شكرا لحرصكم معالي الوزير .. تم التعديل ولكن..
منذ سنوات، وأنا أتحدث وأكتب عن وجود مخالفة قانونية ارتكبتها التأمينات الاجتماعية، كان من بينها مقالي المنشور بداية هذا العام في "الاقتصادية" بعنوان: "التأمينات الاجتماعية" تخالف نظامها!
حيث أشار المقال إلى وجود مخالفة قانونية ارتكبتها التأمينات الاجتماعية على مدى 13 عاما، سكت عنها، ولم يلتفت إليها أحد، وتتمثل في تعارض إحدى لوائح التأمينات الاجتماعية (لائحة تعويضات فرع الأخطار المهنية) مع نظام التأمينات الاجتماعية بذاته!
والحمد لله، سررنا أن م. عادل فقيه وزير العمل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قد تفاعل لمعالجة المخالفة القانونية المذكورة، وتسويتها قبل أن يطوي هذا العام (1435هـ) صفحاته الأخيرة.
دعونا نستعرض خطوات الموضوع الذي يهم جميع موظفي القطاع الخاص وبعض العاملين في الجهات العامة الخاضعة لنظام التأمينات (سعوديين وغير سعوديين) في حال تعرضهم لإصابة عمل.
أولا: المخالفة القانونية
صدر نظام التأمينات الاجتماعية بموجب المرسوم الملكي ذي الرقم (م/33)، وتاريخ 3/ 9/ 1421هـ، ونصت الفقرة (3) من المادة 54 من هذا النظام على أنه: "لا يخل عدم دفع صاحب العمل للاشتراكات في استحقاق العامل للتعويضات".
أما لائحة تعويضات فرع الأخطار المهنية فقد صدرت بموجب قــرار وزير العمــل والشــؤون الاجتماعيــة (رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية) ذي الرقم (128/تأمينات)، وتاريخ 25/ 10/ 1421هـ، ونصت الفقرة 1 من المادة 32 من هذه اللائحة على أنه: "لا تقبل الإصابة كإصابة عمل إلا إذا كانت قد وقعت لعامل اشترك عنه صاحب العمل في فرع الأخطار المهنية وسدد عنه بالفعل الاشتراكات المستحقة قبل حدوث الإصابة".
ومن باب التوضيح، فإن النظام يعد أعلى من اللائحة أو اللوائح التنفيذية التي تصدر بموجبه، لأنه - أي النظام - يصدر بموجب مرسوم ملكي كريم، أي إنه الواجب في التطبيق، وقبل أن يعتمد النظام بالمرسوم الملكي، يكون قد مر على مجلس الوزراء ومجلس الشورى للمراجعة والاعتماد، بينما اللائحة أو اللوائح التنفيذية فإنها تصدر بقرار من الوزير المختص.
ونلاحظ التناقض الواضح بين النصين، حيث يقتضي نص النظام (الصادر بموجب المرسوم الملكي) أن يستحق العامل المشترك في النظام لأية تعويضات نص عليها النظام حتى في حال توقف صاحب عمله عن سداد الاشتراكات عنه، بينما يقوم نص اللائحة (الصادر بموجب قــرار وزير العمــل والشــؤون الاجتماعية) بحرمان المشترك من تعويضات إصابة العمل إذا كان صاحب عمله قد توقف عن سداد الاشتراكات عنه قبل تاريخ الإصابة، أي حتى ولو كان التوقف عن آخر ستة أشهر مثلا!
ثانيا: تصحيح المخالفة القانونية
أصدر المهندس عادل فقيه وزير العمــل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، قرارا نشر في شعبان الماضي في الجريدة الرسمية (أم القرى)، وجاء تعديل الفقرة 1 من المادة 32 لتكون: "في تطبيق حكم الفقرة (2) من المادة (28) من النظام، لا تقبل الإصابة كإصابة عمل إلا إذا وقعت لعامل اشترك عنه صاحب العمل في فرع الأخطار المهنية".
أي أنه جرى حذف العبارة غير القانونية: "... وسدد عنه بالفعل الاشتراكات المستحقة قبل حدوث الإصابة"، وبذلك انتفى تعارض لائحة تعويضات فرع الأخطار المهنية مع نظام التأمينات الاجتماعية.
ثالثا: ضحايا الماضي
إن تصحيح التعارض الذي أشرنا إليه يبعث في نفوس الخاضعين لنظام التأمينات الارتياح لأنه يحميهم منذ تاريخ التعديل وصاعدا، وبالتالي نأمل أنه لن يتضرر أحد من هذا التعارض ما لم تحاول المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية - من خلال قرارات داخلية سرية أو توجيهات شفوية - أن تحرم العمال المصابين (غير المسدد عنهم من قبل أصحاب عملهم) مخالفة بذلك نظامها ولوائحها التنفيذية!
وإذا افترضنا أنه لا توجد توجيهات مكتوبة أو شفوية تدور في أروقة التأمينات، وتأمر بعكس النظام أو اللائحة، فإننا بذلك نضمن أننا حمينا ضحايا الحاضر والمستقبل، لكن ماذا عن ضحايا الماضي؟ كم حالة منذ 13 عاما إلى ما قبل التعديل طبق عليها نص اللائحة المخالف لنص النظام، وحرم بمقتضى ذلك العديد ممن أصيبوا إصابات عمل من التعويض لهم أو لذويهم في حال الوفاة نتيجة للإصابة؟ أليس من الواجب أن نكمل المهمة ونقوم بتعويض المشتركين كافة من الموظفين والعمال الذين تضرروا من وجود المخالفة القانونية، وبأثر رجعي؟ أتمنى أن تكون التأمينات الاجتماعية تنوي اتخاذ خطوات جدية حيال ذلك، ولا سيما بعد أن التقطت أنفاسها وارتاحت قليلا من الضجة التي دارت حول نظام "ساند"!
في النهاية..
أتقدم بالشكر الجزيل، لوزير العمل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المهندس عادل فقيه، ولمحافظ المؤسسة سليمان القويز على التصحيح بإحقاق الحق، ونشد على أيديهما في المهمة التي أنجزت بتصحيح المخالفة، وحماية ضحايا الحاضر والمستقبل، وننتظر منهما صولة "شجعان" لتعويض ضحايا الماضي.