السعودية مصممة على العمل بسياسة توسعية لتنويع اقتصادها
قال تقرير أعده البنك الأهلي التجاري إن الحكومة السعودية مصممة على اتباع سياسة توسعية لتنويع الاقتصاد وضمان النمو المستدام, حيث تستمر ميزانية عام 2014 في تبين تركيز الحكومة على التنمية المستدامة على الأمد الطويل، التي تتطلب استثماراً في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية ومشاريع التطوير الاجتماعي والاقتصادي. وكما هو متوقع، استمر التعليم والتدريب في أن يكون من أساسيات الاستراتيجية المذكورة سابقاً، حيث خصص لهما ما نسبته 24.6 في المائة من إجمالي المخصصات، حيث تشكل الصحة 12.6 في المائة من الميزانية. يقدِّر البيان الخاص بميزانية 2014 إلى أن الإيرادات والنفقات ستكون 855 مليار ريال و855 مليار ريال على التوالي، ما يعني أنه يتوقع أن تسجل نقطة التعادل في الميزانية. لكننا نرى أن الإيرادات هي أكثر من التقديرات المذكورة، وستظل الحكومة قادرة على تسجيل فائض أصغر نسبياً في عام 2014. من جانب آخر، فإن الرصيد الخارجي القوي والاحتياطيات الهائلة من العملات الأجنبية ستكون هي الأساس للإنفاق الرأسمالي. من جانب التنفيذ، فإن قيمة المقاولات المرتبطة بالحكومة في قطاع الإنشاءات حتى تاريخه تفوق الزخم النشط الذي سجِّل في العام الماضي، حيث وصلت إلى 157 مليار ريال، مقارنة بمبلغ 120.4 مليار ريال، الذي يشكل قيمة المقاولات التي منحت خلال الفترة نفسها من عام 2014.
#2#
#3#
النفقات الجارية أعلى من النفقات المقررة في الميزانية نظراً لفواتير الأجور
لا تزال الميزانية تركز على النفقات الرأسمالية، لكن كما ذكرنا سابقاً، نعتقد أن النفقات الجارية ستستمر في الارتفاع نظراً للإجراءات الدائمة في المالية العامة التي اتخذتها الحكومة في عام 2011. من أصل 855 مليار ريال، هناك نحو 607 مليارات ريال، أو 71 في المائة، مخصصة للنفقات الجارية، وذلك إلى حد كبير من أجل تسديد الأجور والرواتب. أما المبلغ المتبقي، ومقداره 248 مليار ريال، فهو مخصص للنفقات الرأسمالية، حيث يشكل تراجعاً بنحو 13 في المائة مقارنة بعام 2013. تعطي الميزانية الأولوية للإنفاق على مشاريع تطوير البنية التحتية المادية والاجتماعية، أي التعليم والصحة لكن استناداً إلى الدليل التاريخي سينتهي المطاف بالنفقات الرأسمالية إلى أن تكون أدنى بقدر لا بأس به من الأرقام المقررة في الميزانية. بالتالي نتوقع أن تكون النفقات الرأسمالية عند 238.2 مليار ريال في عام 2014، في حين أن النفقات الجارية ستكون عند 714.6 مليار ريال.
تستمر الحكومة في تخصيص الأموال لمؤسسات الائتمان المتخصصة من أجل مساندة التنمية المتوازنة
استناداً إلى إعلان الميزانية، هناك نحو 85.3 مليار ريال في عام 2014 سيتم توزيعها على مؤسسات الائتمان المتخصصة من أجل تمويل المشاريع الصناعية ومن أجل مساندة التنمية الاجتماعية، وهو ما يعمل بالتالي على تكميل النمو في ائتمان القطاع الخاص، الذي سجل في تشرين الأول (أكتوبر) 2013 نسبة قياسية مقدارها 13.1 في المائة عن الفترة نفسها من سنة لسنة. ومن الأمثلة على ذلك نذكر مشروع سامابكو لتصنيع ثاني كلوريد الإيثيلين والصودا الكاوية، حيت أعطى صندوق الاستثمارات العامة قرضاً مقداره 0.7 مليار ريال. كما أن صندوق التنمية الصناعية السعودي وافق في الفترة الأخيرة على 19 قرضاً بقيمة 2.8 مليار ريال إلى 15 مشروعاً صناعياً جيداً، وتوسيع أربعة مشروعات. خلال الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام قام البنك السعودي للتسليف والادخار بتمويل 1495 شركة صغيرة ومتوسطة، حيث منح أكثر من 376 مليون ريال بموجب برنامج "مسارات". وهناك إجراءات أخرى في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث عمل برنامج "كفالة" لضمان القروض على تسهيل الائتمان بقيمة 1.59 مليار ريال تقريبا بنهاية الربع الثاني من عام 2013 إلى 574 مؤسسة، أي ما يشكل 16.5 في المائة من إجمالي المستفيدين منذ بداية تنفيذ هذا البرنامج في كانون الثاني (يناير) من عام 2006.
من المتوقع أن يكون متوسط أسعار النفط خلال عام 2014، 100 دولار للبرميل
بعد أن وصل سعر النفط إلى ذروته في الربع الأول من عام 2013، هبطت الأسعار بقوة في الربع الثاني في الوقت الذي اشتد فيه الحديث عن قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالانسحاب التدريجي من برنامجه للتحفيز النقدي، لكن الأسعار تعافت منذ الربع الثالث، في الوقت الذي أصبحت فيه البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة والصين إيجابية بشكل متزايد. لكن عوامل اللبس السياسي، والتوترات الجيوسياسية، والأساسيات، خلقت توازناً ضيقاً في السوق، حيث أتاح المجال لأن يصل متوسط سعر الخام العربي الخفيف القياسي عند 106 دولارات للبرميل أثناء العام حتى تاريخه، وهو سعر أدنى قليلاً من السنة الماضية، الذي بلغ 110.2 دولار للبرميل. وستكون آفاق عام 2014 نسبياً أقل يقيناً من السنة الماضية. وإذا كانت حالات نقص الإمدادات من ليبيا ونيجيريا إيجابية بالنسبة لأسعار النفط في عام 2013، فإن الإمدادات ستتصرف بصورة سلبية في الأشهر المقبلة، حيث ستعيد ليبيا فتح ثلاثة موانئ للتصدير، وفي الوقت الذي تقوم فيه إيران بتصدير المزيد من النفط بعد أن توصلت إلى اتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي. مع ذلك يمكن أن نصف الإمدادات من ليبيا بأنها غير مستقرة ويحوطها اللبس. إضافة إلى ذلك، سيحتاج الأمر إلى شهرين حتى تستعيد إيران مستواها السابق على العقوبات. بالتالي يمكن أن تكون "أوبك" قادرة على إجهاض أية مخاوف حول فائض الإمدادات من خلال تقليص الإنتاج إلى ما دون 30 مليون برميل في اليوم في الاجتماع المقرر في حزيران (يونيو). من الناحية العملية تراجع إنتاج "أوبك" بالفعل إلى ما دون الحصة المقررة في الشهرين السابقين، حيث وصل إلى 29.64 مليون برميل في اليوم في تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو ما يعد علامة على ازدياد مستوى الالتزام بالحصص. إضافة إلى ذلك، ربما ستكون للانسحاب التدريجي الذي يقوم به الاحتياطي الفيدرالي والطبيعة الإيجابية لتطبيقه على سعر الدولار آثار سلبية بالنسبة للنفط. لكن تيار البيانات الإيجابية من الولايات المتحدة والصين يمكن أن يعاكس آثار الانسحاب التدريجي. وفي رأينا أن من المتوقع أن يتراجع إنتاج المملكة إلى 9.4 مليون برميل في اليوم، ومع اقتران ذلك مع قدرة الكويت وقطر والإمارات على تقليص الإنتاج، من المفترض أن تحافظ الأسعار على مستواها عند 100 دولار للبرميل.
في عام 2014 ستساعد أسعار النفط المرتفعة على تحقيق فائض في المالية العامة
استناداً إلى توقعاتنا حول أسعار النفط بمستوى 100 دولار للبرميل، نتوقع أن تحقق السعودية فائضاً في المالية العامة مقداره 20 مليار ريال، أي 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وسيؤدي هذا إلى أن تصل الإيرادات النفطية إلى 848 مليار ريال، ما يشكل تراجعاً بنسبة 16.7 في المائة، مقارنة بإيرادات النفط الفعلية في عام 2013، والذي يأخذ أيضاً في الاعتبار تراجعاً بنسبة 3.9 في المائة في حجم الصادرات. من المتوقع أن تصل الإيرادات من القطاع غير النفطي إلى 125 مليار ريال، أي بزيادة مقدارها 10.4 في المائة فوق المستوى الفعلي لعام 2013. ومن المرجح أن تزيد النفقات الفعلية على النفقات المقدرة في الميزانية بنسبة 11.4 في المائة، لتصل إلى 953 مليار ريال.
من المرجح أن يحوم التضخم حول 3 في المائة في عام 2014،
في عام 2013 اتجهت الأسعار إلى الأعلى قليلاً، حيث بلغ معدل التضخم 3.6 في المائة حتى تاريخه، نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية. وكانت الحالة السائلة للاقتصاد مسانِدة لارتفاع نفقات الاستهلاك، الذي دفع بأسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع بنسبة بلغت في المتوسط 5.9 في المائة خلال الفترة نفسها من سنة لسنة، وهي أعلى من نسبة 4.5 في المائة التي سُجِلت في عام 2012. ومن المتوقع أن يؤدي التراجع الحاد في الأسعار العالمية للمواد الغذائية الذي شهدته الأسواق منذ تشرين الأول (أكتوبر)، حيث تراجع مؤشر رويترز – جيفريز سي آر بي أكثر من 4.5 في المائة خلال أسبوعين، من المتوقع أن تتراجع الأسعار المحلية في النصف الأول من عام 2014. وبالنسبة لجانب الإيجارات، حافظت الأسعار على مستوى أعلى قليلاً من عام 2012، وإن كان ذلك متدنياً مقارنة بالفترة من عام 2007 إلى عام 2011، حيث بلغت في المتوسط 3.4 في المائة عن الفترة نفسها من سنة إلى سنة. وإن تسارع تطبيق قانون القروض العقارية سيؤثر بصورة إيجابية في سوق العقارات المحلية من خلال تقديم التمويل للباحثين عن شراء المساكن. وحيث إن معدل البطالة الآن عند أدنى مستوى له في التاريخ، وهي نسبة 11.7 في المائة بنهاية الربع الثالث من عام 2013، فإن الزيادة المتوقعة في الدخل القابل للتصرف سيعزز الإنفاق الاستهلاكي في القطاع الخاص، الذي سجل زيادة مقدارها 8.5 في المائة في الربع السابق. لكن الانسحاب التدريجي، الذي له آثار إيجابية في الدولار، وتراجع أسعار السلع، سيؤثر في معدل التضخم الرئيس، الذي سيظل في رأينا ضمن حركة محكومة بالنطاق في حدود 3 في المائة في العام المقبل.