«الكاسيت» يدخل مرحلة النسيان

«الكاسيت» يدخل مرحلة النسيان

ينقر الجيل الشاب هذه الأيام على زر التحميل في مواقع الإنترنت فيحصل على أحدث التسجيلات الصوتية، ثم يحملها معه أينما ذهب في وسائط تخزين صغيرة أو ذاكرات هواتفهم، ولا يدور في بالهم كيف كان يستمع الجيل القديم إلى الأغاني وتسجيلات فنانيهم المفضلة، ولا يعرفون الأدوات التي كانوا يستعينون بها لسماع الطرب الأصيل وكم كان متعباً الحصول عليها في تلك الأيام، حتى استطاعوا رؤية تلك الأدوات والتعرف عليها في مهرجان الجنادرية.
وقدم خالد الغامدي خبير التراث الصوتي في ركن مكة في الجنادرية الأجهزة الصوتية كافة التي استخدمت منذ القدم حتى الوصول إلى اليوم، وحرص الغامدي على تعريف الأجيال الجديدة بمراحل جهاز المسجل وكيف انتقلت الأسطوانة من مرحلة الأسطوانة الحجرية إلى أن وصلت مرحلة السي دي المعروف الآن.
وقال خالد الغامدي لـ"الاقتصادية": إن المهتمين بالتراث الصوتي يعانون حالياً في البحث عن الأسطوانات القديمة التي تعمل على أجهزة التسجيل القديمة، ويصل التنافس بينهم إلى ما يشبه الحرب لاقتناء تلك الأسطوانات القديمة والبحث عنها، ويسافرون إلى مختلف المدن والمناطق للحصول على أسطوانة حجرية عليها تسجيل نادر لأحد الفنانين.
ويصل سعر الأسطوانات القديمة إلى ما يزيد على 100 ريال للأسطوانة الواحدة، مقارنة بسعر السي دي حالياً الذي لا يتعدى 50 ريالا للنسخة الأصلية، كما أن سعر جهاز التسجيل المعروف قديما بـ "الهاندل" وبعده "البيكم" أو ما يعرف عند أهل الخليج بـ "المشتكتة" أو "الريل كارتدج" وصولا إلى جهاز الكاسيت القديم، يصل لأكثر من 1500 ريال نظرا لكونه من التراث الذي له محبون، منوها إلى أن الكثيرين ممن زاروه في الجناح يسألونه إذا ما كانت الأجهزة للبيع أم للعرض فقط، مضيفاً أن هناك من يسأل عن أسطوانات قديمة لمحمد عبده، وهي التي من الصعب توفيرها فالعثور على أسطوانة حجرية لأغاني محمد عبده القديمة أصعب من العثور على أسطوانة لمطرب قديم مصري أو سوري.
ويشرح الغامدي في حديثه بداية جهاز التسجيل والمعروف بـ "الهاندل" وكيف كانت الأسطوانة الخاصة فيه كبيرة ومن النوع الحجري، لتتمكن اليد من تحريكه للاستماع إلى الأسطوانة من خلاله، يليه جهاز "البيكم" وحجم أسطوانته أصغر وأقل سمكاً، ولكنها ما زالت أكبر من السي دي الذي نعرفه الآن, ثم "الريل كاردتج" وهو جهاز لم يستمر طويلا لظهور جهاز "الكاسيت" الذي يعمل بأشرطة الكاسيت الخفيفة بدلا من الأشرطة الطويلة والثقيلة التي كانت تستخدم في "الريل كاردتج".
ويعرض الغامدي تطور جهاز الكاسيت من أول جهاز وكان كبيراً يحوي خانة واحدة إلى الجهاز الذي يحوي خانتين وكيف تغيرت أحجامه وأشكاله وألوانه مع الزمن، وأوضح الغامدي أن الأجيال الجديدة التي نشأت على أجهزة "الآيبود" و"الفلاش ميموري"، تتوقع أن تلك الأجهزة للمشاهدة فقط وأنها لا تعمل، لكن بمجرد تشغيل الأسطوانة وانطلاق الصوت ينظرون بذهول واستغراب كنظراتنا نحن للتقنية الحديثة، وكيف يمكن أن يحمل جهاز صغير آلاف التسجيلات الصوتية، وللدلالة على ذلك أحضر أسطوانة للمطرب السوري فهد بلان ضمت أغنية "أخذنا الكأس"، بمناسبة تحقيق نادي الاتحاد كأس الملك في عام 1387هـ، وعندما بدأ في تشغيلها لفتت الانتباه من الحضور كافة في الركن.
ويؤكد الغامدي أن أكثر ما يسعده في المهرجان، هو نظرات الشباب والأطفال الفضولية إلى الأجهزة واستفسارهم عنها، ويعتبر نفسه نجح في نقل التراث الصوتي وتعريفه للأجيال الجديدة، من خلال ركنه في الجنادرية، متمنيا أن ينجح في الحصول على الأسطوانات الحجرية كافة التي تحوي الأغاني القديمة التي لها أثر في ذاكرة كبار السن.

الأكثر قراءة