أدب الأطفال العالمي.. من أفواه الرواة الشعبيين إلى قصور السادة والكتب

أدب الأطفال العالمي.. من أفواه الرواة الشعبيين إلى قصور السادة والكتب
أدب الأطفال العالمي.. من أفواه الرواة الشعبيين إلى قصور السادة والكتب

أدب الطفل هو نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمر المراهقة. بدأ تطور هذا النوع الأدبي، في القرن الـ 17 في أوروبا، وأخذ يزدهر في منتصف القرن الـ 20 مع تحسين أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم، ما زاد من طلب المؤلفات المخصصة للأطفال بلغات مختلفة، مع ظهور أدباء يكرسون معظم وقتهم لكتابة مؤلفات للأطفال.

وبحسب مواقع إلكترونية متخصصة، فقد برز أدب الأطفال إلى الوجود، وفرض نفسه في السنوات الأخيرة. وزاد عدد الأولاد الذين كانوا يبحثون عن الكتاب مع انتشار التعليم، ففكر بعض الناشرين في اقتباس الأساطير والحكايات الشعبية والدينية وتبسيطها اعتقادا منهم أنها ستكون ملائمة للأطفال. وفي القرن الـ 19 عرف مفهوم "أدب الأطفال". وازدهر في القرن الـ 20، فبرزت مجلات الأطفال وانتشرت كتبهم، وراجت برامجهم في الإذاعة والشاشة الصغيرة. وبذلك استقل "أدب الأطفال" وبات ميدانا خاصا يستمد أصوله من معرفة الطفل نفسه معرفة عميقة، ومن معرفة البيئة التي يعيش فيها هذا الطفل، ومن ماضي الطفل، ومن القدرة على التنبؤ، ومن الإيمان بمستقبل الأمة التي ينتمي إليها، ومن دراسة الطبيعة والإنسان والعلوم. والطفولة مرحلة من الحياة تمتد من الولادة إلى سن المراهقة. ولها خصائصها التي تنمو مع نموّ الطفل نفسه وهو النمو الذي يشمل النواحي الجسمية والنفسية والخلقية والانفعالية والاجتماعية والإبداعية. وقد ظلّت المعارف عن الطفولة ضعيفة قرونا عدة. وبقي الطفل، حتى القرن الـ 18 تقريبا، "راشدا مصغّرا" في نظر الكبار. وقد شهد القرن الـ 18 اللحظات التي اعتُرف فيها للأولاد بحقهم في التسلية وفي التعلم معا. وعرفت خصائص الطفولة الفردية، وأخذت قابليات الطفل واهتماماته في الحسبان. ولقي كتاب "إميل" الذي كتبه الفرنسي جان جاك روسو عن تربية الطفل وطبيعته اهتماما واسعا. وجاءت بعده عدة كتب أخرى. ثم بدأ الكتّاب يؤلفون قصصا خاصة بالأطفال والفتيان ذات أهداف محددة مثل اكتساب المعارف وتعلم شؤون الحياة والمعيشة وتبني السلوك الحسن.

واعترف بحق الطفل في المطالعة الترويحية. وبذلك أصبح الأدب تربويا وتعليميا خلقيا وتعليميا مدنيا. واختلط الأدب بالمطالعة الموجّهة نحو اكتساب المعارف والمعلومات ونحو إعداد المواطن الصالح. وقد انعكس ذلك كله على موقف الراشد من الطفل، فولّدت المواقف الجديدة، في العالم كله، ازدهارا في المؤلفات الموجهة للصغار يكشف عن وجود النية التربوية والبنائية. وخضع الكتّاب لقواعد الكتابة للصغار فتجنبوا الألفاظ الغريبة والأساليب المجازية، وجعلوا جملهم قصيرة، واختاروا العبارات التي تثير المعاني الحسية من غير مبالغة في الزركشة والتفصيل وبذلك أصبح القارئ الصغير يقوم برحلات ممتازة وسعيدة في الأساطير والروايات والآراء التي لا تهدف إلى التسلية فقط بل تستجيب كذلك لحاجات الطفولة العميقة فتلبيها، وتساعدها على النموّ السعيد. ولقد استطاع أدب الأطفال أن يضع الخيالي في مقابل التعليمي، أي أن يجمّل حياة الصغار ويجعلها سعيدة.

تطور أدب الأطفال وطبع أول كتاب للصغار في عام 1484 على يد وليام كاكستون، وكان ذلك الكتاب "خرافات إيسوب". ثم تلته كتيبات أخرى في الأغاني أو في وصف الألعاب التي تجري في الحفلات أو في "الألواح" التي تضمّ الأبجدية والأرقام والصلوات. ولكن ذلك كله لم يكن في نطاق أدب الأطفال: لا من حيث الغرض ولا من حيث البنية.

ثم جاء أشهر الكتب المخصصة للأطفال، في أوروبا في القرن الـ 17، وهو "العالم المصور" الذي وضعه جان آموس كومنيوس المربي التشيكوسلوفاكي الإنساني، في عام 1657، ولكن الكتاب كان تعليميا. وظهرت في القرن الـ 17 نفسه بعض الكتب الموجّهة للصغار، إلا أنها كانت تلحّ على التربية الخلقية والدينية. أما بدء العصر الذهبي لأدب الأطفال فكان في القرن الـ 18 والقرن الـ 19 حين دخل الميدان كبار المؤلفين في فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
#2#
وما أن حلّ القرن الـ 20 حتى كان في وسع الصغار أن يطوفوا العالم، ويجوبوا البحار، ويحلّقوا في الفضاء، بفضل وسائل الإعلام الحديثة وما تخصهم به. شواهد من العناية بأدب الأطفال المجتمعات التي اهتمت بأدب الأطفال كثيرة، وفيما يلي بعض الشواهد من مجتمعات اتسع فيها هذا الاهتمام. أدب الأطفال في إنجلترا: تكثر في أدب الأطفال الإنجليزي القصص التي تتصل بأولاد يضيعون في الغابة، أو أولاد منبوذين، أو الحسناوات التعيسات، أو القصص التي تتصل بالأهازيج والألعاب والشعر المبسّط الذي يظهر الكثير من الأقوال والأمثلة المتداولة.

ويتصف أدب الطفولة الإنجليزي بأنه أدب مغلق يقتصر على عالم الطفولة وحده، ويختصر كل شيء ضمن أبعاد هذا العالم وأنه أدب ساكن في علاقته مع المكان والفراغ، وقد أدار ظهره للتقاليد الواسعة عن الحركة والانتقال، وظلّ في مكانه جامدا قد يترك فيه أولاد القصص غرفهم ليبحثوا ويكشفوا، لكنهم يكتفون بالتنقيب في أماكن ترضيهم وحدهم، وفي نهاية المغامرة يعودون إلى غرفهم. ثم إنه أدب يجمع بين الواقع والوهم ويجري التفاعل فيه بين الطفل وشخصية خفية، ويجعل غير الموجود أكثر حقيقة من الموجود، مع شيء من البساطة تنساب من خلال سحر الرواية: المساكن الإنجليزية القديمة المأهولة بالأشباح، وكشف الماضي، والحوار مع مرافق خفي لا يُرى.

تميل كتب الأطفال، في إنجلترا، إلى النزعة المثالية عند رديارد كيبلينج أو النزعة الإصلاحية العاطفية عند فريدريك فارار، أو أنها تؤيد الانفجار التحرري الذي يعدّ ردّ فعل على حياة القسوة التي كان يعانيها الأطفال الصغار في إنجلترا. إن المؤلفين الذين يمكن أن يسمّوا "الكتاب الحقيقيين للأطفال" هم أولئك الدين يتقنون معرفة الأطفال، ويعرفون كيف يفاجئونهم في لعبهم، ويصغون إليهم، ويراقبونهم من كثب، من غير تدخّل أو طرح أسئلة. ويأتي الكتّاب الإنجليز في المقدمة بين "الكتاب الحقيقيين".

وقد زاد إقبال الصغار الإنجليز على المطالعة فاتسعت حركة الترجمة وحركة التأليف. فقد ترجمت من الفرنسية "ساندريلاّ، والجميلة النائمة" و"ذو اللحية الزرقاء"، ومن العربية "ألف ليلة وليلة". ثم صدرت رواية "روبنسون كروزو" للكاتب دانييل ديفو (1719)، وتبعتها "رحلات جوليفر" للكاتب جوناثان سويفت (1726)، كما ظهرت محاولات عدة لنشر مختارات من الحكايات الشعبية. ومنذ عام 1865 انفصل أدب الأطفال الإنجليزي عن الناحية التعليمية. وانتصر الخيال والإبداع والاهتمام بالموروث الشعبي وبالخرافة وبالحكايات الشرقية. أدب الأطفال في فرنسا: كان السادة وحدهم، في القرنين الـ 13 والـ 14، في فرنسا يتغذون بقراءة النصوص التي تدور حول الإحسان والفروسية والتربية في قصورهم.

أما الأوساط الفلاحية والشعبية فقد كانت تكتفي بالاستماع إلى الرواة الأصيلين في أكواخها، وتستمتع في سهراتها بحكاياتهم وقصصهم. وكان لها تقاليدها في الأغاني والأهازيج والحكايات التي كانت تدور حول الترويح والتسلية. ثم ما لبثت هده الحكايات والأغاني والأهازيج أن جمعت، فألف ما يُعرف باسم "الأدب الجوال" الذي كان ينقله الباعة الجوالون من مكان إلى آخر، وهو الذي ألّف، فيما بعد، نواة المكتبة الزرقاء للأطفال. ومن أهم الأسماء التي كان لها دورٌ بارزُ في نشر أدب الأطفال في فرنسا: لافونتين وفينيلون وشارل بيرو والكونتيسة صوفي دي سيجور وجول فيرن وسواهم.

الأكثر قراءة