مطلوب قانوني رياضي
ليست هي القضية الأولى التي تتناقض فيها لجان الاتحاد السعودي، وتضرب كل لجنة الأخرى، بل ما زال التناقض ساري المفعول، يحدث كل موسم في عديد من القضايا التي أصبح يعلو فيها صوت البحث عن الأخطاء في أمور شكلية وإجرائية على حساب النظرة الأخلاقية من أجل أن يُقال أخطأت هذه اللجنة وانتصرت أختها، حتى لو اقتضى الأمر أن يغض الطرف عن قضية الهتافات العنصرية التي ما زال الوسط الرياضي يشتعل حولها بين مؤيد ومعارض وضجيج لم يهدأ حتى الآن.
كل ذلك كان يجب ألا يحدث في عالم القانون.. فكيف ولجنة الاستئناف تتسلّم ملف القضية من جديد لتؤكد أن لجنة الانضباط أخطأت في إجراءاتها فقط، وسارت بالقضية في اتجاه لا يتناسب مع ما وضعت من أجله، ثم ينتهي الموضوع بحفظ القضية التي أشغلت الجميع وإسنادها إلى جهة غير معلومة!
ما هو أشد خطورة في الموضوع هو تجاهل إجراءات الاتحاد الدولي الصارمة التي لا هوادة فيها لمكافحة الهتافات العنصرية في الملاعب، وتصريحات بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم التي تنادي باتخاذ أقسى العقوبات وأشدها ضد مثيري العنصرية في ملاعب كرة القدم بعيداً عن عقوبات الغرامات وحرمان الفريق من جمهوره التي أصبحت هراء في نظر ''فيفا''، وبعيداً عن الاختلاف في الشكليات.
وبين ما هو هراء وما هو مهم لن أبرئ لجنة الانضباط التي تعاملت مع قضية الهتافات العنصرية ببرود وبدائية قانونية منقطعة النظير، عندما دخلت على خط القضية متأخراً بعد أن أشبعت طرحاً وتبادلاً للاتهامات في الإعلام وبيانات الأندية ومواقع التواصل، لكنني أتعجب من رجال قانون لا علاقة لهم بالرياضة في لجنة الانضباط رسبوا بامتياز منذ الوهلة الأولى في قراءة القضية بأبعادها القانونية وانعكاساتها والتعامل معها بجدية وعلى أساس وسط رياضي يزداد احتقاناً فوق احتقان واتهامات مباشرة في قضايا تافهة فما بالك بقضية الهتافات العنصرية البغيضة!
هذا الفشل القانوني يقودني إلى المطالبة بقانونيين يملكون خبرة رياضية كافية تؤهلهم للتعامل مع مثل هذه القضايا التي لا يتطلب فيها الأمر الاستماع إلى شكوى أو النظر في تقديم احتجاج هذا النادي المتضرّر أم ذاك، وما هو داخل في صميم عمل اللجنة الفنية، بل النظر في اللوائح والقوانين لجميع الأندية على حد سواء وفق الأحداث التي تجري على أرض الواقع دون انتظار شريط الناقل أو القناة الحصرية، ودون انتقائية تحضر مرة وتغيب مرات!