هيئة المحاسبين ومبدأ الثواب والعقاب

منذ تأسيس الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين عام 1412هـ والجهود مبذولة لتطوير المهنة وزيادة الوعي بأهمية دور المحاسب القانوني، والمراقب لوضع المهنة سابقاً وحالياً يجد بأن هناك نقلة نوعية كبيرة حدثت في المهنة بشكل عام. وهذا لم يأت بعد فضل الله من فراغ، بل كانت هناك جهود كبيرة تبذلها الهيئة وكذلك المنتمون لها، وبشكل مستمر، وذلك لمواصلة ومواكبة عملية التطور. ولما كانت الهيئة تعمل من خلال نظامها على فرض ضوابط على ممارسة المهنة لتضمن- بمشيئة الله تعالى- انضباطاً فيها فإن ذلك يكفل- بمشيئة الله تعالى- تحسن الأداء وارتفاع مستوى الجودة.
والمراقب للمهنة اليوم يجد أن الإقبال على فتح مكاتب مهنية من قبل مهنيين جدد، لا يوجد عليه إقبال كبير، علماً بأن الفرص موجودة ومتاحة للجميع، وسوق العمل دوماً يحتاج إلى تنوع حجم المكاتب بما يحقق منفعة مشتركة للجميع. ومن الملاحظ أيضاً بأنه في آخر ثلاث سنوات أصدرت لجنة التحقيق في مخالفات أحكام نظام المحاسبين القانونيين عدة قرارات ضد بعض من المحاسبين القانونيين بسبب عدم الالتزام بأنظمة ومعايير الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين. وقد نشرت هذه القرارات في الصحف السعودية للتنويه بالعقوبة لتوعية المتعاملين مع المحاسب القانوني بأن هناك عقاباً عليه، كالإيقاف مثلاً، وبالتالي لا يحق له إصدار آراء مهنية خلال فترة الإيقاف.
ودون أدنى شك أن هذا الأمر يخدش سمعة المحاسب القانوني. ومن المعروف أن من أهم الأمور التي يعتمد عليها المحاسب القانوني في عمله هو سمعته الجيدة. ولا أعتقد أن الهيئة تقصد إلحاق الضرر بالمحاسب القانوني، ولكن إيجاد العقوبات الرادعة تحد- بمشيئة الله- من التلاعب الذي قد يقوم به بعض المنتسبين للمهنة، ويجعل جميع الممارسين أكثر حرصاً عند إصدار آرائهم المهنية، وهذا الأمر جيد في حد ذاته، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب. وبالتالي فإن كل ممارس يحرص قدر الإمكان على أن تكون صفحته ناصعة وسجله خالياً من العقوبات. ويتبادر إلى ذهني بأن هذا الأسلوب قد لا يحفز المجتهدين من المهنيين.
لذا فإني أرى بأن تطبيق مبدأ الثواب والعقاب هو أمر محمود، وقد يدفع ـــ بأمر الله ـــ إلى تطوير المهنة أكثر. ويمكن للهيئة أن تدرس أساليب يكافأ بها المجتهدون من المهنيين، ويكون هذا الحافز في شكل معنوي كتوجيه خطاب شكر للمكاتب الملتزمة، أو في شكل دعم مادي مثل إعطاء برامج تدريبية متخصصة مجاناً وخلافه. وقد ينظر أيضاً إلى عملية التصنيف كأحد الأساليب المحفزة للمكاتب لبذل المزيد من الجهد للحفاظ على جودة العمل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
آمل أن يلقى رأيي هذا استحساناً وقبولاً لدراسته من قبل الهيئة ومن ثم تطبيقه بما ينفع المهنة والمنتسبين لها، "وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي