سيدي وستي
في مكة المكرمة والحجاز عموماً هناك ألقاب تطلق في الحياة اليومية فيها من البساطة والحميمية الشيء الكثير، ومنها ما يطلق على الجد والجدة وغالباً من ناحية الأم “سيدي وستي” وهو نفس عنوان كتابتي اليوم، لكن المناسبة أنني صادفت أحد الزملاء الأعزاء يوم الأربعاء الماضي حيث كان اللقاء مع رئيس الهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتور محمد المشعل ونائبيه للغذاء والدواء مع ممثلي الشركات الأجنبية العالمية وأصحاب الشركات المحلية، في بادرة مميزة تُحسب لصالح اللجنة الطبية في الغرفة التجارية في الرياض وعلى رأسها الدكتور سامي عبد الكريم رئيس اللجنة.
نعود لزميلي العزيز الذي مازحني قائلاً بعد اللقاء “ما أدري الغلط وين يا دكتور نبيل، هو في اختيارك مجالات عملك أو في هالمجالات أصلاً، فهيئة الغذاء والإعلام واتحادات الكرة مسويين مثل الشياب على قولتكم سيدي وستي” وهنا كان يتحدث زميلي عن الرأي العنيد والأسلوب القديم في فكر المجالات التي أتشرف بالعمل فيها ولخدمتها، ولكن للإمعان أكثر في أوجه الشبة على الرغم من التباعد الظاهر بينهم إليكم بعض الأمثلة الحية التي ذكرها لي زميلي وهو الملم والمطلع على المجالين الدوائي والرياضي.
أولاً: اللوائح والنظم التي تحكم عمل الجهتين الدوائية والرياضية واضحة ومعروفة للجميع ولكن التطبيق يختلف من السلطة المنفذة حسب الانتقاء وتضييق الباب الواسع والشك بأن الأندية والشركات تريد لوي ذراع اتحاد الكرة أو هيئة الغذاء، لذلك تعمد لتأخير المصالح والكيل بمكيالين والشدة في استخدام النظام والصلاحيات، إضافة إلى الخلط بين نظام وآخر على الرغم من أن لكل واحد منهم تعريفا وخريطة طريق مختلفة. وباللغة الكروية مثلاً قرارات لجنة الانضباط التي تختلف من ناد إلى آخر في زمن إلى آخر.
ثانيا: التشدق الغريب بالمواطنة وبأي شيء يحمل الجنسية السعودية، حيث إن نجاح الحكم السعودي وجميع المسؤولين يعود لهم ذلك حتى فوز لاعب التايكوندو أو السباحة تجد الترزز والبشوت خلفه بكل ثقة ومثله في مجال الدواء افتتاح مصنع دوائي وطني بسواعد أصحابه ومن استثمر لبنائه وتم تعيين عدد من السعوديين فيه نجد مسؤولي الهيئة يُرجعون الفضل لأنفسهم في نجاح المصنع وسعودته.
ثالثا: كلا القطاعين الرياضي والدوائي يعتبران بيئة غير جاذبة للاستثمار على الرغم من الزخم الرياضي الكبير من الناحية الجماهيرية والمستهلك ومن الناحية الدوائية من حجم سوق الدواء البالغ ما يفوق العشرة مليارات من الريالات، ومع الآسف نجد شركة الاتصلات السعودية تنسحب من السوق الإعلاني الرياضي ونجده بقوة مع فريق ريال مدريد “صاحب البيئة الجاذبة للاستثمار” مع عزوف المصارف وشركات النفط وحتى من خارج المملكة العربية السعودية لم يتم شيء من الاستثمار حتى الآن. أما في الدواء فسيرتنا كبيرة في المركز الـ 45 على مستوى العالم من 51 دولة من الدول الأكبر اقتصاداً وتسبقنا الشقيقتان الصغيرتان الإمارات وقطر ودول مثل تشيلي واليونان وإستونيا وليتوانيا وغيرهم.
رابعاً: الاعتماد الغريب على العنصر الأجنبي في مجالات عامة وخاصة مثل التدريب على مستوى الأندية، ولماذا لا يكون هناك قرار بوجوب أن يكون المدرب المساعد مواطنا، مهما كانت جنسية المدرب الأجنبي، علما بأن ذلك كان موجوداً في عهد الأمير فيصل بن فهد، نفس الوضع بالنسبة للتعليق والتحليل وكذلك الدواء، فالمطالبة منذ سنوات تجاوزت الـ 20 بأنه يجب أن يكون المدير العام المسؤول عن الشركات الأجنبية المتواجدة في المملكة، سعودياً لحرصه الأكبر على بلده بغض النظر عن الطرف الآخر، وبالطبع هذا لا يحدث بل السعوديون هم من لا يتم إعطاؤهم المواعيد للحديث مع المسؤول، والسعوديون هم أكثر من ليس لهم يد بأي مواجهة، بل دائما الطلب على الأجنبي أو الوكيل رجل الأعمال الكبير برتبة الشيخ.
عنها طلبت من صديقي التوقف عن المقارنة آخذاً بالقول الدرامي الدارج “لا تشكيلي فأبكيلك” وقلت له أنا ولله الحمد في أحسن حال وبالنسبة للمجالين اللي أعمل وأخدم فيهم “ما أحلى من سيدي إلا ستي” والسلام ختام.