سعوديات يقطعن مئات الكيلو مترات خدمة للحجيج
لم تتوقع السعودية مرفعية جابر العسيري أن قطعها نحو 600 كيلو متر بعيدا عن أهلها وأسرتها خاصة في عيد الأضحى سيغمرها بتلك السعادة التي تعيشها هذه الأيام، بعد أن شرفت بخدمة الحجيج من خلال عملها ممرضة في أحد مستشفيات المشاعر المقدسة.
وتقول عن تجربتها لـ "الاقتصادية": "أعمل ممرضة في مستشفى محايل عسير العام، وقد كُلِّفت في هذا العام بالحج ضمن منسوبي وزارة الصحة في موسم الحج، وفي بداية الأمر لم أفرح لبعدي عن أهلي وأسرتي خاصة في العيد". وتتابع: "أنا فتاة لم أتزوج بعد، والعيد يمثل لي فرحة عائلية كبيرة؛ لكن لم أتوقع أن هذه الفرحة هناك ما هو أكبر منها بكثير وهو فرحة قضاء العيد وسط الحجاج من مختلف الجنسيات والأعراق واللغات في المشاعر المقدسة".
وتعد تجربة العسيري الأولى لها في الحج، لافتة إلى أنها لن تكون الأخيرة، فقد وجدت حلاوة للعمل في خدمة حجاج بيت الله، بحسب قولها، مشيرة إلى أن الإسلام يحث على الأعمال الإنسانية التي لا تخلو منها حياة المسلم خاصة إذا كان عمله يرتبط بإنسانيته مثل الطب والتمريض.
وفي موسم الحج يتسابق أبناء وبنات الوطن نحو خدمة الحجيج، مؤثرين التنقل في المشاعر ومساعدة المحتاج وتقديم الخدمات المختلفة على تذوق العيد مع الأسرة والأبناء، فالكل هنا يشرف بالمكان والزمان والخدمة التي يقدمها وفي صور جميلة ومؤثرة.
ورصدت "الاقتصادية" فتيات يسابقن الرجال من أجل خدمة الحجيج تاركات وراءهن أسرا بحاجتهن، وقدمن من مختلف المناطق ليشاركن ويؤدين دورهن الإنساني في التمريض، واحدة تحمل السماعة والأخرى تقيس الضغط وثالثة تضمد الجراح وجميعهن يقدمن اللمسة الحانية للحاج.
ومشاعل القرشي "ممرضة" في مستشفى الطائف آثرت المشاركة في الحج وخدمة الحجاج على أن تقضي عيد الأضحى بجوار أبنائها الثلاثة وزوجها، يدفعها دينها ونبلها وإنسانيتها المتدفقة، وتقول: "هذه أول سنة أشارك فيها في الحج، فخدمة الحجيج شرف وكرامة لا يعدلها شيء، فأنا أم لثلاثة أطفال أصغرهم ثلاث سنوات حبهم يتغلغل في قلبي وصورهم لا تغادر مخيلتي إلا أنني أشعر بسعادة كبيرة وأنا أخدم ضيوف الرحمن، طلبا للأجر والمثوبة". أما عائشة علي الكناني فهي فتاة غير متزوجة قدمت من مستشفى عسير جنوبي السعودية في أول سنة تشارك في الحج، ولم تخفِ هي الأخرى سعادتها بالمشاركة رغم قضاء أول عيد لها بعيدا عن أسرتها، وتقول: "الأجواء الروحانية والإيمانية التي يعيشها الجميع سواء كان حاجا أو مشاركا في أي جهة خدمية تنسيه الأهل والأصدقاء، ويصبح لديه هم واحد هو كيف يقدم خدمة تليق بشرف المكان للحاج، في محاولة منه لبذل كل الجهد"، مؤكدة أن العيد هنا له "طابع خاص" لا يشعر به إلا من جربه وذاق حلاوته.
وفي جانب آخر، رصدنا فتاة تساعد مسنة على الجلوس لتبدأ في عمليات قياس النبض ودرجة الحرارة والضغط، في انهماك كأنها لم تكن ترى في المكان الممتلئ بالمراجعين والمرضى إلا الحالة التي بين يديها.