متوتر .. وعصبي

ننظر حولنا فنجد من يغرق نفسه في مشكلاته وفي أحداث حياته اليومية بصورة تجعله غير قادر على النظر إلى نفسه في المرآة، إما لضيق الوقت وإما لضيق الروح. وعلى الجانب الآخر ننظر فنجد ذلك الآخر المثقل بأعبائه اليومية والجسدية ومع ذلك قد تكيف مع أوضاعه، وابتسامته لا تفارق وجهه وتحسبه كأنه خالي الذهن وهو في حقيقته غارق في الهموم حتى أذنيه.
يقول الدكتور ''ريتشارد سابولسكي'' إن الجينات تقوم بتنظيم إفراز هرمون التوتر وبدعم قدرة الإنسان على مقابلة الضغط العصبي على نحو لا يؤثر في صحته البدنية والعصبية، ومع أن الجينات من العوامل القوية التي تتحكم في قدرة الإنسان على مواجهة الضغوط النفسية والعصبية إلا أن الإنسان الذي تعوّد في طفولته على مجابهة الضغوط النفسية بروية وحكمة يمكنه أن يعيش حياته في هدوء وراحة بال بصرف النظر عما يواجهه من صعوبات.
يؤدي التوتر والعصبية إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي والقلب وإلى تعويق عملية التبويض والحمل عند المرأة، ولأن المرأة أكثر تأثراً بالضغط العصبي الناتج من كثرة الأعباء فهناك بعض الطرق العقلية التي تتبعها بعض النساء الناجحات للتأقلم مع ضغوط الحياة المستمرة. ومن تلك الطرق التحكم في النفس بحيث يمكنها تفتيت المشكلة إلى أجزاء ومحاولة حلها، كما أن ترتيب الأولويات يخفف الضغوط عليها.
بعض الدراسات العلمية أفادت بأن المرأة والرجل يختلفان في ردود أفعالهما تجاه مواقف في الحياة اليومية. فقد أشارت دراسة حديثة في جامعة ''كاليفورنيا'' إلى أن الاختلافات في الهرمونات بين الرجل والمرأة تجعل الرجل يواجه أي موقف إما بالدخول في ساحة الصراع وإما الفرار منها، في حين أن المرأة تكون قادرة على التعامل مع التوتر العصبي عن طريق رعاية أطفالها والاتصال بالصديقات وممارسة الأنشطة الاجتماعية.
المرأة الذكية الخالية من التوتر تعرف كيف تتفاوض مع من حولها لإنجاز بعض المهام. يقول الدكتور ''جوي بالدريدج'' إنه يعرف سيدة تعطي ابنتها دولاراً في كل مرة تساعدها في إنجاز بعض المهام، مثل مساعدتها في تأدية بعض الأشياء لأخواتها الصغار. من الممكن اتباع هذه الطريقة في العمل أيضاً ولكن بالطبع ليس عن طريق إعطاء النقود إلى الزملاء، ولكن بطرق أخرى بالتأكيد من أجل تخفيف الأعباء.
يؤكد البحث أن المرأة التي تمارس أداء تمرينات يومية للتنفس تخف لديها معدلات التوتر إلى النصف. فإذا تذكر الإنسان أن يتنفس بعمق عند حدوث أمر يضايقه فإنه سيشعر بالاسترخاء الوقتي الذي قد يساعد على حل المشكلة جزئياً. وهي الطريقة التي أطلق عليها الباحثون ''طريقة النفس الواحد''.
إن الاسترخاء شيء يمكن أن يتدرب عليه الإنسان إذا أراد.