شائعات نزول أسعار العقار لمصلحة من؟
يجتهد البعض في ترويج ونقل شائعات وتقارير حول توقعات نزول أسعار العقارات أو صدور حزمة من قرارات صارمة تطبق على ملاك الأراضي البيضاء ستهوي بأسعار العقارات والبعض يهدد ويؤكد أن أسعار العقارات فقاعة سرعان ما ستنفجر ظنا منهم أن انتشار مثل تلك الشائعات والأخبار وإن كانت مجهولة المصدر أو غير مقنعة من حيث المبدأ سيكون لها دور إيجابي في إقناع ملاك العقارات في تخفيض أسعار عقاراتهم أو على الأقل ستقنع بعض الملاك الرافضين لبيع أراضيهم بضرورة بيعها تفاديا لتطبيق رسوم عليها وخسارة جزء كبير من قيمتها، وسيكون لها دور في تحقق حلم المواطن بشراء منزل بقيمة منخفضة.
قد يكون هدف البعض من ترويج تلك الأخبار والشائعات نبيلاً ومبررا بحجة أن السوق العقارية بحاجة لأخبار سلبية لكبح جماح ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات، خاصة أنها وصلت لأقيام يصعب أن يتحملها شرائح عريضة من المجتمع، ولكن السؤال هنا هل تناقل وانتشار تلك الشائعات والأخبار فعلا يسهم في خفض أسعار العقارات؟ وهل هي فعلاً تروج لصالح المواطن؟
في اعتقادي أن تأثير تلك الأخبار سيكون سلبيا على جميع العاملين في القطاع العقاري، ولكن أكثر من قد يتأثر بها هم المطورون العقاريون، إذ إن العديد من المطورين العقاريين والذين كانوا ولا زالوا المزود الأكبر للمعروض من الوحدات السكنية التي أسهمت بشكل كبير في سد حاجة الطلب من الوحدات السكنية قد يتأثرون بتلك الشائعات، وقد ينبني عليها قرار بتقليص حجم مشاريعهم المستقبلية أو تأخيرها، خوفا منهم بأن يكون هناك نزول في أسعار العقارات، وبالتالي خسارة قد تلحق بمشاريعهم المستقبلية، الأمر الذي قد يجعلهم أقل حماساً للاستثمار في مشاريع إسكانية إلى حين أن يروا مدى تأثير تلك الشائعات والأخبار على أرض الواقع، فالمطور العقاري لا يملك أراضي، وإنما هو يشتريها من الملاك بقيمتها السوقية، وبالتالي فهو حريص على شرائها بأقل سعر متاح، وهذا الأمر سيكون له انعكاس سلبي على حجم المعروض المستقبلي من الوحدات العقارية، وسيخلق فجوة بين العرض والطلب، ما يجعل أسعار الوحدات السكنية تتجه صعودا بعكس المتوقع.
إذاً فنحن في حاجة اليوم لتفهم نتائج انتشار مثل تلك الشائعات، ونفهم بأن حل أزمة السكن يكون بتحفيز وتشجيع المطورين العقاريين لضخ مشاريع إسكانية أكبر في السوق العقارية لخلق توازن بين العرض والطلب، وبالتالي نزول في أسعار العقارات، ولسنا في حاجة لتخويفهم وتنفيرهم لنخسر المزود الأساسي للوحدات السكنية.