127 بلاغ فساد

يمكنني أن أتقبل أن يكون على أي جهة حكومية بلاغات محدودة في مجالات سوء الأداء أو استخدام السلطة أو عدم تطبيق الأنظمة، لأن الأخطاء والتجاوزات تحدث في كل مكان، الأهم هو ألا تكون تلك التجاوزات قاعدة أو مسيطرة على غرار ما قرأته بالأمس.
يقول الخبر إن "نزاهة" تلقت 127 بلاغ فساد في أمانة منطقة نجران خلال 15 يوما. راوحت المخالفات بين سوء استخدام السلطة والموارد المادية والبشرية، وعدم تطبيق الأنظمة في المشتريات والعقود، ونقل مواقع المشروعات بما يناسب احتياج شخصيات "نافذة"، وهو مصطلح فضفاض يمكن أن يضم كثيرين. إضافة إلى غياب الموظفين، وترسية الأعمال على مكاتب يملكها موظفو الأمانة، وهذا بالطبع ما أسميه "التملك الخفي". ذلك أن موظف الدولة الذي لا يحق له ممارسة النشاط التجاري، يتملك النشاط من خلال آخرين. عمل منتشر ــ مع الأسف ــ في كل مكان وعلى كل المستويات.
لنعالج هذه النقطة قبل الاستمرار. هل تذكرون المطالبات بتقرير الملاءة المالية أو إقرار الذمة المالية التي طالب بها كثيرون ولم يتم حيالها شيء؟
ينتج الكثير من الفساد عن عدم تنفيذ هذا الإجراء، الذي طالبت بأن يطبق مبدئياً على الوزراء وموظفي المرتبة الممتازة والمرتبتين 15 و14 ومن في حكمهم، ثم يطبق تدريجياً على المراتب الأدنى.
هذا التقرير مطبق في أغلبية دول العالم التي تتمتع بالشفافية، وهو يحمي الموظف نفسه والدولة والمواطن .. فلماذا لا يطبق عندنا؟
نعود لحجم المخالفات الذي ورد في تصريح "نزاهة". أقول: هناك خلل واضح في أمانة منطقة نجران، قد تكون المخالفات صحيحة وقد تكون أغلبيتها صحيحة وقد يكون بعضها صحيحا، طالما لم تخرج "نزاهة" والجهات الرقابية الأخرى إلى الميدان وتفيدنا بالحقائق، ستبقى الإشاعة وتصفية الحسابات حالتين تسيطران على المشهد.
الأسوأ من ذلك أن بعض الفاسدين قد يستغلون الفرصة ليعيثوا في الأرض الفساد ما دامت التصريحات التي نراها في وسائل الإعلام تتطاول على حصانة الجهات الرقابية، ولا يحاسب عليها مطلقوها. وما دامت الجهات الرقابية لا تؤدي عملها بالشكل السريع والفاعل في قضايا مثل هذه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي