أزمة السكن .. خلافات واتهامات
أزمة نقص الوحدات السكنية وغلاء أسعارها أشعلت النقاش الحاد في أوساط المجالس العامة وأصبحت شغلها الشاغل وتحديد أسباب الغلاء للعقارات، وطرق كبح جماحها وامتدت حلقات النقاش حول الأزمة لتصل إلى منتديات التواصل الاجتماعي وأقبية الصحافة المحلية والإقليمية الأمر الذي وسع دائرة النقاش حول أسباب وحلول الأزمة وفتح الباب على مصراعيه للجميع بمختلف خبراتهم وتخصصاتهم ليبدوا وجهات نظرهم، فكل منهم له قناعاته الخاصة حول أسباب الأزمة وله رأيه حول طرق حلها وآلياته.
لا أجد مشكلة في تدخل معظم أفراد المجتمع بمختلف خبراتهم وخلفياتهم حول الأزمة فهي في النهاية وجهات نظر مختلفة هدفها الصالح العام ولكن المشكلة تكمن فيما أفرزته تلك النقاشات من إيجاد أزمة الثقة بين المختلفين في وجهات النظر من العاملين في القطاع العقاري الذين يسميهم البعض خطأ العقاريين وبين بعض الاقتصاديين والكتاب والمغردين الذين قد تنقصهم الخبرة والمعرفة عن هذا القطاع، حيث أصبحنا نرى ونسمع العديد من الاتهامات التي يطلقونها على بعضهم بعضا، فالعاملون في القطاع العقاري من مطورين ووسطاء عقاريين يتهمون بعض الكتاب الاقتصاديين والصحافيين الذين يتناولون الأزمة بأنهم منظرون وعديمو الخبرة في القطاع العقاري وتخفى عنهم حقائق تسببت في الأزمة وبالتالي كل الحلول التي يطلقونها لا تعدو أن تكون تنظيراً بعيداً عن الواقع ولا يمكن أن تكون حلا ناجحا وبالعكس أيضا، فإن الكتاب والاقتصاديين لا يرون في الحلول التي تخرج من العاملين في القطاع العقاري غير أنها تطبيل وتسويق لمصالحهم ضد مصلحة المواطن.
وباعتقادي أن تلك الأزمة رسخت مفهوما جديدا لدى المواطن البسيط أن الأزمة سببها ما يسمى العقاريون وأن المعاناة التي يعانيها من نقص في المعروض وغلاء في قيمة العقارات هم المتسببون فيها ومستفيدون منها مما وسع فجوة عدم الثقة بأي رأي يصدر من قبل العاملين في القطاع العقاري حول الأزمة دون النظر في مدى جدواه ويحكم عليه مباشرة بأنه تضليل لتأخير حلول الأزمة، وفي الطرف الآخر تجد أن الرأي الذي يصدر من قبل الاقتصاديين والإعلاميين من الذين هم خارج القطاع مهما كانت جدواه وإمكانية تطبيقه تجده مقبولا ومرحبا به لدى المواطن البسيط دون الدخول في تقييمه.
قلة هم الذين يقيمون حلول الأزمة المقترحة من قبل الطرفين دون الدخول في نياتهم مع الأسف الشديد ما جعل معظم الحلول المقبولة شعبيا تصدر فقط من خارج العاملين من القطاع العقاري التي قد تفتقد الواقعية في التطبيق أو حتى لو كان في تطبيقها أمر سلبي على الاقتصاد العام، وبين تلك الخلافات والمشادات بين الفريقين المتخالفين تشتت التركيز على دراسات متعمقة لأسباب الأزمة وطرق حلها التي تصدر من قبل مختصين في ذلك المجال.
كم أرجو أن تذوب تلك الخلافات والاتهامات بين الطرفين ويتحد الجميع على التركيز في حل الأزمة دون الخوض في ذمم الآخرين ونياتهم لتوفير مناخ صحي لتضافر الجهود للخروج بحلول ناجحة للأزمة.
المدير العام لشركة بصمة لإدارة العقارات