التقليل من آثار ترحيل العمالة في الاقتصاد السعودي
يقول سعوديون إنهم يواجهون مشكلات في العثور على عمال لتصليح الأعطال بعد ترحيل نحو مليون عامل مخالف لنظام الاقامة والعمل، في حين يؤكد خبراء أن اقتصاد المملكة الغنية بالنفط لن يتأثر بذلك.
وقال سعود عبد العزيز (58 عاما) بينما كان يتسوق في أحد مراكز التجزئة في جدة المدينة الساحلية على البحر الأحمر: "هناك دون شك تأثير في قطاع الخدمات؛ فأجور السباك أو النجار ارتفعت بنسبة تصل إلى 50 في المائة في بعض الأماكن".
وباشرت الدوريات الأمنية عملها صباح الإثنين فور انتهاء مهلة تصحيح أوضاع المخالفين لنظام الإقامة والعمل من أصل تسعة ملايين وافد يشكلون قرابة ثلث سكان السعودية.
وأسفرت حملات الدهم في مناطق جدة عن اعتقال نحو ثمانية آلاف مخالف خلال يومين، وفقا للمتحدث الإعلامي باسم الشرطة الملازم أول نواف البوق.
وقبضت الدوريات المكلفة ملاحقة العمالة الأجنبية على 14.5 ألف مخالف الثلاثاء وأكثر من تسعة آلاف الإثنين في مناطق المملكة.
وبين المقبوض عليهم ثمانية آلاف في محافظة جازان الجنوبية كانوا في طريقهم إلى اليمن، وبينهم نسبة كبيرة من القارة الإفريقية.
ويؤدي النقص في الأيدي العاملة إلى ارتفاع كلفة العاملين في تصليح أعطال السباكة والكهرباء والنجارة فضلا عن السائقين.
من جهته، قال ماجد حسن وهو مدرس في المرحلة الابتدائية "وجدت صعوبة كبيرة في الحصول على نجار صباح اليوم حتى بسعر مرتفع".
وأضاف بينما كان شرق دوار الدراجة الشهير في جدة، أحد أماكن وجود العمالة الأجنبية، "سألت الموجودين وعددهم قليل عن نجار، لكنهم أكدوا اختفاء النجارين المتجولين".
وتابع "توجهت إلى شركة لتأجير العمال؛ فأبلغوني أن أجرة النجار 150 ريالا، فيما كنت أدفع نصف ذلك سابقا".
بدوره، أبدى محمود بدر وهو طبيب مصري يسكن في شمال جدة استغرابه إزاء "اختفاء معظم عمالة الخدمات التي كانت تنتشر في أماكن محددة ويمكن الحصول عليها بسهولة".
وتابع بدر (47 عاما) "كنت أبحث عن سباك لإصلاح بعض الأعطال في المنزل، وعادة ما أجده بسرعه، لكنني بحثت في ثلاثة أحياء دون فائدة، وعلمت أن الأسعار تضاعفت اليومين الماضيين".
ويبدو أن السعوديين والمقيمين سيضطرون ألى دفع مبالغ أكبر مقابل ذلك.
وقال أبو ماهر (49 عاما) بينما كان يفاوض أحد الفنيين لإصلاح جهاز الساتلايت الخاص به "إنها مسألة شاقة أن تجد عاملا بعد بدء الحملات التفتيشية، وفي حال وجدته تستغرق وقتا في إقناعه ومفاوضته على الأسعار بعد أن يطلب مبالغ مرتفعة".
وأضاف "نؤيد تصحيح وتنظيم السوق لكن يجب توفير البديل وبأسعار معقولة لئلا يتضرر المواطنون".
وأكد أبو ماهر الذي يعمل في القطاع الخاص أن "أسعار العمال تضاعفت خلال اليومين الماضيين، وهذا أمر متوقع لكننا لم نتوقع عدم وجود البديل".
وفي هذا السياق، قال الاقتصادي ياسين الجفري "مغادرة مليون من العمالة الأجنبية للمملكة سيكون لها تأثير من حيث الخدمات وتراجع الاستهلاك".
أما الخبير الاقتصادي فواز العلمي فأعلن أن ترحيل العمالة المخالفة "قد يكون له أثر سلبي على المدى القصير، لكنه سيؤثر إيجابا على الاقتصاد الوطني في المديين المتوسط والبعيد".
وتابع العلمي الذي شغل منصب رئيس فريق مفاوضات انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية سابقا "إن معظم العمالة المغادرة قد تكون فائضة عن حاجة السوق، ولو كان السوق في حاجة إليها لعمل على تصحيح أوضاعها".
ويشير العلمي بذلك إلى قطاعات معينة تنشط فيها العمالة المخالفة مثل ورش الميكانيكا أو المغاسل الشعبية أو من يعبئون الأكياس في السوبر ماركت ووظائف أخرى مماثلة.
ويقول اقتصاديون إن ترحيل نحو مليون عامل مخالف لن يؤثر في نمو الاقتصاد إجمالا لكنه يؤدي إلى تباطؤ قطاع المقاولات بشكل أساسي.
لكنهم أكدوا أن هذا القطاع سيكون قادرا على النهوض فور تصحيح أوضاع الشركات المخالفة. ويشهد بعض مواقع البناء في أحياء من الرياض تباطؤا في العمل، خلال اليومين الماضيين.
إلى ذلك، ظهرت شكاوى في موقع "تويتر" حول غلاء أسعار المنتجات والسلع التجارية.
لكنّ مسؤولا في جمعية حماية المستهلك قال "رصدنا ارتفاعات في أسعار بعض السلع الغذائية والخضراوات والفواكه، خصوصا الطماطم بشكل جنوني، لكن هذا حدث خلال الفترة الماضية".
إلا أنه أكد "الارتفاع في أسعار بعض الخدمات لكنها مؤقتة" وتوقع "انخفاضها خلال ستة أشهر على أبعد تقدير".
وقد أقفلت بعض المحال التجارية المخصصة للعمال الأجانب في المناطق الشعبية التي كانت تعج بالآسيويين خصوصا أبوابها في الرياض وجدة.
وكانت السلطات قد أعلنت ترحيل ومغادرة ما لا يقل عن 900 ألف عامل أغلبيتهم من دول جنوب شرق آسيا.