«يا حامل الماء إلى هجر ما لك ثواب ولا أجر»
عنوان مقالتي بيت شعر قديم ومعناه أن أهل هجر (الأحساء) يستغربون على من يدخل مدينتهم ومعه قربة ماء!
والمعنى الآخر أن الداخل إلى الأحساء ومعه ماء ليس له ثواب أي كما ما يقول إخواننا المصريون (جايي تبيع الماء في حارة السقايين)!
هجر الأحساء بلد الـ 360 عينا جارية كجريان الأنهار من تحت الأرض وعيونها مشهورة منذ القدم ومعروفه في شتى بقاع الأرض وأهمها عين أم سبعة وعين نجم وعين الخدود وعين الحارة وعين الحويرات وعين برابر وعين غصيبة وعين الويمي وعين أم الخيس، هذه من أشهر العيون الموجودة في الأحساء ويمتد جريان مياهها إلى ما يقرب المائة كيلو متر وتعتمد كل 30 قرية على عين واحدة تسقي زرعها وتشرب من هذه العيون الفوارة، ولم يقتصر الأمر على السقي أو الشرب فقط، بل إن بعض العيون ماؤها يعتبر دواء لأمراض عديدة مثل الروماتيزم وتصلب الركب ولين العظام، حيث إن هذه العيون مياهها كبريتية مثل عين نجم حيث يقصدها المصابون بهذه الأمراض من كل أنحاء المملكة ودول الخليج. اليوم الأحساء تموت عطشاً، فأكثر أحياؤها انقطع عنها الماء نهائياً حتى أصبح سعر سيارة وايت الماء 400 ريال للبيت الواحد، وهذا الوايت قد لايكفي لأيام!
فهل من المعقول أن يدفع المواطن 400 ريال للحصول على الماء والأحساء بلد العيون؟!
السبب أن التدابير التي اتخذتها المديرية العامة للمياه في إيقاف خطوط الماء من جبل أبو غنيمة تمد خطوطا بديلة يجري منها الماء المحلاة. هل الأحساء محتاجة إلى مياه محلاة وهي تعوم على أنهار عذبة؟ أين ذهبت مياه الأحساء؟ وكيف نضبت؟ ومَن المتسبب في ذلك؟!
أخبرني والدي - أطال الله عمره - البالغ من العمر 95 عاماً بأن الماء نهرٌ جار لا يقف أبداً إلا إذا سُدَ طريقه فيبحث عن طريقٍ آخر، وهذه النظرية استخدمها المهندسون الألمان حينما أتوا إلى الأحساء عن طريق شركة (فليب هولزمان) التي نفذت مشروع الري والصرف في الأحساء، فبدلاً من تحسين ورفع مستوى الماء قاموا بطمر العيون الكبيرة حتى قضي على مائها نهائياً، ففي بداية وصول الألمان اجتمع بهم كبار رجال الأحساء الذين لهم باع طويل في معرفة أمور المياه والنخيل وأطلعوهم على عيون الأحساء وما تخدم من قرى مجاورة لها، وأشار بعض رجال الأحساء إلى أن ما يقوم به المهندسون الألمان خطأ جسيم.
وبالفعل قام الألمان بطمر العيون الكبيرة وتحويل مسارها إلى أماكن أخرى مستخدمين نظرية توزيع المياه عبر قنوات ري صغيرة، والنتيجة أن هذه العيون نضبت وأصبحت مجرد حُفر مليئة بالحصى والتراب.
وأضاف والدي أنه على مر السنين لم نسمع نضوب عيون الأحساء، حتى في سنين الجفاف وشح الأمطار تظل العيون جاريه ومليئة بالمياه وما حصل في عيون الأحساء عدم معرفة وإدراك بأمور عيون المياه.
الأمَر من ذلك: كم يبعد البحر عن الأحساء؟
الجواب: أقرب شاطئ بحر (ميناء العقير) ويبعد 70 كيلو مترا!
إذاً لماذا لا تقام محطة تحلية مياه يُمد من خلالها خطوط جديدة تجري فيها المياه المحلاة للأحساء وقراها علماً بأن الأحساء لا تحتاج إلى مياه محلاة!