4 أعوام تفصل السعودية عن التحول للمعايير المحاسبية الدولية

4 أعوام تفصل السعودية عن التحول للمعايير المحاسبية الدولية

تتجه السعودية خلال الأربع السنوات المقبلة إلى التطبيق التدريجي للمعايير المحاسبية الدولية بدلاً من المحلية، وذلك في عام 2017م، الأمر الذي يجعل الشركات والمؤسسات في تحد لقبول المتطلبات بمعايير صارمة وأكثر إفصاحا من ذي قبل.
في حين ينظر القطاع التجاري لمشروع التحول للمعايير الدولية بـ"استحياء" وعدم قبول، كما وصفه أحد الخبراء، في الوقت الذي يدفع بتطبيقه إلى إيجابيات على الاقتصاد السعودي لتكون شركاته أكثر تنظيماً ومصداقية في تقاريرها المالية، وتوسعها خارجياً والاندماجات والحصول على تمويلات خارجية، وفتح الشركات العالمية فروعا داخل المملكة.
ومن المنتظر أيضاً أن يقضي مشروع التحول للمعايير الدولية على تجار الشنطة من محاسبين دأبوا بالتواطؤ مع ملاك بعض الشركات على استصدار قوائم مالية متعددة مزيفة، قد تكون للبنوك بتضخيم الأرباح للحصول على تمويل، وأخرى تكون لمصلحة الزكاة والدخل تقلص فيها الأرباح لزكاة أقل، وأخيراً حقيقية تكون بيد المالك.
وأمام ذلك، يصف الدكتور أحمد المغامس أمين عام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، التحول للمعايير الدولية بـ"القضية كبيرة"، مشيراً إلى أن المجتمع المحاسبي تعود على معايير محلية سعودية وبات عليهم التحول إلى معايير دولية أكثر صرامة وإفصاحاً.
وأوضح المغامس في تصريحات صحافية خلال ملتقى نظمته الهيئة جمع خبراء ومحاسبي شركات وأكاديميين للتعريف بمشروع التحول، أن التأثيرات لتطبيق المعايير الدولية في السعودية لن تكون سلبية بقدر ما ستكون بشكل صوري، ممثلاً على ذلك بأن تطبيق المعايير الدولية قد يقلل من الأصول في التقرير المالي للشركة لأنه يمنع تجميع الأصول.
وعن انعكاساته على القوائم المالية للشركات المساهمة، قال المغامس: "التغيرات كنتائج أعمال مجملة ستتأثر، ومثال على ذلك قيمة الأصول ستنخفض، لكن لن تؤثر في الأرباح الحقيقية النهائية".
ويعتقد أمين هيئة المحاسبين، أن الشركات والمؤسسات ستتأثر في أول عام من التطبيق في 2017م، لكن سرعان ما ستتعود على هذه المعايير في السنة الثانية، مبيناً أن السنوات الأربع المقبلة هي مرحلة إعداد وتثقيف للمعايير الدولية في الجامعات كتعليم الطلاب والشركات للبدء في التطبيق التدريجي والاستعداد.
وأكد أن تطبيق المعايير الدولية بعد أربع سنوات سيشمل جميع الشركات والمؤسسات الهادفة للربح، موضحاً أن هناك معايير أخرى خاصة بالمؤسسات غير الهادفة للربح، وأخرى للمؤسسات المتوسطة والصغيرة.
وتابع قائلاً: "كما أن هناك معايير محاسبة خاصة لأجهزة الدولة يعمل عليها ديوان المراقبة العامة".
وأوضح أن الهيئة تشرف وتراقب 140 مكتبا محاسبيا، متوقعاً أن تكون مستعدة خلال السنوات القادمة لاعتماد الكثير من الشركات عليها، وكذلك من جانب التدريب.
وقال: "إن معايير المحاسبة هي كالكتالوج من خلالها تستطيع الشركة تسجيل حساباتها، وعرضها والإفصاح عنها للعامة".
وعن الانعكاسات الاقتصادية لتطبيق المعايير الدولية، قال المغامس: "سيكون ذا فائدة لدخول الشركات الخارجية وفتح فروع في المملكة، وكذلك العكس سهولة التوسع الخارجي للشركات المحلية".
وعن الممارسات الخاطئة التي سيقضي عليها التحول، أبان المغامس أن مشروع المعايير الدولية سيقضي على تكرار وتعدد القوائم المالية للشركة، لتظهر قائمة موحدة تستفيد منها الجهات المهتمة، مؤكداً أن تطبيق المعايير الدولية سيقضي على تجار الشنطة بنسبة تصل إلى 90 في المائة، إلا إذا حصل تواطؤ من صاحب الشركة والمكتب المحاسبي بتسجيل قائمة مزيفة في الموقع المخصص له، لكن ستكون قائمته مكشوفة للجهات المهتمة بها. ومثالا على ذلك أن المعايير الدولية ستقضي على التلاعب السابق لبعض الشركات، التي تصدر بثلاث قوائم مالية للمالك وهي الصحيحة، وأخرى لمصلحة الزكاة والدخل تقل فيها الأرباح لتقل نسبة الزكاة، وأخرى تضخم فيها الأرباح تصل للبنوك للحصول على تمويل، وهذا سينتهي بظهور قائمة مالية موحدة صحيحة لتلك الجهات.
وعن الجهات المسؤولة عن إلزامية تطبيق المعايير الدولية في الشركات، أكد أن هيئة السوق المالية ووزارة التجارة تجبرهم على تطبيقها، وفقاً لما صدر عن هيئة المحاسبين.
وكان المغامس قد بدأ الملتقى الذي ينظم بالتعاون مع جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية، بعرض لخطوات الهيئة للتحول، مشيراً إلى أن أسباب التوجه للمعايير الدولية تتمثل في تسارع وتيرة الأعمال الدولية، وانتشار قبول المعايير الدولية عالميا باعتبارها مجموعة ذات جودة عالية.
ولفت المغامس إلى أنه سيكون للهيئة دور مؤثر في توفير معايير وإرشادات تطبيقية محاسبية للمعاملات المتوافقة مع الشريعة والمراجعة عليها فيما لا تغطيه المعايير الدولية.
من جانبه، أكد أنيس موترويالا رئيس جمعية المحاسبين المعتمدين في شمال الخليج البريطانية، أن منافع السعودية للتحول للمعايير الدولية تتمثل في سهولة عمل التقارير المالية للتعامل التجاري الخارجي، وإجراءات منظمة للتقارير وبتكاليف أقل، بالإضافة إلى سهولة حصول الشركات السعودية على تمويل خارجي والاندماج والتعامل الخارجي.
ولم يخف أنيس من صعوبة ستجدها السعودية في تطبيق المشروع في بداية الأمر، بسبب صرامتها وزيادة الإفصاح، والعقوبات. وقال: "إن التحديات تكمن الآن بتوفير مستشارين للتطبيق والتدريب".
من جهته، وصف خليل السديس رئيس المراجعة بمكتب كي بي إم جي، خلال جلسة النقاش التي جمعت عدة خبراء، نظر عملائهم من الشركات لمشروع التحول على "استحياء"، مشيرا إلى أن هناك شركات قليلة كبرى ذات التعاملات الخارجية تعد قوائمها بنسختين محلية ودولية، وقد بدأت بخطوات جدية للتحول ومعرفة الفروقات وخطوات التحول. واستدرك حديثه بالقول: "لكن يبقى هذا تحديا كبيرا لكثير من الشركات والمؤسسات، وسيكون أمامها عقبة كبرى لمزيد من الإفصاحات لم تعتد عليها، سواء من معد القوائم المالية أو القارئ لها".
واتفق كيسي بلاتش مدير التخطيط المالي بمجموعة المراعي، مع ما ذهب إلى السديس بأن التحول يمثل تحديا كبيرا يستلزم العمل عليه من الآن، مشيرا إلى أن الخطوات العملية في المراعي قد بدأت.

الأكثر قراءة