رائد وبائد
الريادة أو ريادة الأعمال، كلمة رنانة لها معانٍ راقية تعشقها القلوب، وتلتفت لها الأنظار، فالكل يريد أن يصبح رائداً، وهذا حق مشروع، ولكن كيف، ومتى؟، هذا هو السؤال.
يتصور الكثير أن ريادة الأعمال تعني مجرد امتلاك أكبر قدر ممكن من المال، لكن هل هذه فعلاً هي الحقيقة؟، ولو كانت هي بالفعل الحقيقة، فلماذا يفقد الكثير من الورثة أموالهم، ويتحول أحدهم من رائد إلى بائد؟، ولماذا تتبدل الدنيا بآخرين على نحو مفاجئ، بسبب هذا الموقف أو ذاك دون أن يكون للمال أي دور في إيقاف التدهور باعتباره المسبب الرئيس له، وهل تعلم أن الكثير ممن فازوا بجوائز اليانصيب أو الجوائز الكبرى ضيعوها بأسرع مما كسبوها؟، إذن على من يريد الريادة، أو يطمح لها، أو حتى يتمناها أن يكون عارفاً بمدلولها، لكي يكون لأمنيته ولو فسحة أمل.
فلسفة الريادة في وجهة نظري تتكون من ثلاثة محاور أساسية: الخبرة أو العلم، والعلاقات، والمال، وهذه الثلاثية لو اجتمعت في شخص أو كيان لحقق تميزاً وريادة حقيقية وفي المجال الذي يطمح له.
وبالتفصيل: الخبرة أو المعرفة، وهذه -للأسف-نرى العديد من أبناء هذا الوطن الغالي يفتح مشروعاً لا يفقه فيه حرفاً، ويعتمد على شخص آخر يقوم بالعمل نيابةً عنه، ويفشل المشروع بحكم عدم المعرفة، مثل أن يقرر شاب فتح مطعم، وعين الموظفين ووضع عليهم رئيساً، وأوكل له الثقة اللازمة بأنه سيقوم بإنجاح المشروع والعمل فيه بكل جد واجتهاد، وبعد فترة قصيرة جداً يفشل المشروع، بسبب عدم الدراية بأي معلومة عنه.
لذلك، فمن أجل أن تكسب الخبرة في أي عمل تجاري يجب أن تعمل في هذا العمل بنفسك وتتعلم أدق التفاصيل وتكون أنت المرجع وليس من استقدمت من الخارج، صحيح قد تحتاج في بعض المهن إلى نقل الخبرات، ولكن تذكر الكلمة ''نقل'' أي فترة معينة وليست دائمة، ثم يجب أن تنتقل المعرفة منه إليك، وهذا الأمر ينطبق على من أراد التميز والريادة في المجال الذي يطمح إليه.
أما العلاقات: فقد يقول الإنسان إن العلاقات تعني الواسطة، وهذا غير عادل، فالواسطة إذا كانت ستجعلك تأخذ ما ليس من حقك فهذا غير أخلاقي، أما العلاقة التي تساعدك في أن تكون رياديا فهي ما نتكلم عنه، افترض أن لديك براءة اختراع في أمر ما، وكنت تبحث عن مصدر تمويل هذا المنتج، وبحثت بين من تعرف من أصدقائك ومعارفك فوجدت شخصاً يمكن أن يسهل لك الوصول إلى ممول فهنا هنا تصبح لهذه العلاقة قيمة، لذلك راجع قائمة اتصالك في جوالك وتعرف إلى رصيدك من العلاقات، واعلم أنه ليس شرطاً أن يكون الرصيد الجيد هو في كثرة من تعرف من التجار مثلاً، ولكن فيمن يمكن أن يكون سبباً لرفع خبراتك ومهاراتك حتى تكون ريادياً حقيقياً في المجال الذي تسعى إليه.
أما المال، فهو وسيلة وليس غاية، ويجب أن يتعلم راغب المال كيف ينميه، ويحافظ عليه، حيث يصبح المال هو من يعمل لك وليس العكس في أن تكون أنت، أنت نفسك من يعمل للمال.
هذه باختصار ثلاثة أمور لتكون رائداً في جميع المجالات، ربما كانت هناك وقفات حول الأسلوب الناجح في إدارة العلاقات، وإدارة المال، والحصول على الخبرات وهي معلومة مجتمعية إلى حد ما وليست من أسس علم المال، لذلك، ربما تكون هناك فرصة أخرى لبحث هذا الموضوع الحيوي المهم، لعلنا ندرك معنى الرائد، والفرق بينه وبين البائد، ونحقق الجانب الأكبر من أحلامنا بطريقة علمية مميزة.