موازنة 2014 .. تحفيز الاستثمار في سوق الأسهم
إعلان الموازنة السعودية أمس حدث مهم وحيوي لسوق المال والأعمال حيث يتطلع قطاع الأعمال والمتداولون في السوق تجاهها من زاوية تأثيرها الإيجابي في نتائج أعمالهم. فارتفاع الإنفاق على المشاريع له انعكاسات إيجابية على القطاع الاقتصادي ككل بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فالإنفاق الحكومي ومنذ أبد الدهر عامل مؤثر ومحفز للاقتصاد ونموه. وعادة ما تلجاء الحكومات لرفع وزيادة الإنفاق الحكومي لإنعاش الأنشطة المختلفة، فالشركات العاملة في السوق سواء كانت مدرجة أو غير مدرجة تتأثر أرباحها بصورة مباشرة (بيع خدمات ومنتجات للدولة) أو بطريقة غير مباشرة (بيع خدمات ومنتجات لشركات وأفراد تتعامل مع مشاريع الدولة).
نمو وتراجع الموازنة
ركزت الموازنة اليوم في استعراض حجم الفائض من الفرق بين المنصرف من طرف الدولة والإيرادات التي حصلتها الدولة من مختلف اأشتطها وأهمها النفط الذي نجم منه أكثر من مائتي مليار ريال. الوضع الذي يدعم قدرة الدولة على التوسع في الأنشطة والمشاريع التي ستتم خارج الموازنة مستقبلا أو عند حدوث عجز في حال تراجع النفط مستقبلا لا سمح الله. كما ركزت الموازنة اليوم على أول موازنة ودون عجز العام الحالي بعد أن دأبت في الأعوام السابقة على وجود عجز محتمل من زاوية تقدير الدخل الحكومي وتراجع أسعار النفط. وركزت الموازنة على تحقيق دخل 855 مليارا (مع ملاحظة أن الدولة حققت في العام الحالي 1131 مليار ريال ومن النفط نحو 1017 مليار ريال. وبالتالي تتوقع الدولة تراجع إيراداتها بنحو 25 في المائة على أساس احتمالات تراجع أسعار النفط حاليا بنحو 25 في المائة وهو أكثر من المتوقع عند المتشائمين. ومن المهم أن ندرك أن الإنفاق الحكومي مستمر بالنمط نفسه للعام القادم وأن قدرة الدولة على تحقيق وتنفيذ الموازنة أمر واقع بعد إرادة الله وواضح. وأن توافر الموارد لدعم هذه القدرة على النفاق دون أعباء إضافية على الدولة أمر واقع ومقبول. فالحديث أو الشك حول أي من الفرضيتين يؤثر في التوقعات والافتراضات التي سنتحدث عنها لاحقا.
اتجاهات الإنفاق
في الدولة
الموازنة احتوت على معلومة مهمة تدور حول وجود مشاريع سيتم الإنفاق عليها العام القادم وتتبع عددا كبيرا من الجهات، وهذه المشاريع تتمحور حول تعويضات لنزع ملكيات وإنشاء مشاريع بنية تحتية من طرق ووسائل مواصلات ومبان وسدود وغيرها من المشاريع المدرجة في الموازنة. ومن المتوقع أن تضخ الدولة بالتالي 248 مليار ريال ستتوجه مباشرة للسوق وتؤثر بالتالي في أفراد وشركات في السوق مدرجة وغير مدرجة مما سيؤثر في إيراداتها وأرباحها خلال العام القادم. وبعض المشاريع جديدة والبعض الآخر استمرارية للسابق. ولكن سيكون لهذا الإنفاق تأثير مباشر في السيولة المتوافرة في السوق وخاصة التي ستوجه لنزع الملكيات ما يدعم توجهها لاحقا وبعد الاستثمار وحسب حرية تصرف المستحوذ عليها نحو الأدوات الاستثمارية المختلفة المتوافرة في السوق المحلي. ومن أهم أدوات السوق المحلي سوق الأسهم في ظل تضخم بعض الأدوات الاستثمارية المتاحة (العقار) وفي ظل ضعف العوائد الحالية المتاحة للبعض الآخر (الودائع وأدوات النقد والسندات) ستجعل من سوق الأسهم أفضل وسيلة لجذب الاستثمارات لها ففي ظل تحسن ونمو الأرباح في الشركات وتحسن ونمو الأرباح الموزعة من طرفها.
نمو وتوسع التوظيف
والملاحظ من خلال الموازنة توسع ونمو التوظيف فيها من خلال تكوين جهات جديدة علاوة على توسع الأنشطة التعليمية والتدريبية والصحية والأمنية الوضع الذي سيكون له تأثير مباشر في البطالة بصورة مباشرة. الوضع الذي سينجم منه تحسن في الاقتصاد السعودي من زاوية قدرة الفرد على الإنفاق على الخدمات والسلع مما سيؤثر بصورة مباشرة في أسواق المال والشركات العاملة في السوق، الأمر الذي سيكون له تأثير غير مباشر في سوق الاستثمار والأدوات الاستثمارية.
السيولة الجديدة الداخلة على الأفراد نتيجة للتوسع في التوظيف لتشغيل المشاريع الجديدة التي تمتلكها الدولة ستتجه لسوق السلع والخدمات، الأمر الذي سيدعم ربحية ونمو نشاط الشركات المدرجة في سوق الأسهم وغير المدرجة. هذا الوضع سيجعل من هذا الاتجاه دعما غير مباشر لسوق الأسهم وتحسن أدائه نتيجة لتحسن أداء الشركات العاملة فيه. علاوة على أن أي مدخرات ستتم نتيجة لصغرها ستتجه نحو سوق الأسهم بهدف تنميتها في استثمارات ذات عوائد إيجابية فالبدائل مكلفة وتحتاج إلى سيولة أكبر لدعمها.
عوامل أخرى مهمة
يتوقع مع بداية العام القادم أن نلمس مؤثرات إضافية تتمثل في مشاريع الإسكان والتوسع، في قروض صندوق التنمية وبدء عمل شركات التمويل العقاري لترفع من نسبة حيازة المسكن لدى المواطن السعودي. الوضع الذي سيؤثر بصورة مباشرة في الاقتصاد السعودي ورفع حجم الإنفاق فيه من خلال تمويل وزيادة حجم سوق الإنشاءت فيه بسبب الطلب الجديد والمشاريع الفردية والحكومية لتوفير الحاجة في قطاع الإسكان.
كما أن الأنظمة الجديدة والتنظيم في سوق العمل وحسب توقعات وزارة العمل من المفترض أن تساعد وتسهم في دعم توافر التوظيف للمواطن وبالتالي توافر السيولة له للاستفادة من الفرص المختلفة التي ستوفرها موازنة العام الحالي. وحسب النتائج الحالية التي أعلنت من مركز الإحصاء الوطني ومن وزارة العمل تدعم هذا الاتجاه. وبالتالي من المتوقع مع توافر وارتفاع السيولة المتوافرة في السوق أن تؤثر بصورة مباشرة في الاستثمار وخاصة سوق الأسهم بصورة غير مباشرة.
مسك الختام
لا شك أن الموازنة الحالية إذا تم إنفاقها وحققت أهدافها سيكون لها تأثير مباشر وغير مباشر في سوق الأسهم السعودي. فالسيولة المتوافرة لا بد أن تبحث لها عن فرص للنمو والتحسن وفي ظل انخفاض عوائد بعض الأدوات الاستثمارية المتاحة (السندات والودائع) علاوة على تضخم الأدوات الأخرى وارتفاع أسعارها سيجعل من سوق الأسهم السعودي أفضل الخيارات خاصة أن هناك تأثيرا إيجابيا متوقعا في ربحية وأداء الشركات مما يدعم قرار الاستثمار في السوق.
علاوة على أن وجهة نظر البنك الدولي وشركات التصنيف العالمية ونظرتها تجاه الاقتصاد السعودي كما ورد في بيان الوزارة داعما ومؤيداً لجاذبية الاستثمار في الاقتصاد السعودي خاصة سوق الأسهم.