انخفاض أسعار النفط سيستمر 6 أشهر ويعود للارتفاع في صيف 2015

انخفاض أسعار النفط سيستمر 6 أشهر ويعود للارتفاع في صيف 2015
انخفاض أسعار النفط سيستمر 6 أشهر ويعود للارتفاع في صيف 2015

توقع الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية المتوسطية للطاقة أن يستمر الانخفاض الكبير في أسعار النفط الخام خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجديد 2015 على أن تبدأ الأسعار في التحسن الملموس والمؤثر اعتبارا من النصف الثاني من عام 2015.

قال ديبيش في حديث خاص لمراسل “الاقتصادية” في فيينا إنه يعتز كثيرا بوجود منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” على أرض العاصمة النمساوية فيينا، كما أنه يسعد أيضا بالقرارات الصائبة التي يتخذها وزراء بترول الدول الأعضاء في اجتماعاتهم الدورية في فيينا، خاصة الاجتماع الأخير، الذي أحيط بترقب واسع وتكهنات عديدة انتظارا لموقف “أوبك” من الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

وأشار الدكتور ديبيش إلى أن “أوبك” كانت محقة وموضوعية عندما أبقت سقف الإنتاج على ما هو عليه دون تخفيض في قراءة جيدة منها لظروف وأوضاع السوق وتحركها بوعي وبدراسات دقيقة لطبيعة الإنتاج والصراعات مع الوافد الجديد من منتجي النفط الصخري ووضعت عينها نصب الحفاظ على حصتها السوقية ونجحت في تحقيق ذلك.

وقال إن “أوبك” منظمة متميزة وصاحبة صوت واحد ومواقف جماعية متميزة، وأتمنى أن تستمر كذلك، لأن بعض المشاكل الأخيرة كشفت عن وجود انقسامات يمكن أن تقع وتتفاقم إذا لم يتم احتواؤها بشكل جيد لأن اختلافات بدأت في الظهور، وكل دولة تنفذ أجندة خاصة، وهذا خطر على العمل الجماعي وعلى مؤسسة ناجحة مثل “أوبك” التي تعمل منذ أكثر من 50 عاما، وفق منظومة عمل واحدة وبهدف تنسيق المواقف وإعلاء المصلحة العامة ونبذ أي مصالح خاصة أو وقتية.

وحول تقييمه للتعاون بين “أوبك” ودول خارج “أوبك” قال الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية المتوسطية للطاقة إن هناك مبادرات جيدة وبرامج عمل متميزة تربط “أوبك” ودول الاتحاد الأوروبى وهذه البرامج تتنامى، وأسفرت عن تفاهمات مميزة في كثير من قضايا الإنتاج والاستثمار.

وأشار إلى أنه لا يستطيع تقييم برامج التعاون والتنسيق بين “أوبك” وكل من روسيا والولايات المتحدة، إلا أنه يعتقد أنها ما زالت ضعيفة وهناك حاجة إلى تطويرها وتفعيلها حتى يستطيع الاقتصاد العالمي بشكل عام مواجهة الأزمات وحسن إدارتها بما يحقق الاستقرار وتوازن المصالح بين المنتجين والمستهلكين .

وأكد وجود صراع بالفعل بين مصالح المستهلكين والمنتجين من جهة وبين المنتجين وبعضهم بعضا من جهة أخرى، ولا شك أن ارتفاع أسعار الطاقة، سواء النفط أو الغاز أو مصادر الطاقة الأخرى هو أمر يمثل ميزة للمنتجين وعبئا على المستهلكين والعكس صحيح، كما يحدث حاليا وهو أن انخفاض أسعار الطاقة ميزة كبيرة للمستهلكين لم يستغلوها بعد وعبء كبير وأزمة طاحنة لاقتصاد بعض الدول المنتجة التي يعتمد أكثر من 90 في المائة من منتجها المحلي على تصدير النفط الخام.

وقال إن الوقت الراهن يمثل فرصة ذهبية في ظل أسعار الطاقة الرخيصة للتعافي من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تعاني بها العديد من الدول المستهلكة في العالم وتمثل ذلك في تباطؤ معدلات النمو وقلة الاستثمارات وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وضعف العملات الوطنية وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، التي أنهكت عديدا من دول العالم، خاصة منذ وقوع الأزمة الاقتصادية الواسعة في عام 2008 .
#2#
وبالنسبة لتعامل دول الخليج مع أزمة النفط الحالية قال الدكتور فيليب ديبيش إن دول الخليج تواجه عديدا من التحديات وتتعامل معها بقدرة فائقة وبتميز، مشيرا إلى أن أزمة النفط ليست الوحيدة، التي تفرض نفسها على منطقة الخليج والشرق الأوسط، ولكن اقتصاديات المنطقة قوية وفوائضها واحتياطاتها المالية تمكنها من حماية اقتصادياتها لعدة سنوات قادمة .
وأشار إلى أن التحدي الأكبر في المنطقة هو الشأن السياسي وعندما يتحقق الاستقرار السياسي ويتم القضاء بصفة خاصة على الحركات الراديكالية المتطرفة مثل تنظيم “داعش” سيعود الاستقرار للمنطقة وربما يكون مدخلا لحل الأزمات الاقتصادية ومنها تراجع أسعار النفط الخام .

وبالنسبة لظاهرة النفط الصخري ومستقبل إنتاجه قال الدكتور ديبيش إنه لا شك أن هناك منافسة حادة بين النفط التقليدي وتمثله منطقة الخليج ومنظمة “أوبك” وبين النفط الأمريكي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة دولة تحتاج بصفة مستمرة إلى واردات ضخمة من النفط الخام بسبب الطفرة الصناعية والتكنولوجية بها، وكانت تعتمد في الأساس على نفط الخليج وهو ما قادها للتورط في أخطاء سياسية مثل ما حدث في العراق من غزو تسبب في انهيار نظام صدام حسين، وأدخل البلاد في صراعات طائفية وسياسية.
وقال إن توصل الولايات المتحدة إلى النفط الصخري جاء كمحاولة لتقليل وارداتها من الخارج، خاصة من دول الخليج، وهو ما قاد إلى الانهيارات السعرية التي شهدناها خلال الأشهر الستة الماضية.

وأوضح أن المنافسة الاقتصادية طبيعية ومشروعة فكل دولة تسعى إلى تحقيق مصالحها والاكتفاء ذاتيا من مواردها الخاصة دون الاعتماد على الأسواق الخارجية، ولكن المهم الآن من يستطيع الاستمرار والحفاظ على النجاح في الظروف الصعبة ولا أعتقد أن النفط الصخري قادر على الاستمرار والنجاح في ظروف الأسعار المتدنية، وبالتالي فإن النفط التقليدي أقرب إلى النجاح والحفاظ على مكاسبه السابقة وعلى أسواقه التي عمل معها على مدى عقود طويلة.

وتوقع أن يكون لمنظمة “أوبك” الدور الرئيسي في السنوات القادمة في توجيه السوق ورسم مستوى الأسعار، خاصة أنها منظمة عريقة وستزداد حصتها السوقية في السنوات المقبلة.
وقال ديبيش إن المبادرة الأوروبية المتوسطية للطاقة، التي يرأسها معنية بتنظيم عديد من المؤتمرات المهمة التي تتناول تطورات سوق الطاقة في العالم، مشيرا إلى أنه تم عقد مؤتمر مهم عن إنتاج الغاز الطبيعي في فيينا قبل شهور قليلة.

وقال إن المبادرة تهتم بنشر المعلومات عن أوضاع الطاقة في العالم وسبل تنمية الاستثمارات بها وزيادة الوعي في جميع المراحل التعليمية بقضايا البيئة والطاقة.
وأشار إلى أن المبادرة الأوروبية نشطة بصفة خاصة في دول وسط أوروبا وعلى رأسها النمسا وألمانيا والمجر وسلوفينيا وسلوفاكيا وهي من أهم وأبرز الأسواق المستهلكة للطاقة في أوروبا.

وأوضح أن محاولة أوروبا وأمريكا التأثير في الاقتصاد الروسي لم تنجح في تحقيق أهدافها بالرغم من الأزمة الحادة التي يعيشها الروس إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ازدادت شعبيته ورغبة الغالبية من الروس في معاونته لمواجهة تداعيات هذا التوجه الغربي الخطير، الذي يستخدم للأسف سلاحا اقتصاديا مهما وهو الطاقة التي يجب أن تكون بمنأى عن تلك التوجهات والصراعات.

وأضاف إن الأزمة في العلاقات الأمريكية الإيرانية أيضا تلقي بظلالها على أزمة انخفاض الأسعار الحالية لأن هناك صراعا سياسيا أمريكي إيراني منذ سبعينيات القرن الماضي منذ اندلاع ثورة الخميني وأمريكا تسعى لتقليم أظافر إيران خاصة فيما يتعلق بالإنفاق العسكري والبرنامج النووي.

وقال إن أوروبا يجب أن تستفيد من الظروف الحالية في تنمية الاستثمارات وعلاج مشكلات التنمية والإسراع بمعدلات النمو لأن الفترة الحالية هي بيئة خصبة للتنمية في الدول المستهلكة.

الأكثر قراءة