الدوغان .. من معلم صبيان الهند إلى علاّمة الأحساء الأول

الدوغان .. من معلم صبيان الهند إلى علاّمة الأحساء الأول
الدوغان .. من معلم صبيان الهند إلى علاّمة الأحساء الأول

سطّر الشيخ أحمد عبد الله الدوغان – رحمه الله - شيخ الأحساء وأحد علماء الرعيل الأول البارزين للحركة العلمية في السعودية، مثالاً للورع والتواضع، ونشر الخير في بلدته الصغيرة منذ أكثر من 100 عام.

رحل الشيخ الزاهد وقد ترك خلفه تركة علمية ثقيلة، وتاريخاً من الكفاح بدأها حينما انتقل إلى الهند، بحثاً عن العمل ولقمة العيش مثله مثل الآلاف من أهالي المنطقة الشرقية في ذلك الوقت، فدرس صبيان الهنود بأجرة لا تتجاوز الروبيتين خلال الشهر.

كان دائماً يذكر طلابه الذين يتحلقون حوله بقصص الفقر والاضطراب التي كانت تعيشها السعودية قبل توحيد الملك عبد العزيز للبلاد، داعياً إياهم إلى التمسك ومراعاة هذه النعم، قائلاً: ''ابتلينا بالفقر، والآن في نعمة عظيمة، لا نحصي ثناء عليه''.

#2#

شيّعت الأحساء ابنها البار الذي أفنى عمره الذي تجاوز 102 عام في خدمة أبنائها وتعليمهم وإقامة الدروس والمحاضرات، فلم يكن يوم الأحد الماضي لأهالي الأحساء يوماً عادياً، فالحزن عم بلد النخيل، خاصة حي الكوت في الهفوف مسقط رأس الشيخ.

حفظ شيخ الأحساء الدوغان القرآن الكريم كاملاً في صغره، كما حفظ ''متن الزبد'' وحفظ من ألفية ابن مالك 300 بيت، ودرّس في المدرسة الابتدائية بالأحساء مدة 25 سنة، وذهب إلى الهند وكان يدرس صغار السن، أجرة كل واحد في الشهر روبيتان، وفي الهند درس على يد أسعد الله الهندي القرآن وعلومه والتجويد والقراءات، وكانت له رحلات إلى الحجاز وإلى سورية.

ومن الكتب التي درسها الدوغان عمدة السالك وعدة الناسك، وشرح منظومة الزبد، والإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي، وفتح المعين، وفتح الوهاب، وكفاية الأخيار، والإقناع، ومغني المحتاج شرح المنهاج، فتح الجواد شرح الإرشاد.

وكان للدوغان إلى عهد قريب حلقات علمية يدرس فيها القرآن الكريم والفرائض والنحو.

ويسجل للشيخ الدوغان تأسيسه لمدرسة علمية دينية تمكنت من مدّ جسور التواصل المعرفي مع طلبة العلم الوافدين للأحساء، وكذلك مع باقي دول الخليج العربي والهند واليمن وغيرها، حيث تمكن الدوغان من ترسيخ منهجية مميزة هي اليوم قائمة في تلاميذه وهي تُشكل إحدى ركائز الاستقرار الوطني الاجتماعي.

تناولت أفكاره تصحيح ونقد بعض الرؤى سواء في العلاقة بين مناهج الفقه والتفكير الديني، أو في العلاقة بين تيارات المجتمع وطريقة التعامل الراشد معها والركون إلى سعة القبول والحوار عوضاً عن المصارعة الشرسة، مع إبقاء مساحة معروفة تفصل التيار العلمي الشرعي عن بعض الأطروحات الفكرية.

ووسط زحام المشيعين الذين اكتظت بهم جنبات المقبرة، أبان أقارب الدوغان، أنه ولد سنة 1332، في حي الكوت بالأحساء، ونشأ فيها، وتلقى العلم عن علمائها، ومن شيوخه: محمد بن حسين العرفج، وأحمد بن محمد العلي العرفج، موضحين أن من تلاميذه عدد كبير من داخل الأحساء وخارجها، ومن أبرز طلابه الأحسائيين: ابناه الدكتور محمد وعبد العزيز، ووليد بن عبد اللطيف العرفج وأخوه الدكتور أحمد، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الله السعيد العرفج، والشيخ عبد اللطيف بن محمد العرفج، والدكتور عبد الإله بن حسين العرفج، والدكتور عصام بن عبد العزيز الخطيب، وماهر بن عبد اللطيف الجعفري، والشيخ محمد بن إبراهيم أبو عيسى العمير، وغيرهم.

الأكثر قراءة