مواقع التواصل الاجتماعي .. مصدر لمعلومات المتظاهرين وبث الشائعات
قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي بل والإنترنت عموما هو أسوأ كوابس واجهته الحكومات التي شهدت ثورات شعبية بدءا من تونس ومصر وليبيا ووصولا إلى سورية والآن في أوكرانيا التي تعيش ربيعها الثوري الخاص.
وترتجف الصورة الضبابية أحيانا، لكننا نستطيع تمييز قنابل المولوتوف المتطايرة أو عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين يشنون الهجوم. ففي أوكرانيا، يعمد المتظاهرون إلى تصوير وقائع الحراك الاحتجاجي على الهواتف الذكية وبثها مباشرة على الإنترنت.
فقد ازدهرت شبكات التلفزة على الإنترنت منذ بداية الاحتجاجات، وتعرض ساعات من البرامج المباشرة التي يحييها مقدمون يعتمرون خوذا في ستوديوهات مرتجلة.
وتبث هذه الشبكات مشاهد مباشرة للتحركات، على غرار ما فعلت في 2004 شبكة قناة 5 المعارضة، أول تلفزيون انضم إلى الثورة البرتقالية التي أوصلت إلى السلطة شخصيات مؤيدة للغرب.
ومن سخرية القدر أن القناة 5 التي ما زالت نشطة، غالبا ما باتت تبث البرامج التي تعرضها هذه الشبكات مباشرة على الإنترنت مثل اسبربسو تي.في.
ورافق مضمون هذه القنوات تطور الاحتجاج، فإذا كانت قبل شهرين تبث صور الجموع المحتشدة في ساحة الاستقلال وسط أجواء عفوية، فقد باتت تضبط بثها على وتيرة هجمات عناصر شرطة مكافحة الشغب على متاريس المحتجين أو احتلال المباني الرسمية والوزارات في كييف والإدارات الإقليمية في الأرياف.
وشكل بث هذه الصور مكسبا مهما للتظاهرات التي أعطاها بعدا دوليا وأسهم في تعميمها على أنحاء البلاد كافة.
وعلى الصعيد الميداني، فإن كل متظاهر يلقي قنبلة مولوتوف أو يسقط تحت هراوات الشرطة، يصور آخرون المشهد بهواتفهم المحمولة.
وقالت أولغا دو أونوش الباحثة في نوفيلد كولدج في جامعة أوكسفورد (بريطانيا) التي تعد دراسة عن استخدام الإنترنت، "إنها تكنولوجيا متوافرة للمتظاهرين ويستخدمونها لبث الصور إلى مناطق أخرى".
وأضافت "إنها تحمل المشاهد على الشعور بالمشاركة وتتيح له الوصول إلى مناطق التظاهر على مدار الساعة ومدار الأسبوع".
من جهة أخرى، استخدمت الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أيضا وسيلة لبث الشائعات، كما تقول أونوش.
وتطرح مثال صورة تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، لرجل قيل إنه قناص روسي أطلق النار على المتظاهرين خلال صدامات دامية وقعت في كييف، ولم يتأكد حصول هذا الحادث أبدا.
وإذا ما أكدت البحوث التي تجريها أونوش أن الإنترنت تشكل المصدر الأول للمعلومات للمتظاهرين، فإن مشاركتهم في حركة الاحتجاج باتت أكثر من السابق، رهنا للاتصالات الهاتفية أو الرسائل القصيرة، التي يتلقونها.
وتتعامل بروية أيضا مع انتشار استخدام تويتر غير المعروف كثيرا في أوكرانيا بمناسبة التظاهرات. وقالت إن "ارتفاعا يقدر ببضع مئات الآلاف من المستخدمين ما زال متواضعا في بلد يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة".
ويبدو أن السلطات اتخذت هذا التهديد على محمل الجد، فأقرت قوانين مشددة لمكافحة الاحتجاجات، وفرضت عقوبات على القدح والدم على شبكة الإنترنت، إلا أنها ألغتها الثلاثاء.
لكن أونوش قالت "إنهم عجزوا عن إغلاق الإنترنت، كما حصل في مصر وتركيا"، خلال تحركات في السنوات الأخيرة.
وأفادت دراسة نشرتها هذا الأسبوع شركة تي.ان.اس أوكرانيا، أن 83,7 في المائة من الأشخاص الذين سئلوا آراءهم، ذكروا أنهم يطلعون على أخبار التظاهرات عبر الإنترنت، أي أكثر من التلفزيون والإذاعة حتى من المقربين.
وقال إيفان ماتيكو من تي.إن.اس أوكرانيا: "حصلت طفرة لاستخدام الإنترنت خلال الأزمة السياسية خصوصا على المواقع الإخبارية".
فموقع أوكراينسكا برافدا الذي يتصدر تغطية وقائع الاحتجاج والذي قتلت إحدى صحافياته في كانون الأول (ديسمبر)، تحدث عن ازدياد عدد الزائرين لصفحاته عبر فيسبوك أو تويتر عشرة أضعاف في الأسابيع الأخيرة.
ورددت شبكات التواصل الاجتماعي صدى التحركات خارج أوكرانيا. وللمرة الأولى هذا الأسبوع، دخلت كلمة مفتاح مرتبطة بأوكرانيا هي ديجيتال ميدان في لائحة الكلمات المفتاح الأكثر استخداما في العالم على التويتر، الذي يستخدمه الشتات الأوكراني في الخارج.
وقد استخدمها مساء الثلاثاء رئيس الوزراء الفرنسي جان-مارك ايرولت الذي أعرب باللغة الأوكرانية على حسابه في تويتر عن أمله في "تحقيق التطلعات الديمقراطية للشعب الأوكراني".