نقاد: الدراما التاريخية أجرمت في حق الأدب العربي
تباينت آراء الأدباء والمفكرين العرب حول رؤيتهم للرواية والأعمال التاريخية التي تحولت إلى أعمال درامية، خلال ندوة المضامين الفكرية في الرواية العربية، فمنهم من اعتبر أن المسلسلات التاريخية التي تعرض في التلفزيونات العربية جزء من الرواية، فيما رفضها آخرون واعتبروها إجراما في حق الأدب العربي.
وأكد الأديب إبراهيم الكوني الكاتب والناقد الليبي أن الأعمال والمسلسلات التاريخية أجرمت في حق الأدب العربي، لأنها نظرت إلى هذا التراث نظرة شمولية قاصرة مهووسة بالبعد السياسي.
وبين الكوني، الحائز جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى التي تمنحها الحكومة السويسرية، وتعد أرفع جوائزها عن أعماله المترجمة إلى الألمانية، أن الهوس بالسياسة أفسد أفكارنا وبالتالي لم نُنزل الأدب منزلته الحقيقية في جميع أعمالنا حتى على مستوى الرواية؛ حيث نمارس التسييس حتى في أحلامنا. ووصف العرب بأنهم مؤدلجون حتى في أحلامهم.
وأوضح أن السرد الروائي الحقيقي تجربة بحث مميتة عن البعد المفقود في لغز الموجود وهو: الحقيقة. ولهذا تبدو الرواية الصحراوية مغامرة خطرة.
من جانبه، بين محمد جلال الشرقاوي الأديب والكاتب المسرحي المصري في ورقته أن هنالك فرقا كبيرا بين كتابة التاريخ بالتزام المنهج العلمي المعتمد على الوثيقة والمستند والرواة الثقات، وكتابة الرواية المستلهمة من التاريخ، حيث يتصرف مؤلف النص في الحالة الثانية في روايته وفق معايير مختلفة رغبة في تحقيق أهداف معينة منها: تعليم التاريخ دون إحساس قومي أو وطني ورائدها جورجي زيدان، تعليم التاريخ مع الإحساس القومي والهدف الوطني ورائدها محمد فريد أبو حديد، إحياء الماضي وتمجيده خدمة لهدف وطني ورائدها نجيب محفوظ، وإسقاط الماضي على الحاضر المعاش تعبيرا عن رأي سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي في الأحداث الجارية الحالية وهي ذات إسقاطات سياسية كبيرة.
وطالب الدكتور أمين الزاوي الأديب المعروف بتشجيع الأدباء الحاليين والشباب على الإبداع في الرواية وعدم وضع الحواجز أمامهم.
وتمنى الدكتور علي الرباعي، في مداخلة، الاعتناءَ بالرواية السعودية تحديدا وإنزالها منزلتها لتنسجم مع المهرجان الوطني للتراث والثقافة وتليق بالمناسبة، حيث كان التطرق إليها محدودا، مؤكدا أنها تملك ثراء كبيرا، ويمكن إنتاج أعمال ضخمة، وذهبت إحدى الحاضرات من تونس إلى ما ذهب إليه الرباعي بوصفها نفسها بالشغوفة والقارئة النهمة للرواية السعودية.
وذهب الدكتور محمد المسحل إلى وجود ضعف في وصول روايات رائدة ابتكرها مفكرون عرب، مشيرا إلى أن حركة الترجمة المحدودة حرمت الأدب العالمي عديدا من الأعمال الرائدة.
ورأى الأديب محمد المحيسن أن المسلسلات التاريخية لا تتقاطع مع الرواية ولا تخدمها؛ فكثير من السيناريوهات تفتقر إلى المضمون الصحيح، حيث إن الشخصيات ذات الأبعاد الثلاثية: أشخاص لها مخاوف وآمال، وأخرى لها نقاط ضعف ونقاط قوة، وأشخاص لها هدف أو أكثر في الحياة، لم تُخدَم بشكل جيد، مستشهدا في هذا السياق بوجود ثراء كبير وثقافة واسعة في عهد المرابطين في الأندلس تتضح من شخصية ابن رشد في تلك الفترة وانتقال كتبه وأطروحاته إلى فرنسا، ومع ذلك كان لدور المرابطين في الحفاظ على الحكم العربي في الأندلس الحظ الأوفر.
وعارض الدكتور محمد الهدلق، محمد جلال الشرقاوي، قوله إن العرب لم يترجموا إلى اللغة اليونانية، مطالبا أن يكون أكثر دقة وأن يعود إلى كتاب الملل والنحل؛ ففيه الكثير عما غاب عنه؛ وتمسك الشرقاوي برأيه مضيفا أن الكُتّاب الإغريق هم الرواد في هذا المجال، فهم الذين تناولوا المسرحيات وتُرجمت عنهم، طالبا من الكاتب مراجعة مصادره.
وعاتب صالح الغامدي الأديب والكاتب السعودي إدارة المهرجان الوطني للتراث والثقافة، بإشارته إلى أن الجنادرية كانت مُخصّصة هذا العام لمكافحة الفساد، والمؤسف أيضا أنه لم يكن هناك حضور يشفي الغليل، موضحا أن الليبي إبراهيم الكوني والسعودية أميمة الخميس، يستحق كل منهما ندوة مستقلة به، فالضيوف رغم الثراء الكبير والبعد الأدبي وعمق التجربة والثقافة لديهم، إلا أن ضيق الوقت لم يُتِح لنا الاستفادة المثلى من هذا الثراء والعمق.