توجّه لرفع أسعار التأمين.. ومطالب بتأمين إلزامي ضد الكوارث

توجّه لرفع أسعار التأمين.. ومطالب بتأمين إلزامي ضد الكوارث

كشفت مصادر عاملة في قطاع التأمين عن توجه عدد من الشركات إلى رفع أقساط التأمين ضد الأخطار بنسبة 10 في المائة على جميع الممتلكات سواء السيارات والمحال والعقارات، عبر تقديم دراسات للمختصين الإكتواريين المعتمدين في مؤسسة النقد للموافقة على الزيادة، مرجعين ذلك إلى أن الخسائر التي ستتكبدها شركات التأمين من جراء الكوارث الطبيعية في المملكة كبيرة ومرتفعة، مقارنة بالأسعار التي وضعتها شركات للتأمين ضد الأخطار، حيث تعد أسعارا بسيطة لا تغطي التكلفة الحقيقة، يأتي ذلك لضعف تنفيذ مشاريع البنى التحتية وفق المواصفات التي أقرتها الحكومة، وهو ما يضاعف حجم الخسائر على شركات التأمين إلى مليارات الريالات.
فيما أوضح عدد آخر من المتعاملين في التأمين أن أسعار التأمين ضد الأخطار أسعار مناسبة، وأن الشركات التي حققت خسائر كبيرة من جراء أسعارها التنافسية هي التي تطالب برفع الأسعار.
وبيّن تيسير عبد الرحيم كايد خليل المدير التنفيذي لشركة اليمامة لوساطة التأمين ارتفاع حجم خسائر شركات التأمين بعد الأمطار التي هطلت على مدينة الرياض مطلع الأسبوع الجاري، إذ بلغت مئات الملايين، وإن كانت لا توجد إحصائية دقيقة إلى الآن توضح حجم خسائر شركات التأمين ولكن الخسائر كبيرة.
وأردف: إن تزايد الأضرار على الممتلكات من جراء الأمطار يتطلب رفع أسعار التأمين ضد الكوارث حتى تستطيع الشركات تقديم خدمات أفضل، هذا ويعتزم عدد من شركات التأمين رفع أقساطها ضد الكوارث بنسبة 10 في المائة، مرجعا ذلك إلى أن الخسائر التي لحقت بشركات التأمين كانت نتيجة ضعف تنفيذ شركات المقاولات للمواصفات المطلوبة في مشاريع البنى التحتية، الأمر الذي زاد من حجم الخسائر، لافتا إلى أن الأمطار التي هطلت في الرياض لم تكن كارثية، بحيث تحدث هذا الحجم من الخسائر، وهو ما يؤكد وجود خلل في تنفيذ المشاريع.
وقال، بعد سيول جدة رفعت الجهات الحكومة مواصفات المشاريع المقامة وأعطت اهتماما كبيرا لتنفيذ تصريف المياه إلا أن الشركات المنفذة لم تكن ملتزمة بالتطبيق وكانت تعتمد على شركات التأمين عند حدوث الكوارث.
وتوقع أن يشهد التأمين ضد الأخطار إقبالا كبيرا من الأفراد على سياراتهم وممتلكاتهم خلال الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار تغير الأجواء وهطول أمطار متفرقة على مناطق المملكة, وزاد أن التأمين ضد الأخطار يشهد نموا منذ كارثة سيول جدة الأولى، حيث ارتفع الوعي لدى الناس بأهمية التأمين ضد الأخطار.
وأوضح مصدر آخر - فضل عدم ذكر اسمه - أن هناك عددا من شركات التأمين يتقدم فعليا لطلب مختصين إكتواريين لقياس مدى الزيادة المطلوبة في التأمين ضد الأخطار، خاصة أن الشركات بعد كارثة سيول جدة طرحت أسعارا تنافسية منخفضة عن التكلفة الحقيقية، وهو ما زاد من حجم الخسائر عليها، لذلك لا بد من وضع أسعار تتناسب مع حجم الأخطار التي تحدث في المملكة، بهدف الارتقاء بتقديم الخدمات والقدرة على سداد جميع المتضررين في حال الكوارث - لا سمح الله.
فيما أوضح روبير جميل البهو المدير العام للشركة التعاونية للاستشارات التأمينية أن أسعار التأمين الحالية لتأمين الكوارث الطبيعية مناسبة ولا يعني ذلك أنها قد لا تتغير مع ارتفاع حجم الخسائر، حيث تقوم شركات التأمين بتعديلها من فترة إلى أخرى بناءً على إحصائيات يقوم بها متخصصون.
وأشار البهو إلى أنه بعد تجارب السيول غير المتوقعة التي ضربت أماكن عدة في المملكة وأهمها جدة، تنبهت شركات التأمين لهذا الأمر وقامت بوضع شروط تأمينية لتحديد حجم خسائرها في حال وقوع الفيضانات، كما قامت بزيادة أسعار التأمين على المخاطر الطبيعية، وهي تقوم بصورة دورية بتعديل هذه الشروط والأسعار حسب خسائرها، ويلعب معدو التأمين دوراً كبيراً في وضع هذه الشروط. إن العديد من أصحاب المركبات لا يعلمون شيئاً عن تأمين مركباتهم ضد أخطار الطبيعة، وهذا ما يجب نشر التوعية عنه.
وحول حجم الخسائر لا يمكننا في هذه المرحلة من هطول الأمطار تقدير خسائر شركات التأمين، لكن المتوقع أن تصل الخسائر إلى مئات الملايين من الريالات مع استمرار الأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى فيضانات تطول المشاريع الكبيرة التي هي تحت التنفيذ حالياً.
أوضح عبد الكريم التميمي المدير التنفيذي في إدارة المخاطر أن أسعار التأمين ضد الأخطار بأسعارها الحالية أسعار مناسبة، خاصة أن الأمطار تعتبر نادرة في المملكة.
وأردف التميمي قائلا إن مؤسسة النقد لا تسمح بزيادة أسعار من دون وجود توصيات من المختصين الإكتورايين المعتمدين لدى مؤسسة النقد، وهؤلاء المختصون لهم معايير ومقاييس معينة في رفع الأسعار مقابل الخدمات المقدمة. ولفت التميمي إلى أن هناك إقبالا ووعيا كبيرين لدى المواطنين للتأمين على سياراتهم ضد المخاطر التي تسببها السيول والكوارث بشكل أكبر من التأمين على الممتلكات التي اقتصرت على رجال الأعمال ومن يمتلك مصانع وشركات كبيرة وبضائع، لكن على مستوى الأفراد الإقبال ضعيف ضد المخاطر.
وحول طرح أنواع أخرى للتأمين ضد الكوارث قال، لا توجد لدينا وثيقة للتأمين ضد الكوارث، حيث إن هذا النوع من التأمين يندرج تحت التأمين ضد الحريق وهو المتعارف عليه منذ أن وجد التأمين، لكن كان كثير من الناس لا يهتمون بهذا التأمين نظرا لقلة حدوث الكوارث الطبيعية، وأشار إلى أن هناك نوعا آخر من التأمين هو التأمين ضد جميع الأخطار، لكن أغلبية الشركات لا تتعامل مع هذا النوع من التأمين نظرا لارتفاع تكلفته.
من جهة أخرى، قدر متخصص في مجال التأمين عدد الأفراد الذين تغطي عقودهم التأمينية الكوارث الطبيعية بـ 10 في المائة من إجمالي عدد الأشخاص الذين يتمتعون بمنتجات تأمينية في السعودية، كما أن نسبة عملاء شركات التأمين الذين يقومون بالتأمين على مركباتهم 45 في المائة رغم أنها ملزمة.
وقال سعد الخبار عضو اللجنة الوطنية للتأمين إن التأمين على الكوارث الطبيعية بدأ يظهر على السطح عقب حادثة سيول جدة إلا أن هناك شريحة كبيرة من عملاء التأمين لا تستطلع بنود العقود بين الطرفين وإنما تقود بالتأمين لإنهاء إجراء حكومي مرتبط بشرط التأمين على المركبة.
وأضاف، أن شركات التأمين تختلف فيما بينها، فبعضها يغطي جميع أضرار العوامل الطبيعية، أما بعض الشركات العاملة في الوقت الراهن لا تغطي بتأمينها الحوادث الناجمة عن الكوارث الطبيعية، وكل هذا يوضح في بوليصة التأمين التي عادة لا تشمل الكوارث الطبيعية، في حالة رغبة أي شخص أن يشمل غطاؤه التأميني الكوارث الطبيعية عليه أن يضيف بعض المزايا والخدمات على بوليصة التأمين الشامل.
ولفت إلى أن هناك ارتفاعا في الوعي لدى المستهلك، والجهات العاملة في القطاع وبعدما كان المستهلك غير مستفيد من التأمين ضد الكوارث الطبيعية، ويعود السبب في الماضي إلى عدم التوعية الفاعلة لأهمية المنتج التأميني في الحياة اليومية وانعدام الثقة بصناعة التأمين لما تتطلبه إجراءات تسوية المطالبات من وقت وجهد وكثير من التعقيد في فهم البنود، وتباطؤ تغير واضحة المعالم عن المخاطر والحوادث والكوارث، إضافة إلى خصوصية اجتماعية تقف في طريق تطبيق التأمين بالشكل السلس.
وأكد بأن المشكلة الأكبر التي تصادف قطاع التأمين هي ضعف المسوقين وقلة الكوادر القادرة على تعزيز ثقافة الراغب في الاستفادة من خدمة التأمين.
وقال عماد الدين الحسيني نائب رئيس لجنة التأمين في غرفة الشرقية إن معظم شركات التأمين العاملة في السوق السعودية لا تغطي أخطار السيول في وثائقها المتعلقة بالتأمين الشامل على السيارات؛ لأنه اختياري ولا يتم إلا بدفع عملاء التأمين مبلغا إضافيا على التغطية ويتم إدراج هذا البند في عقد التأمين الذي يتم إبرامه بين الطرفين. وأضاف، أن السواد الأعظم من عملاء التأمين لا يفضلون دفع مبالغ مالية إضافية للحصول على تغطية الكوارث الطبيعية بسبب أن السعودية بلد غير مطري كما هو الحال في الدول الأوروبية ودول شرق آسيا، مشيراً إلى أن القطاع الخاص شركات تأجير السيارات مثلاً هم من يحرصون على مثل هذه الاستثناءات، أما الأفراد فهم يحرصون على تقليص تكلفة قسط التأمين على السيارات.
ويرى مشعل الشريف المحامي القانوني أن عقود شركات التأمين غالباً ما تخلو من الثغرات التي قد تفيد عملاء التأمين، فيما يتعلق بالتعويضات المالية بشأن الكوارث الطبيعية، وذلك فيما يتعلق بالأفراد، أما الشركات الكبرى فتحرص على التأمين الذي يشمل كامل المواصفات التأمينية كافة، لأنها ترى ضرورة أن يكون التأمين على مثل هذه الحوادث متاحا بشكل واضح، مضيفا أن شركات التأمين يمكنها إضافة قيمة المخاطرة لمثل هذا التأمين ورفع الرسوم التأمينية لتفادي العجز عن تغطية قيمة التعويضات.
وطالب الحسين مؤسسة النقد بفرض التأمين على الممتلكات ضد الكوارث الطبيعية على الأفراد أو الشركات مقابل رفع الرسوم، وحملة توعوية تقوم بها الجهات المختصة لتعريف المستفيدين من وثائق التأمين بحقوقهم وواجباتهم.

الأكثر قراءة