2014 عام الحسم للمصارف الأوروبية
لم يبالغ بيير موسكوفيتشي وزير المالية الفرنسي حين علق على خطة إيقاف نشاط البنوك الأوروبية المتعثرة بقوله ''إنه اتفاق رئيس، اتفاق حاسم، اتفاق أعتقد أنه سيكون له أثر تاريخي''، فسياسة دعم الفشل ''سواء كان الفشل مصرفيا أو غيره''، لا تأتي بخير أبدا، ولا يمكن أن يجني منها الاتحاد الأوروبي أي تحسن على الصعيد المصرفي أو الاقتصادي ككل، كما أثبتت الوقائع والأحداث أن دعم المصارف الفاشلة محرقة للمال العام، فلا هي تنقذ المصارف من وضعها المأساوي ''الذي ساقت نفسها إليه''، ولا هي تحسم الأمور ليتم إنهاء هذه الكيانات المسخ بالإفلاس أو غيرها، لتبدأ كيانات جديدة تتجنب أخطاء سابقاتها. كما يأتي إقرار الاتحاد الأوروبي ''فرض عقوبات جنائية على من يشجعون أو يساعدون أو يحرضون على التلاعب بالأسواق وأيضا المحاولات المباشرة لارتكاب مثل هذه المخالفات'' تطورا ممتازا في البيئة التشريعية والمصرفية على حد سواء، حيث ''ستكون البنوك وغيرها من المؤسسات المالية أيضا مسؤولة جنائيا عن المخالفات في الأسواق وليس فقط الأفراد''.
خطة دول الاتحاد الأوروبي بإيقاف نشاط البنوك المتعثرة عامل مهم وأساس في إعادة الأمور الاقتصادية إلى نصابها. فبأي حق يتم إنقاذ ومساعدة المصارف السيئة بأموال دافعي الضرائب، فتنمية البنية التحتية والتعليمية والصحية لدول الاتحاد أولى من إنقاذ المصارف التي سمح ملاكها لأنفسهم بأن يتخذوها أداة للمضاربات والاستثمارات الحمقاء والغبية والتي أدت لهذه الكارثة التي سئم الجميع سماع وقراءة نتائجها. الإفلاس خير علاج لمثل هذه الحالات، والملاحقات الجنائية والقانونية لمجالس إدارات هذه البنوك، ومن ثم إلحاق العقوبات بهم متى ما ثبت أن هناك تقصيرا، مطلب مهم. بعض المصارف الأوروبية المتعثرة بلغت بها الوقاحة حد توزيع مكافآت على موظفيها من أموال الدعم الحكومي، أي أنها كافأت الموظفين على عملهم الرائع بالوصول بالبنوك إلى حالة العجز الدائم والذي لم يعد ينفع معه أي دعم.
إن إيقاف نشاط المصارف المتعثرة خطوة رائعة في إعادة توجيه الموارد المالية للاتحاد الأوروبي بما يحقق تنمية حقيقية تنعكس على دول الاتحاد، وتنتشله من دوامة الركود الاقتصادي الذي انعكس على العالم كله وليس فقط على دول الاتحاد.
بعض مصارف الاتحاد الأوروبي تصنف على أنها الأكثر أمانا، نتيجة تبني أعلى معايير إدارة المخاطر، ونتيجة اتباع سياسة مصرفية فائقة العبقرية في الائتمان وإدارة الأصول، ومن الظلم أن يتم دعم المصارف الفاشلة على حساب هذه المصارف التي بذلت قصارى جهدها في اتباع المهنية واتباع أساسيات الائتمان وإدارة الأصول. إن مكافأة المسيء في عمله بدعمه وقت الشدة والأزمات، ظلم لمن أحسن في عمله والتزم بقواعد العمل المصرفي وقت النمو الاقتصادي. وخيرا فعلت دول الاتحاد الأوروبي حين أقرت خطة إيقاف المصارف الفاشلة والمتعثرة عن العمل.
لم يعد من الممكن السماح لمجموعة من الفشلة ''البنوك المتعثرة'' أن تقف في طريق تنمية الاتحاد الأوروبي والخروج به من دوامة الركود. وخيرا فعلت دول الاتحاد الأوروبي حين وافقت على خطة إيقاف نشاط البنوك الأوروبية المتعثرة، فذلك هو الطريق الأسرع والأصوب لعودة الحياة الاقتصادية إلى نصابها في القارة الأوروبية. وتأتي خطة دول الاتحاد الأوروبي بتحميل البنوك وغيرها من المؤسسات المالية مسؤولية جنائية عن المخالفات في الأسواق، كتحول تاريخي مصرفي أوروبي ستنعكس آثاره الإيجابية على البيئة التشريعية المصرفية للعالم ككل، كما ستؤدي إلى بيئة مصرفية قوية في دول الاتحاد، بما يضمن مستقبلا مصرفيا أكثر أمانا واستقرارا.