سيدي المسؤول.. ماذا لو اعترفت؟
"عرفت من أنا بمعرفتي لذاتي وقدراتي وقوتي"، نصيحة أسداها "ستيفن كوفي" لكل من اختار طريق التميز، مؤكداً أن النجاح رحلة متواصلة تبدأ من "الذات".
يتمايز البشر ويتفاضلون فيما بينهم، بمقدار ما يمتلكه كل منهم من "المهارات الشخصية"، كالذكاء الاجتماعي، والقدرة على الإقناع، وإدارة الوقت، والخطابة، وغيرها من المهارات التي يجب أن يحظى بها القياديون حيث كانوا. ويضاف إلى ذلك مقدرتهم على توظيف هذه المهارات في حياتهم وأعمالهم.
تعد مثل هذه المهارات من الركائز الأساسية للنجاح. وتعني معرفة الشخص لقدراته ومهاراته، واستغلالها بفاعلية. وبناء شخصيته من خلال السيطرة على عواطفه ومشاعره، والاعتراف بأخطائه وتصحيحها والتعلم منها.
فلو سلطنا الضوء قليلا على واقع الحال في أجهزتنا الحكومية. يا ترى ما مدى اكتساب "السيد المسؤول" في تلك الأجهزة جملة المهارات الشخصية؟ وكيف يمكن أن تتكامل هذه المهارات لتؤثر إيجابيا في أدائه وإنتاجيته؟
قد يستغرب البعض أن يحتاج "المسؤول" أو "القيادي" إلى مثل هذه المهارات. وقد يظن البعض أنها بدائية، ولكن الواقع لا يسند هذا الظن!
كثير من المسؤولين وصل إلى منصبه بالترقية التقليدية "لأنه الأقدم في ظل وجود شاغر". فتجده يستغرق بين أكوام الأوراق، ويظل أسيرا لتوقيع المعاملات الروتينية. وفي هذا إضاعة لوقته، وتشتت عن الهدف الاستراتيجي لدوره كمسؤول. فالبعض تجده لا يعرف كيف يتعامل مع المراجعين، والبعض الآخر لا يستطيع أن يؤثر بخطاباته أو حتى بشرحه على المعاملات!
المشكلة الحقيقية أن معظم المسؤولين، يعتقد أن جملة هذه المهارات غير مهمة وثانوية، وأنه لا يحتاج إلى اكتسابها بعد أن وصل إلى "سدة القرار". وتجده يركز على محاولة الاهتمام بـ "تفاصيل مزعجة" يشعر معها بقربه من العمل، وربما يشعر بأنه أكثر إخلاصاً إذا استغرق فيها، بينما يكمن "الإخلاص" في أن يكتسب المهارات الخاصة لهذا المنصب، ويطور من قدراته، بعد أن يعترف بعدم وجودها ضمن مؤهلاته ليستفيد منها في تطوير إنتاجيته وعطائه.
فمن المهم أن يتمتع المسؤول بثقة عالية بالنفس، وتواضع وشفافية ذاتية، ليتمكن من استغلال معرفة جوانب الضعف، ولا بأس أن يكون ذلك عبر "جهة استشارية" متخصصة في رفع الكفاءة الشخصية Coaching بحيث تقوم بعمل برنامج كامل للتطوير الشخصي.
لعلي استشهد بنصيحة أسداها "القصيبي" مؤكدا على هذه الأفكار، حيث قال: "الإنسان الذي يعرف نقاط ضعفه، يملك فرصا حقيقية في تحويلها إلى نقاط قوة". كما قال في هذا الجانب نفسه: "لا تستح أبدا أن تعترف بجهلك، وأن تعالجه بخبرة الخبراء".
كلمة أخيرة للسيد المسؤول: إذا خططت وأنجزت وفوّضت، وتجاهلت التفاصيل المزعجة وغير المهمة، إذا تعلمت من الأخطاء، إذا سعيت لتحويل الـ "لا شيء" إلى "شيء عظيم"، وإذا وجّهت وحفزت العاملين على التنمية والتدريب على الفاعلية والتأثير، وإذا حرصت على صناعة "قادة آخرين" لا "تابعين"، عندها فقط، يطلق عليك "قائد".