المهارات «غير المعرفية» تجلب وظيفة أفضل ودخلا أعلى

المهارات 
«غير المعرفية» تجلب وظيفة أفضل ودخلا أعلى

"يجب أن تعمل المدارس على بناء الروح البريطانية"، هكذا نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن حزب العمال في الثامن من كانون الأول (ديسمبر).
أولا، قائل هذا الكلام يؤلف كتبا حول الفيكتوريين، والآن يتحدث مثلهم.
عمن تتحدث؟
تريسترام جوليان وليم هَنت، وزير التعليم في حكومة الظل، فهو مؤرخ يحن إلى الأيام التي كان الطلاب يتعلمون فيها الفضيلة في ملاعب مدرسة إيتون.
لقد درس في مدرسة "راقية" في هامبستيد ولا أظن أنهم يلعبون الرجبي في تلك المنطقة.
ما علينا. كل هذا الحديث عن الروح البريطانية يبدو كلاما فارغا من النوع العتيق المتنطع.
ألا تظن أن من المهم أن يتحلى الأطفال بالضمير والمرونة والتقدير العالي للذات؟
طبعا، لكن..
وما رأيك في أن يتحلى الطلاب بحب الاستطلاع والنشاط الفائق والتفاؤل؟
رأي معقول أيضا، لكن لماذا ندعو ذلك بالروح البريطانية؟
هذه أداة سياسية فجة. هو على العموم يتحدث عن الشخصية، وليس الطابع البريطاني بالذات.
معنى ذلك أنه لا يريد أن يحفظ الطلاب وليم شكسبير ويبجلوا ونستون تشرشل ويدندنوا على أنغام جورج هاندل.
مايكل جوف (وزير التعليم الحالي) هو الذي كان يريد ذلك.
أنا أخلط بين الاثنين.
لا ألومك.
مع ذلك، ما أزال أرى أن تدريس الشخصية أمر ولى زمانه.
لكنه يبدو أمرا حديثا من أوله إلى آخره. يُنظَر إلى الشخصية بصورة متزايدة على أنها سر تقليص الفقر. لكن الفقر أمر يتعلق بالمال، وليس بالسمات الشخصية.في نهاية المطاف، أعتقد أنك على حق، لكن هناك أدلة لا يستهان بها على أن المهارات "غير المعرفية" بين الأطفال والشباب تؤدي إلى وظائف أفضل وتحصيل دخل أعلى في المستقبل.
مهارات غير معرفية؟ ما هذا التعبير الغريب؟
إنه مصطلح في علم الاقتصاد. يشير علماء الأعصاب إلى "الوظائف التنفيذية". ويفضل علماء النفس استخدام "سمات الشخصية". لكن بصرف النظر عن المصطلح، هم يتحدثون جميعا عن الشخصية.
لكن أليس من المؤكد أن ما يهم في المدرسة هو المعرفة، حاصل الذكاء – أو ما يسميه الاقتصاديون "المهارات المعرفية"؟
نحن لا نتحدث عن أمرين أحدهما يستبعد الآخر. في الواقع العلاقة بينهما طفيلية.
أليس هذا أحد أنواع اللبن الزبادي؟
اللبن الزبادي يستخدم كائنات طفيلية مفيدة للجسم. لا. أنا أتحدث هنا عن حلويات الخطمي والسكاكر وأصابع الخبز المملح.
لكن هذه ليست صحية للجسم. بالضبط. في اختبار مشهور في الستينيات، أجراه والتر ميشيل، الذي كان أستاذا لعلم النفس في جامعة ستانفورد، أعطي الأطفال خيارا بين الحصول على مكافأة واحدة فورية أو الحصول على اثنتين إذا صبروا 15 دقيقة. الذين صبروا كان أداؤهم في المتوسط أفضل في المدرسة وحققوا دخلا أعلى في حياتهم فيما بعد.لكن الشخصية تنطوي على أمور أكثر من ضبط النفس.
صحيح. لكن جيمس هاكمان، الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، برهن على أن هناك عدة سمات مرتبطة بالنجاح، بما في ذلك ضبط النفس والجرأة والمرونة. لم أر عبارة بديهية أكثر من هذه العبارة. أين الجديد في ذلك؟
أنت تقول ذلك، لكن التركيز في السياسة التعليمية يتم على المهارات المعرفية. نحن نركز على عدد الكلمات التي سمعها الأطفال بحلول الثالثة من عمرهم، أو نتائج الرياضيات عند سن الخامسة عشرة.
لا أرى ضيرا في ذلك. لن تجد شخصا يقول إن المعرفة غير مهمة، خصوصا البروفيسور هاكمان. لكن المؤلف بول تاف، في كتابه "كيف ينجح الأطفال"، يوضح بصورة أنيقة كيف أن الأطفال، وفي الغالب أطفال الفقراء أو الأسر الفوضوية التي لا تعمل على تطوير الشخصية، يمكن أن يعانوا في المدارس. أنا أوافق على أن الشخصية مهمة، لكن هذا لا يعني أنها يمكن تدريسها. هذا هو الجدل الكبير. فالذين يقولون إن تدريسها ممكن، غالبا ما يشيرون إلى برنامج بنسلفانيا للمرونة، وهو عبارة عن ورشة عمل لمدة 18 ساعة طورها علماء نفس أمريكيون، يتعلم فيها الأطفال مهارات تساعدهم على التفكير الإيجابي. وأظهرت التجارب العشوائية المنظمة أن ذلك قلص معدل حدوث الاكتئاب.
هذا رائع، لكنه ليس تماما مثل بناء الشخصية.
على الأقل نستطيع القول إنه حقق نتيجة أفضل في منع السمات السلبية وليس في تعزيز السمات الإيجابية. كما تبين أيضا أن من الصعب نسخه. تمت تجربة نسخة بريطانية من برنامج بنسلفانيا في 2007 – 2008، وفقا لتقييمها الكمي لم تحقق أية آثار دائمة.
لماذا يحاول هنت إحياء فكرة فاشلة؟
نتيجة رديئة واحدة لا تجعل الفكرة فاشلة. تعليم أي شيء أمر صعب. يتعلم الطلاب الرياضيات لمدة عقد وكثيرون منهم يفشلون رغم ذلك. الشخصية مهمة، لكن من الصعب تعريفها أو تدريسها أو قياسها أو تحسينها. لكن من الواضح أن بعض الطلاب يدرسون في مدارس يطورون فيها هذه المهارات. أتساءل إن كان السر ليس هو التدريس على الإطلاق.
أنت هنا لا تتحلى بالمرونة. أعني أنه يمكن تدريس الشخصية من خلال دروس ونشاطات خارجية أخرى بخلاف المنهج.
أظن أنك توصلتَ لشيء ما. أفضل المدرسين ينمون الشخصية في غرفة الصف، سواء كان ذلك بدراسة الأبطال الملهمين، أو الشخصيات التاريخية، أو تشجيع الأطفال على محاولة حل مسألة في الجبر.
كيف نحقق ذلك دائماً؟
توظيف مدرسين أفضل هو أحد الحلول (البطيئة والواضحة). فكرة أخرى، هي استخدام "بطاقات نمو الشخصية"، مثل التي يقوم المدرسون بتعبئتها في بعض المدارس الخاصة التي تتلقى التمويل الحكومي في الولايات المتحدة. الآن أنا حريص ولدي فضول في السعي للعثور على السر.
أليست هذه شخصية جميلة من عندك؟

الأكثر قراءة