عبد الله بن عبد العزيز التويجري وعبد الله بن عبد المحسن التويجري ومحمد بن عبد الرحمن الشبيلي وعبد الله بن إبراهيم المعمّر وعبد العزيز بن عبد الله التركي وفخري شيخ الأرض وغيرهم.
تأسست مديرية الشؤون الخارجية في مكة المكرمة عام (1926م) واختير لها عبد الله الدملوجي، وتحوّلت في عام 1930م إلى وزارة لتكون بذلك أول وزارة أنشئت في السعودية وذلك قبل عامين من توحيدها، وكان الأمير فيصل أول من تولّاها وزيراً، وقد عمل معه كل من يوسف ياسين وفؤاد حمزة وخير الدين الزركلي وجميل داوود المسلّمي وطاهر رضوان وعدد من السياسيين المحليين والعرب.
ومن الشخصيات التي تجدر الإشارة إلى دورها السياسي في تلك الفترة عبد العزيز محمد العتيقي (من الأسرة المعروفة في حرمة والمجمعة)، وكان ضمن ثلاثة مستشارين كلّفهم الملك بمساندة الأمير فيصل عند تعيينه وهو في الـ 18 نائباً للملك في الحجاز، وقد أصبح العتيقي عضواً في المجلس الاستشاري الذي سبق تشكيل مجلس الشورى القديم، وعمل مساعداً ليوسف ياسين في مديرية المطبوعات عند تأسيسها سنة 1926م.
وكان الأمير الفيصل من أبرز مبعوثي الملك عبد العزيز في تلك الفترة، فقد أوفده الملك عام 1919م وهو في سن مبكرة جداً (13 عاماً) لتلبية دعوة من ملك بريطانيا احتفاءً بانتهاء الحرب العالمية الأولى، ثم توالت رحلاته إلى أوروبا قبل تعيينه وزيراً للخارجية وبعده، لكن المصادر تشير إلى اتصالات أقدم مع الأتراك في اسطنبول، ومع الأشراف في مكة المكرمة ومع ابن رشيد في حائل قام بها مبعوثه صالح باشا العذل بين عامي 1907م و1915م، ثم تذكر المراجع أسماء شخصيات مثل صالح بن عبد الواحد وعبد الله بن خثلان وحمد الشويعر وفهد بن زعير وحمد العبدلي وحمد السليمان الحمدان وخالد القرقني مع الأدارسة في عسير، ومساعد بن سويلم مع الأشراف في الحجاز، وعبد الوهاب أبو ملحة وسعيد بن مشيط وتركي بن ماضي وخالد القرقني مع الإمام يحيى حميد الدين باليمن، وكان جملة من المستشارين، وبالأخص حافظ وهبة وخالد الحكيم والقرقني وعبد الله الدملوجي، قد أوفدهم الملك ممثلين له في مهمات سياسية إلى زعماء دول مجاورة أو صديقة أو للمشاركة في مباحثات حدودية أو نحوها.
ومما قد يدخل في عداد المبعوثين، مجموعة من السعوديين والعرب الذين أقاموا أو تنقلوا في بلدان إسلامية أو أجنبية في العشرينيات والثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي بهدف طمأنة شعوب تلك الدول وزعمائها على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في بلاد الحرمين الشريفين، فكان ممن استقر في العراق الصحافي سليمان الدخيل، وفي بلاد الملايو المؤرخ والصحافي الكويتي عبد العزيز الرشيد، والشاعر الكويتي محمود شوقي الأيوبي، والإعلامي العراقي يونس بحري، والداعية السوداني أحمد السوركتّي وغيرهم، وذهب إلى القارة الهندية عبد الحميد الخطيب، وإلى مصر ثم أوروبا إبراهيم المعمّر، أما المؤرخ والأديب اللبناني أمين الريحاني، فقد جال بلاد أوروبا وأمريكا الشمالية بتكليف من الملك عبد العزيز.
المعتمدون
أما عن المعتمدين - وهو لفظ يطلق على شخصيات سعودية مقيمة في بعض البلدان كان الملك يثق بها ويختارها لأداء المهام الاقتصادية أو التفاوضية أو الاجتماعية التي يحتاج إليها في جهاتهم، وذلك قبل تأسيس السفارات والمفوضيات السعودية في الخارج، وهي تتفاوت بحسب الحاجة وعمق العلاقة مع تلك الشخصيّات - فإن كتب التاريخ تتفق على أن من أبرز وكلائه عبد اللطيف باشا المنديل في العراق، وعبدالعزيز القصيبي وإخوانه في البحرين، وعبد الله النفيسي في الكويت، ورشيد بن ليلى في الشام، وفوزان السابق في مصر، وعبد الله الفوزان وعبد الله الفضل في القارة الهندية.
وكان هؤلاء المعتمدون في ميزان متقارب بالنسبة لأهميّتهم ولثقة الملك عبدالعزيز بهم، ولهذا تصعب المفاضلة بينهم، لكننا لو أخذنا عبد اللطيف باشا المنديل نموذجاً لبقيّتهم، فأسرته (البدرانية) النجدية نزحت من بلدة جلاجل إلى البصرة، وأسهمت في الحياة السياسية فيها حتى لا يكاد أي كتاب عن الحياة الاجتماعية في جنوب العراق في تلك الحقبة يخلو عن ذكر شخصيته، وقد ربطته علاقة وثيقة بالملك عبد العزيز وتوفي عام 1940م ودفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير، وقد كتب عنه المؤرّخ الكويتي يعقوب يوسف الإبراهيم والباحث السعودي محمد القشعمي. ولقد وردت إشارات متناثرة إلى وكلاء أكثر اعتمدهم الملك عبد العزيز في أقاليم عدة مثل المعشوق في الأحساء وابن زعير في عسير قبل دخولهما في الحكم السعودي، والشبل والذكير في العراق والروّاف في الشام، وغيرهم. أما بالنسبة للسفراء ومن في حكمهم كالقناصل والمفوّضين، الذين أوفدوا إلى الخارج لافتتاح الممثليّات، فقد رصدت أسماءهم تلك الكتب التي تناولت العلاقات السعودية الخارجية وبخاصة بعد إنشاء وزارة الخارجية عام 1930م بدءاً بالمفوضّية السعودية في لندن (1930م) التي تولاها حافظ وهبة وزيراً مفوضاً في البداية، ثم صار عام 1948م سفيراً طيلة بقية عهد الملك عبد العزيز.
أما المفوضّية الثانية، فكانت في القاهرة واختير لها فوزان السابق عام 1926م في شكل وكالة ''معتمديّة'' ثم رفعت بعد عشر سنوات إلى مفوضيّة في عهد السفير عبد الله الفضل 1932م.
أما الثالثة، فقد تأسست في بغداد سنة 1932م وكان على رأسها لفترتين قصيرتين كل من عبد الله الخيّال ثم محمد المطلق، ثم جاء إبراهيم المعمّر ومن بعده محمد عيد الروّاف وحمزة غوث لفترات أطول.
#2#
#3#
#4#
وتوالى بين عامي 1932م و1949م - وبخاصة بعد خمود الحرب العالمية الثانية - إنشاء 11 مفوّضية تحوّل بعضها إلى سفارات، وذلك على النحو الآتي: في الأردن: قنصليّة عمّان تحولت إلى مفوضّية (عبد العزيز الكحيمي وأخوه أحمد الكحيمي)، وفي سوريا: قنصليّة في دمشق تحوّلت إلى مفوضيّة ثم إلى سفارة (رشيد الناصر أبو ليلى وعبد العزيز بن زيد)، وفي أفغانستان: مفوضيّة في كابل (فؤاد الخطيب)، وفي إيران: مفوضّية ثم سفارة (حمزة غوث)، وفي لبنان: مفوضّية (عبد العزيز بن زيد)، وفي إندونيسيا: مفوضّية (عبدالرؤوف صبّان ثم فخري شيخ الأرض) وفي باكستان: مفوضّية (عبد الحميد الخطيب) وفي فرنسا: مفوضّية (فؤاد حمزة ثم رشاد فرعون)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية: مفوضّية (أسعد الفقيه ثم عبد الله الخيّال)، وفي تركيا: مفوّضيّة (توفيق حمزة)، وفي إيطاليا: مفوضّية (موفق الألوسي).
كما أُنشئت خلال عهد الملك عبد العزيز خمس قنصليات مستقلة في المدن الرئيسية الآتية: في البصرة (فخري شيخ الأرض ثم محمد الحمد الشبيلي)، وفي الإسكندرية (طلعت ناظر) وفي القدس (يوسف الفوزان ثم محمد المنصوري ثم أحمد الكحيمي)، وفي بومباي (يوسف الفوزان) وفي نيويورك (إبراهيم بكر).
وأُنشئت مندوبيّة في الجامعة العربية، كان ممن عمل فيها في زمن الملك عبد العزيز الشاعر والمؤرّخ السوري خير الدين الزركلي ، وكان ممن مثّل المملكة في الأمم المتحدة بعد توقيع ميثاقها عام 1945م عبدالله الخيّال.
وبعد؛ إن تاريخ الملك المؤسس حلقات متصلة من دروس السياسة والدبلوماسية، ولا يعدو ما تطرقتُ إليه سوى ومضات من هذا التاريخ المضيء، مع الاعتذار عن القصور والتقصير في عدم الإحاطة بهذه السّير التي لم تلامسها بعدُ بعمق أقلام الباحثين، وما النفس إلا لوّامةٌ للوقت الذي حال دون تقديم المزيد عن أولئك النُّخب التي اختارها العاهل السعودي للإسهام في بناء الدولة، بعد أن توحّدت واستقرّت أركانها وأفاء عليها بالأمن والأمان.
* ألقيت في محافظة المجمعة (الأحد 29 سبتمبر 2013م) بمناسبة اليوم الوطني السعودي.