قبل 18 عاما.. عثمان المالي يحج بـ 400 دولار
لم تتجاوز تكلفة حج عثمان كوما، مالي الجنسية قبل نحو 18 عاما أكثر من 400 دولار جمعها من خلال المنحة المالية التي كانت تبعثها له دولته إبان دراسته في دولة السودان.
هذا المبلغ الزهيد بكل تأكيد لم يكن كافيا في نظر العارفين والعاملين بأعمال الحج، لكن التحول الأكبر في اقتصادية هذا المبلغ هو ذلك الرجل الذي كان يأتي يوميا إلى الحرم المكي ليقدم لعثمان ورفاقه الثلاثة مبلغا يصل إلى 200 ريال وبشكل منتظم.
قصة هذا الحج كما يرويها عثمان كوما، عضو بعثة مالي ومسؤول مجموعة حنين التي يتخللها العديد من المواقف يسردها بقوله : ''كنا ندرس في إحدى جامعات دولة السودان الشقيقة، عندما راودتنا فكرة الحج أنا وثلاثة من زملائي، وقررنا أن نوفر قليلا من المال الذي تمنحه لنا دولتنا، حيث كان يأتينا كل ثلاثة أشهر، وتكوّن عند كل واحد منا في نهاية المطاف مبلغا لا يتجاوز 400 دولار''.
ويتابع عثمان حديثه: ''قطعنا تذاكر الباخرة التي ستقلنا من بورتسودان إلى ميناء جدة الإسلامي، بحكم أننا من فرادى السودان، وأبحرنا إلى ميناء جدة، ولكن في منتصف الطريق هبت عاصفة قويه أيقنا من خلالها أننا هالكون لا محالة، ولكن الله حفظنا حتى وصلنا إلى ميناء جدة، وفقد أحد رفاقي تذكرة العودة. وعند خروجنا من الميناء اتجهنا إلى مقر قنصلية دولتنا ولكننا وجدناها مقفلة لانتهاء وقت العمل، ولم نطق صبرا على رؤيتنا لبيت الله الحرام وكعبته المشرفة، واتجهنا إلى مكة، ووضعنا امتعتنا عند رجل لا نعرفه ولكنه تعاون معنا''.
وحول معيشتهم في مكة يقول عثمان: ''بعد أن وضعنا متعتنا عند أحد ساكني مكة، توجهنا إلى الحرم، وآثرنا المكوث بجوار الكعبة، التي أصبحت مأوى لنا، نتعبد فيها ونطوف بها، ونأكل ونشرب من المطاعم القريبة من الحرم، وكنا نختم القرآن يوميا ونوزع أجزاءه فيما بيننا، طوال خمسة وعشرين يوما قبل موسم الحج''.
استطاع عثمان ورفاقه أن يبقوا في مكة حتى انتهاء الحج بمبلغ لا يتجاوز 400 دولار، تلك قصة يرويها: '' كان هناك رجل يأتينا يوميا من محافظة جدة ويصلى أحد الفروض ويقدم لنا مبلغا ماليا نحو 200 ريال موزعة بيننا نحن الأربعة بواقع 50 ريالا لكل واحد منا، وبشكل منتظم، وعندما كنا نسأله من أنت يكتفي بكلمة واحدة أنه ''عبد من عباد الله''.
وحول الفروقات بين أول وآخر حجة أداها يقول : ''مما لا شك فيه أن هناك الكثير من المشاهد التي تغيرت أو تطورت، ولا سيما الخدمات التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية، فالمشاريع التطويرية في استمرار ومثال على ذلك مشروع منشأة الجمرات التي حلت معضلة الزحام، إضافة إلى مشروع القطار، وفي هذا العام تنفيذ مشروع توسعة المطاف، ونشكر الحكومة السعودية على ما تقدمه من خدمات ملموسة لضيوف بيت الله الحرام''.