منتدى التنافسية 2015 .. لماذا تنافسية القطاع الحكومي؟
اختار منظمو منتدى التنافسية الدولي لهذا العام موضوع تنافسية القطاع الحكومي ليكون المحور الرئيس للمنتدى في نسخته الثامنة، ويتبادر للذهن عند قراءة مثل هذا العنوان سؤال جوهري: وهو لماذا تناقش تنافسية القطاع الحكومي ويعطى لهذا الموضوع هذه المساحة من البحث والنقاش في منتدى يحضره سنويا قادة الفكر والاقتصاد والسياسة حول العالم؟
مما لا شك فيه أنه في ظل تنامي سيطرة الاقتصاد العالمي الجديد، وتصاعد قوة الأسواق الناشئة، إضافة إلى تحرر الكثير من الاقتصادات من القيود المكبلة لتطورها؛ أصبح مفهوم التنافسية أساسا يرتكز عليه كثير من الأسواق العالمية. ومع توجُّه السعودية إلى تنويع مصادر دخلها وتنمية اقتصادها؛ أصبح من الضروري التركيز على بناء مناخ يساعد على تطوير الاستثمارات المحلية، ويعمل في الوقت ذاته على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية، وتبني القطاع الحكومي مفهوم التنافسية. من هذا المنطلق جاء عنوان منتدى التنافسية الدولي الثامن (تنافسية القطاع الحكومي) الذي سيقام خلال الفترة من 25 إلى 27 كانون الثاني (يناير) المقبل في مدينة الرياض.
ومن أبرز العوامل التي دعت إلى اختيار هذا الموضوع أن المنتدى السابق ركز على ضرورة بناء شراكة فعّالة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ من أجل رفع مستوى التنسيق فيما بينهما؛ ومن هنا فإن منتدى هذا العام سيكون استكمالا وامتدادا لما تم طرحه في المنتديات السابقة بشكل عام، والمنتدى السابع على وجه الخصوص.
حينما أعلنت اللجنة المنظمة للمنتدى طرح القطاع الحكومي كموضوع رئيسي للمنتدى بينت أن المنتدى سيبحث متطلبات النهوض بأداء الأجهزة الحكومية، وإذا ما كانت أكثر تنافسية وقدرة على مواكبة التطورات والمستجدات الخاصة بالتنافسية الدولية إدراكا لأهمية الدور المحوري الذي يضطلع به القطاع الحكومي في دول العالم المختلفة من أجل تعزيز تنافسية الاقتصادات الوطنية، ومنها الاقتصاد السعودي الذي يتمتع بإمكانات وسياسات اقتصادية واستثمارية تتسم بالانفتاح والمرونة وضعته في مقدمة الاقتصادات العالمية من حيث الحجم والتأثير".
لعل الجميع يتفق على أن هناك تحسنا كبيرا ولافتا في أداء القطاعات الحكومية في السنوات القليلة الماضية ، إلاّ أنه في نفس الوقت لا تزال الكثير من التحديات التي تواجه عددا من أجهزة القطاع الحكومي، من أجل النهوض بأدائها وإنتاجها والخدمات التي تقدمها، والمشاركة بشكل فعّال في دعم الاقتصاد السعودي. ولا شك أن تعزيز التنافسية بين القطاعات الحكومية يحتاج إلى تطوير وتأهيل تلك القطاعات، والعمل على مواجهة التحديات التي قد تواجهها، ولعل من أبرز تلك التحديات الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية؛ وهو الأمر الذي قطعت فيه الكثير من الوزارات والقطاعات الحكومية شوطا كبيرا. ومن أبرز تلك التحديات أيضا تعزيز الشفافية التي تتيح للمواطنين والشركات المعرفة والاطلاع اللازمين؛ من أجل زرع الثقة بين جميع الأطراف.
وإذا كانت القطاعات الحكومية في المملكة قد بدأت منذ سنوات عدة التخلص من البيروقراطية الرتيبة التي أثرت كثيرا في الاقتصاد السعودي، وأخذت تسير باتجاه تسهيل وتسريع المعاملات بين القطاعات الحكومية من جهة، وبين القطاعات الحكومية والشركات الأهلية من جهة أخرى، فإنها لا تزال في حاجة إلى تطوير أنظمتها، وتأهيل موظفيها وقياداتها، إضافة إلى تعزيز أدائها.
وفي هذا الإطار أكدت الهيئة العامة للاستثمار خلال مشاركتها في مؤتمر القيادات الحكومية في مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) للعام الماضي، أن "الحديث عن القيادات الإدارية الحكومية وسبل تطويرها أمر لا مناص منه، وأن تجاهله مجازفة لا تليق باقتصاد يتمتع بمقومات التفوق والإبداع كالاقتصاد السعودي" .
فقد أدركت المملكة في وقت مبكر التطورات والتغيرات التي تشهدها الساحة الاقتصادية والاستثمارية الدولية والإقليمية ذات الانعكاسات المباشرة؛ فكانت في مقدمة دول المنطقة التي سارعت إلى اتخاذ إجراءات وإصلاحات اقتصادية لتوفير بيئة استثمارية واقتصادية منافسة، كما سارعت إلى تحديث وتطوير مجموعة من الأنظمة المحفزة وإنشاء المؤسسات والهيئات ذات العلاقة".
وفي ضوء كل هذه الحيثيات تبدو الإجابة واضحة عن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الكثيرين حول موضوع منتدى التنافسية الدولي الثامن، وهو: لماذا تم اختيار تنافسية القطاع الحكومي موضوعا رئيسا للمنتدى؟