الأنشطة والمهن السياحية .. نقلة نوعية
يعد نظام السياحة الذي أقره مجلس الوزراء أخيرا، نقلة نظامية كبيرة وخطوة مهمة في تنمية السياحة الوطنية، ويأتي محققاً لإحدى أهم توصيات الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية المتضمنة ضرورة توفير الإطار النظامي لتنظيم المرافق والمهن والأنشطة السياحية. فعندما أنشئت الهيئة، بادرت بمراجعة الأنظمة واللوائح المتعلقة بالسياحة، وكان من أهم توصيات الاستراتيجية جمع الأنشطة والمهن السياحية الأساسية، التي يعاني بعضها التشتت بين جهات عدة والبعض الآخر فراغا نظاميا وعدم وجود جهة تشرف عليه، وتوحيد الإشراف عليها تحت مظلة واحدة، ووضع نظام عام ينظمها بهدف رفع مستوى الجودة في مزاولة تلك الأنشطة والمهن، وتوفير البيئة المناسبة للسياحة داخل المملكة، ومواكبة التطورات والمستجدات في قطاع السياحة.
وتضمن النظام خمسة فصول، جاء الفصل الأول موضحاً لتعريفات وأهداف النظام فعرّف الأنشطة والمهن السياحية، وأن النظام يهدف إلى تنظيم العلاقة فيما بين المرافق السياحية والخدمات المتعلقة بالنشاط السياحي بوجه عام، وكل من يمارس أي نشاط متعلق بهذا النظام أو من يستفيد منه. وقضى النظام بأن الأماكن السياحية العامة مصونة ولا يجوز تملكها من قبل الغير، ويتم استغلالها واستثمارها مباشرة من قبل الدولة أو تأجيرها للقطاع الخاص عن طريق المنافسة العامة. وخوّل النظام الهيئة مهمة اقتراح الأماكن السياحية العامة. وأسند النظام إلى الهيئة مهمة اقتراح المعايير، التي ترى أهمية مراعاتها لتنظيم الفعاليات السياحية وتطويرها، وكذلك المعايير التي ترى مناسبتها لأنشطة السياحة البحرية والزراعية وسياحة الصحة والاستشفاء وسياحة الأعمال والسياحة البرية وغيرها من الأنماط السياحية.
وفي الفصل الثاني قضى النظام بعدم جواز مزاولة الأنشطة والمهن السياحية إلا بترخيص من الهيئة، وفقا للشروط والمتطلبات والضمانات التي تحددها اللوائح، كما خوّل النظام الهيئة إصدار شهادات التصنيف لمرافق الإيواء السياحي والأنشطة والمهن السياحية ومعايير وآلية تطبيقها واجراءات الاعتراض والتظلم من قبل المرخصين والمصنفين، وكذلك مراقبة قائمة أسعار الوحدات السكنية وخدمات الإيواء والأنشطة والمهن السياحية. وخول الهيئة إصدار أذونات التأشيرات السياحية، وفق ضوابط متفق عليها بين الهيئة ووزارتي الداخلية والخارجية. وفي نهاية هذا الفصل قضى النظام بالتشجيع على إنشاء جمعيات متخصصة في مجالات الأنشطة والمهن السياحية. ولا شك أن هذه الأحكام المنظمة للترخيص والتصنيف تهدف إلى حماية المستفيدين وإيجاد بيئة صحية للاستثمار السياحي وتحقيق مستوى الجودة المطلوب، وفقا لدرجة التصنيف الممنوحة بصفة مستمرة.
وتناول الفصل الثالث الرقابة على مرافق الإيواء السياحي والأماكن التي تمارس فيها الأنشطة السياحية، ومنح النظام موظفي الهيئة المختصين حق الرقابة والدخول والتفتيش والاطلاع وطلب البيانات والاستماع إلى الشكاوى من المستهلكين وضبط المخالفات وإحالتها إلى لجان النظر في مخالفات أحكام هذا النظام ولوائحه وإيقاع العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام. ومنح النظام الهيئة الحق في الاستعانة بأي جهة فنية أو متخصصة لإتمام عمليات الرقابة. كما تناول هذا الفصل المعايير المهنية وقضى بأن تُراعى المعايير المهنية التي تضعها الهيئة عند إقامة القطاعات التدريبية والتعليمية الأهلية أي برنامج تأهيلي أو تدريبي لمرافق الإيواء السياحي والأنشطة والمهن السياحية. كما أناط بالهيئة مهمة العمل على إعداد المعايير المهنية لجميع مهن القطاعات السياحية، وتزويد قطاعات التعليم والتدريب الحكومية والأهلية، التي تقدم برامج تعليمية سياحية بتلك المعايير للاسترشاد بها، ولتكون حداً أدنى لمتطلبات المناهج المقدمة لتلبية احتياجات سوق العمل. وفي نهاية هذا الفصل قرر النظام أن تعمل الهيئة – بالتعاون مع وزارة الداخلية والجهات الأخرى ذات العلاقة – على إنشاء مركز معلومات سياحي، وألزم المرخص لهم بتسجيل بيانات جميع منسوبيهم لدى الهيئة، وتحديثها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وكذلك بأن يقدموا إلى الهيئة المعلومات والإحصاءات السياحية، وفقاً لما تبينه اللائحة.
وتناول الفصل الرابع في بدايته العقوبات فخوّل نظام السياحة الهيئة تطبيق العقوبات على مخالفي أحكام هذا النظام ولوائحه، وتضمن غرامات مالية تصل إلى 100 ألف ريال وإلغاء الترخيص، وتجوز مضاعفة الحد الأعلى للعقوبة عند تكرار المخالفة. وبذلك يكون هذا النظام قد حقق إضافة مهمة غير متوافرة تتمثل في العقوبات الرادعة، سواء من خلال الغرامات ذات المبالغ الكبيرة أو إلغاء الترخيص أو بهما معاً. وقضى النظام بأن تكون هناك لجنة أو لجان عدة للنظر في المخالفات وإيقاع العقوبات. وأجاز التظلم من قراراتها أمام المحاكم المختصة، وقضى النظام بأن تحدد اللوائح إجراءات عمل اللجان ومكافآت أعضائها. وفي نهاية هذا الفصل خوّل النظام الهيئة تقاضي مقابل مالي عن الخدمات التي تقدمها. ولا شك أن ذلك سيساعد الهيئة على تقديمها خدمات منح التراخيص وتجديدها والتصنيف والتفتيش والرقابة وغيرها من الخدمات المقررة بموجب هذا النظام.
وتضمن الفصل الخامس أحكاماً عامة خاصة بفترة الموءامة وتاريخ نشر النظام وسريانه، وألزم ممارسي تشغيل مرافق الإيواء السياحي والأنشطة والمهن السياحية بإعادة تكييف أوضاعهم بما يتفق مع أحكام هذا النظام وذلك خلال سنة من تاريخ نفاذه. وقضى بأن يحل هذا النظام محل نظام الفنادق ويلغى كل ما يتعارض معه من أحكام، وأن يعمل بهذا النظام بعد 180 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وخوّل مجلس إدارة الهيئة إصدار اللوائح اللازمة لهذا النظام.
ويبقى القول إنه من المتوقع قريبا صدور اللوائح التنفيذية لهذا النظام وبعدها يكتمل تنظيم جميع الأنشطة والمهن السياحية، ليضيف بعداً جديداً وخطوة كبيرة في مسار تطوير الأنظمة السياحية، ومن ثم تحقيق نقلة نوعية في تنظيم قطاع السياحة في هذه المرحلة لتمكينه من القيام بدور أكبر في التنمية الاقتصادية. ولا شك أن ذلك يحتاج إلى خطة عمل وتوفير متطلبات تنفيذها لقطف ثمار هذا التنظيم وتفعيله على أرض الواقع.