سعودي يتقن اللغة التركية عبر إرشاد الحجاج
مع ساعات صباح التاسع من ذي الحجة، يهم الشاب السعودي حامد، ليقف أمام إحدى الحافلات التي ستنقل الحجاج من دولة إسلامية غير ناطقة بالعربية، مرشدا للحجيج إلى مشعر عرفات ومن ثم إلى مشعر منى.
أحد الحجاج من كبار السن يخطو للوصول إلى حافلة حامد، حتى إذا اقترب منه مد يده ليساعده حامد على ركوب الحافلة قائلا: "تشكرات أركدش" فيرد عليه حامد باللغة ذاتها "أركدزيم بوردوم".
حامد لم يتجاوز 30 عاما بأربعة أشهر تقريبا، يقول: "من أكبر النعم التي أنعمها الله علينا أنه فرض الحج في مكة، وذلك لما تحمله هذه الشعيرة من فوائد ومميزات اختُص بها المكيون عن غيرهم، ومن أهم تلك المميزات اكتساب عدة لغات حية دون تكبد العناء بالذهاب إلى معاهد وبمبالغ مالية كبيرة".
وتمكن حامد من تعلم اللغتين التركية والإيرانية، وإن كانت الأولى يجيدها بطلاقة بينما الأخرى فإجادته لها متوسطة، ويقول: "عندما أنهيت المرحلة الثانوية من دراستي، ونتيجة عدم قبولي في الجامعة توجهت إلى أحد الفنادق القريبة من المنطقة المركزية المجاورة للمسجد الحرام، ومكثت في هذا الفندق قرابة خمسة أعوام كاملة، تدرجت فيها من موظف استقبال، حتى وصلت إلى مدير الحجوزات في الفندق".
ويتابع حكاية رحلته مع تعلم اللغة: "هذه الأعوام الخمسة لم أنقطع فيها عن مواجهة النزلاء من جميع الجنسيات، ولأن مالك الفندق قد تعاقد مع بعثة تركية تأتي في موسمي رمضان والحج، وبالتالي درجة احتكاكي بهؤلاء الأتراك أصبحت مكثفة، ومن هنا انطلقت رحلتي مع تعلم لغتهم، في بداية الأمر حرصت على تعلم الكلمات الشهيرة التي تحمل معاني الشكر أو الأسئلة الشائعة وأقوم بمحاولة الإجابة عليها بلغتهم، ووصلت بعد عامين ونصف تقريبا إلى مستوى الإجادة التامة للغة التركية، إضافة إلى اللغة الإيرانية بحكم قدومهم إلى الفندق في فترات متفاوتة من العام".
وأضاف حامد "تم إزالة الفندق الذي أعمل فيه، بسبب المشاريع التنموية التي تنفذ بجوار المسجد الحرام، وأنا لدي علاقات كثيرة مع العديد من المؤسسات المعنية بالمعتمرين والحجاج، واستعانت بي إحدى تلك المؤسسات في أعمال الحج وأنا أعمل لديها منذ ثلاثة أعوام أقوم بإرشاد الحافلات وتلبية طلبات الحجاج الأتراك، وهذا الأمر الذي دفع بالمؤسسة إلى التمسك بي وعدم التفريط، بل إنهم عرضوا علي أن أنتقل من العمل الموسمي لديهم إلى العمل الدائم، براتب مجز وحوافز كبيرة".