العالم العربي إلى التكامل

هل تشهد دول مجلس التعاون الخليجي منافسة اقتصادية أم تكاملاً اقتصادياً؟ وهل يشهد العالم العربي تكاملا أم تنافرا؟ لم أستغرب حجم الاستثمارات في المنطقة ولا حجم المليارات المرصودة لها، ولكن استغربت التنافس الغريب بين دول مجلس التعاون، فعلى سبيل المثال، هناك ستة مشاريع جديدة لتطوير موانئ بحرية بين إقامة ميناء جديد، أو توسعة ميناء حالي، حيث تبلغ القيمة الإجمالية لهذه المشاريع نحو 9181 مليون دولار، وتستوعب نحو 58 مليون حاوية إضافة إلى عدد الاستيعاب الموجود حالياً.
وفي الوقت نفسه ممكن أن تصرف مثل هذه المليارات في دول أخرى في العالم العربي من باب الاستثمار والتعاون العربي العربي، هناك حزمة أسئلة تتبادر إلى الأذهان وهي: هل تستوعب سوق ما هذا الحجم الضخم من الموانئ؟ وهل يعقل أن تقوم شركات الخدمات اللوجستية بفتح ثمانية أو تسعة فروع بين كل فرع وآخر مسافة لا تتجاوز الساعة؟، وهل تستحق ''كعكة'' الموانئ أن تكون بهذا الحجم؟ أم ترى أن تطويرها ليس سوى زيادة في أعداد موانئها فقط، وكيف يستقيم هذا مع مفهوم العالم الذي ينظر إلى دول الخليج على أنها وحدة واحدة أو كيان واحد بالمنظور الاقتصادي؟، على سبيل المثال: يقال في الوكالات التجارية: إن صاحبها وكيل لدول الخليج.
مر على ذكرى تأسيس مجلس التعاون الخليجي أكثر من 30 سنة تقريباً وجامعة الدول العربية أكثر من 60 عاما، وبالنظر إلى صفة المجلس ''تعاون'' فإنه لا بد من أن يحمل دلالات واقعية حقيقية كأن يكون هناك تعاون اقتصادي بينيّ، وقد أنعم الله على بعض هذه الدول بوفرة في الثروات الطبيعية مثل المملكة والكويت، فلماذا لا تستفيد المملكة من هذه الميزة التنافسية؟، وتعمل على تطويرها بتطوير صناعة البترول والمعادن، وتحفيز جميع التجار على تأسيس شركات في هذا المجال، كذلك تمتلك دولة قطر وفرة في الغاز، فلماذا لا يكون هناك تركيز في التعاون بهذا المجال؟، وهناك عمان التي يمكن الاستفادة من موقعها على بحر العرب بتصدير الإمارات والبحرين كمركز مالي، وخدمات لوجستية وهكذا، ثم ما فائدة القطار الخليجي المنتظر إذا كان لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من اثنين أو ثلاثة موانئ بحرية تجارية، ولا ننسى باقي الدول العربية مثل السودان سلة الغذاء للعالم العربي، ومصر فيها من الطاقة البشرية التي تكفي لتشغيل أكبر المصانع، ولكن هذه الطاقة البشرية تحتاج إلى تدريب عالٍ، ولا أعتقد أننا نحتاج إلى كل هذه الموانئ في هذه المنطقة ونحن في عداد الدول المستهلكة وليست المصدرة؟
وإذا كان هناك ثمة رأي دقيق يمكن طرحه، فيجب أن يكون الدور بين دول مجلس التعاون والدول العربية دورا تكامليا لا تنافسياً محموماً، صحيح أن المنافسة شيء جيد، ولكنه كذلك إذا كانت السوق تتحمل هذه المنافسة، مثال: في سوق المشروبات الغازية، لا نجد إلا عملاقين يستحوذان على أكثر من 90 في المائة من هذا السوق، والمنافسة صعبة جداً، لكن ماذا لو كان لدينا في دول مجلس التعاون محفظة استثمارية تنموية هدفها خدمة دول مجلس التعاون، كالمشروع السابق بين دول مجلس التعاون في ''طيران الخليج''؟، نحن نريد أن يكون لدينا مشروع شركة طاقة الخليج، أو شركة موانئ الخليج، أو شركة صناعات الخليج، فبهذه الشركات سيكون هناك تكامل اقتصادي، وفرص عمل لجميع أبناء الخليج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي