مستوى الرقابة على التقارير المالية في الخليج «معقول وموضوعي»
أكدت دراسة بحثية حديثة عن الرقابة على التقارير المالية للشركات، أن مستوى الرقابة قد يكون معقولا، ولكنه غير مرتفع في الثقة برقابتهم على هذا النوع من التقارير، وذلك في مستوى الدقة والاستقلالية والموضوعية للمراجعة الخارجية والمراجعة الداخلية للحسابات – "جودة التدقيق".
وتوضح الدراسة التي أجراها فريق من شركة كيه بي إم جي، أن مستويات الثقة بالمحاور الأساسية الخاصة بعملية تدقيق الحسابات للجنة الرقابة، تختلف بحسب البلدان والشركات، وقد قال ما يقرب من نصف من شملهم استطلاع هذه الدراسة إن فهمهم للافتراضات الرئيسة الكامنة وراء الحكم على المحاسبة المادية للإدارة وكذلك التقديرات يمكن أن تكون أعمق، ونحن نرى أن اللجنة تقوم بشحذ تركيزها أو ضغطها الذي يمكن أن يشكل خطرا على سلامة البيانات المالية، بضمانه جودة واتساق المعلومات المالية غير المراجعة، وبحثه عن أكبر قيمة وبصيرة من المراجعة الداخلية والخارجية. لكن على نحو إجمالي، الصورة التي نتجت عن دراستنا الاستطلاعية هي صورة إيجابية عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية الأساسية للجنة: وهي ضمان سلامة التقارير المالية للشركة.
ويظهر أعضاء لجنة التدقيق الذين شملهم الاستطلاع ثقة أقل بشكل ملحوظ في رقابتهم على المخاطر:
- 14 في المائة فقط قالوا إن برنامج إدارة المخاطر الخاص في شركاتهم "قوي وناضج". ومع ذلك، كانت النسبة هذه منخفضة تصل إلى 5 في المائة في السعودية.
- وبالمثل، 37 في المائة فقط من المستطلعين أبدوا رضاهم عن أن الإدارة قد حددت المخاطر الكبيرة ضمن خططها لنمو الأعمال التجارية، ونفذت ضوابط مناسبة لرصد وتخفيف تلك المخاطر.
- تقريبا واحد من كل عشرة أشخاص قالوا إن عملية إدارة الشركة للمخاطر لديها أفق بعيد بما يكفي من حيث تصور المخاطر.
- نوعية المعلومات المتعلقة بالمخاطر - لا سيما حول المخاطر في الفضاء الإلكتروني والمخاطر النظامية العالمية، ووتيرة التغيير التكنولوجي.
- واحد من كل أربعة أشخاص أبدوا رضاهم عن أن نشاطات الشركة في مجال الحوكمة متمركزة على المخاطر الأكبر التي تهدد السمعة والعلامة التجارية.
في حين أن تلك التحديات المرتبطة بالمخاطر ليست جديدة، حيث يواصل أربعة من مغيري نمط اللعبة في رفع المعايير، وبالتالي المستوى الفعال للرقابة على المخاطر. إن كلا من الرقمية، والعولمة، والتنظيم الحكومي المتزايد، وقوة الإنفاذ العالمية المتصاعدة، تقوم بإعادة تشكيل صورة الأعمال والمخاطر بنتائج جوهرية لجدول أعمال لجنة المراجعة، ومن المحتمل فعاليتها. إضافة إلى مسؤولياتها الأساسية، تمتلك عديد من لجان التدقيق اليوم مسؤوليات رقابية على عملية إدارة الشركات للمخاطر فضلا عن المخاطر الأخرى الرئيسة التي تواجه الشركة - بما فيها المخاطر المالية والتشغيلية والمتعلقة بالسلامة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات وكذلك مخاطر الامتثال القانوني ـ التنظيمي.
وأبدى المستطلعون بشكل عام تقييمات منخفضة لرقابة لجنة التدقيق الخاصة بهم على المخاطر - بما في ذلك "فهم مسؤوليات اللجنة للرقابة على المخاطر". كما أشار الكثيرون إلى الحاجة إلى "خبرات إضافية" (مثل تكنولوجيا المعلومات، وعمليات الاندماج والاستحواذ، والمخاطر) كوسيلة مهمة لتحسين فعالية اللجنة. كما أنه ما يقارب من نصف المستطلعين قالوا إن التقييم الذاتي للجنة التدقيق ليس قويا كما ينبغي أن يكون.
فيما قال غالبية المستطلعين إنهم يرون أن المراجعة الإلزامية هي بمثابة تناوب ثابت أو إعادة طرح العطاءات الإلزامي لأعمال لجنة التدقيق كوسيلة لتحسين جودة مراجعة الحسابات.
ويحدد الاستطلاع أيضا عددا من الاختلافات الملحوظة بين البلدان، بما في ذلك:
- لوحظ وجود مستويات مرتفعة من ثقة لجنة التدقيق بالتقارير المالية في كل من البحرين وقطر والسعودية، بينما أعضاء لجنة تدقيق الحسابات في الإمارات كانوا أقل ثقة.
- غالبية أعضاء لجنة تدقيق الحسابات في الإمارات الذين شملهم الاستطلاع لا يرون التناوب الإلزامي لمراجعة الحسابات كوسيلة لتحسين جودة التدقيق.
- الرضا عن جودة المراجعة الخارجية للحسابات منخفض في قطر، بينما جودة المراجعة للحسابات الداخلية منخفضة في كل من قطر والسعودية والإمارات.
- كما أبدى أعضاء لجنة مراجعة الحسابات في البحرين الذين شملهم الاستطلاع اقتناعهم بأن المراجعة الداخلية توفر قيمة للشركة، بينما كان مستوى الثقة في السعودية منخفضا. استخدام برنامج المراجعة الداخلية للحسابات على أساس المخاطر كان أقل في كل من السعودية والإمارات.
- مستوى الرضا عن نوعية المعلومات المرتبطة بمخاطر "أمن تكنولوجيا المعلومات" كان الأقل في كل من السعودية والإمارات وتبعه "الافتقار إلى الابتكار" و"عدم اليقين والتقلبات".
- كان تصنيف الحوكمة منخفضا في كل من السعودية وقطر والإمارات. باستثناء إعداد التقارير المالية، الخطران الأكثر شيوعا واللذان ذكرهما المستطلعون بأنهما يشكلان التحدي الأكبر للشركة خلال العام المقبل هما:
- المخاطر التشغيلية /بيئة المراقبة الداخلية
- الامتثال القانوني/التنظيمي
إعداد التقارير المالية والكشوف
في حين أن غالبية أعضاء لجنة تدقيق الحسابات الذين شملهم الاستطلاع يعبرون عموما عن ثقة معتدلة في إشرافهم على إعداد التقارير المالية، قال الكثير منهم إن فهمهم للافتراضات الكامنة وراء إدارة الحكم على المحاسبة المادية للإدارة وكذلك التقديرات يمكن أن تكون أعمق.
اقتراحات للمستقبل
- مواصلة رصد تقديرات القيمة العادلة، والخلل والافتراضات الإدارية التي تستند إليها التقديرات المحاسبية المهمة.
- التركيز على فعالية دور المراجعة الداخلية للحسابات في الشركة من أجل تحديد المخاطر التشغيلية الرئيسة وإقامة نظام سليم للرقابة الداخلية في الشركة.
- العمل على إيجاد خطط أعمال أكثر واقعية وأهداف للموازنة أقرب إلى الواقع من أجل التقليل من الخطر على سلامة البيانات المالية للشركة.
- تبني نهج استباقي نحو الوفاء بمتطلبات الامتثال والمتطلبات التنظيمية، من أجل تجنب القلق حول قضايا المصلحة العامة.
- الانتباه لكيفية تحسين الكشوفات، من أجل التواصل بشكل أفضل فيما يتعلق بقصة الشركة، والاستعانة بلجنة الإفصاح في الإدارة بخصوص هذا الجهد.
- البقاء على اطلاع فيما يتعلق بالتغييرات في المعايير المحاسبية (الوطنية والدولية)، وأثرها المحتمل على نظام الشركة في إعداد التقارير المالية والمحاسبية والتنظيم.
- وضع نهج أكثر تركيزا نحو الاستدامة والمسؤولية المجتمعية للشركات.
الإشراف على مراجعي الحسابات ونوعية المُراجع
تتطلع لجان مراجعة الحسابات إلى مراجعي الحسابات الخارجيين بمزيد من التبصر، وتتطلع لدور اللجنة الداخلية للمراجعة بقيمة أكبر وتركيز أكثر على المخاطر الرئيسة التي تواجه الشركة.
وأيد نحو نصف الذين شملهم الاستطلاع أن المراجعة الخارجية للحسابات وكذلك الداخلية هي مراجعة "دقيقة ومستقلة وموضوعية، وتعالج بصورة كافية المخاطر التي تهدد التقارير المالية الرئيسة للشركة".
وقال 23 في المائة من المستطلعين إن لجنة مراجعة الحسابات لا تجري تقييما سنويا للمراجع الخارجي. بشكل مشابه، بينما يرى 19 في المائة منهم أن لجان مراجعة الحسابات لا تجري تقييما سنويا للمراجعين الداخليين. وقال أغلبية المستطلعين إنهم يرون أن تدوير إعطاء المراجعة الإلزامية بالتناوب أو إعادة طرح العطاء لأعمال المراجعة كوسيلة لتحسين نوعية المراجعة. علاوة على ذلك، شعروا أن مراجعي الحسابات الخارجيين يستطيعون تحسين أدائهم عن طريق تقديم أفكار أو مقاييس مرجعية أكثر حول القضايا الخاصة بالصناعة، والدعم المقدم من موارد شركات مراجعة الحسابات والإخصائيين التقنيين، ومشاركة أفكارهم حول نوعية التنظيم الإداري المالي.
وأبدى جميع المستطلعين ارتياحهم للمراجعة الخارجية للحسابات، كونها دقيقة ومستقلة وموضوعية، وتتناول بشكل كاف المخاطر التي تتعرض لها التقارير المالية للشركة من خلال الاستطلاع العالمي، الذي انخفض إلى النصف تقريبا في نتائج الاستطلاع في دول مجلس التعاون الخليجي. خلاف ذلك، تكون نتائج الدراسة الاستقصائية في بلدان مجلس التعاون الخليجي معظمها متماشية مع نتائج الدراسات الاستقصائية العالمية.
اقتراحات للمستقبل
فيما يخص مراجعي الحسابات الخارجيين
- دعم جودة المراجعة عن طريق تحديد مستوى وتوقعات واضحة لمراجع الحسابات الخارجي، ومراقبة أدائه من خلال إجراء تقييم أداء دقيق.
- الحفاظ على تواصل قوي باتجاهين مع مراجع الحسابات الخارجي عن طريق الاتصالات المتكررة وغير الرسمية.
- مراقبة المبادرات التنظيمية الجارية التي تركز على نوعية المراجعة ودرجة استقلالية المراجع، والالتفات إلى كيفية محافظة لجنة المراجعة على الإشراف القوي.
فيما يخص مراجعي الحسابات الداخليين
- الانتباه إلى الحاجة إلى إعادة تحديد دور المراجعة الداخلية للحسابات. في الوقت الذي تتجه فيه المراجعة الداخلية للحسابات صوب نموذج القيمة المضافة الأعلى، ينبغي لها أن تصبح مصدرا قيما للجنة المراجعة.
- تحديد توقعات واضحة، والتأكد من أن مراجعة الحسابات الداخلية مركزة بشكل صحيح ومستخدمة بشكل كامل.
- تركيز المراجعة الداخلية للحسابات على المجالات الرئيسة للمخاطر، إلى جانب التركيز على مدى كفاية عمليات إدارة المخاطر على مستوى المؤسسة للشركة عموما.
- التأكد من أن المراجعة الداخلية للحسابات تمتلك الموارد والمهارات والخبرة التي تمكنها من النجاح.
المخاطر والالتزام
إن الإشراف على المخاطر - بما في ذلك نوعية المعلومات عن المخاطر، والاستعداد للأزمة، وفهم الدور الرقابي للمخاطر التي تهدد لجنة مراجعة الحسابات، لا تزال تشكل تحديات. كما أن 14 في المائة فقط ممن شملهم الاستطلاع يصفون برنامج الشركة لإدارة المخاطر بأنه "قوي وناضج"، بينما شعر 42 في المائة منهم بأنه إما أن برنامج إدارة المخاطر يمر بمرحلة التخطيط والتنمية، وإما أنه لم يتم اتخاذ أي جهد رسمي/نشيط من أجل تنفيذ البرنامج. ويرى 52 في المائة من المستطلعين أن الاستعداد للأزمة وخطة الرد إما أنها غير كافية نظرا للتحديات الخاصة بالشركات وإما أنهم غير راضين عن خطة الشركة.
وبصورة لافتة للنظر، قال كثير من أعضاء لجنة مراجعة الحسابات إن لجانهم لديها مسؤولية مراقبة عملية إدارة المخاطر في الشركة، إضافة إلى المخاطر الرئيسة الأخرى التي تواجه الشركة - مثل المخاطر المالية والتشغيلية والمتعلقة بالسلامة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك مخاطر الامتثال القانوني/التنظيمي.
ويعتقد أكثر من 75 في المائة من المستطلعين أن التواصل المتكرر غير الرسمي مع الرئيس التنفيذي وكبير الإداريين الماليين وسائر كبار المسؤولين التنفيذيين، والمدخلات من مراجع الحسابات الداخلي، تعتبر المصدر الرئيس لأعضاء لجنة المراجعة من أجل تطوير فهمهم للهجة الشركة وثقافتها الأخلاقية.
في حين أن معظم نتائج الاستقصاء في دول مجلس التعاون الخليجي منسجمة وتتوافق مع الاتجاه العالمي، من الجدير بالذكر أن لجان المراجعة التي شملتها الدراسة عالميا مقارنة بدول المجلس أصبحت أكثر تركيزا نحو الامتثال والالتزام العالمي، لا سيما في ضوء التعزيز المتصاعد للقوانين الجديدة مثل قانون الرشوة في المملكة المتحدة، وقانون الممارسات الفاسدة الأجنبية، وقوانين مكافحة الرشوة الأخرى حول العالم.
اقتراحات للمستقبل
- نظرا للالتزام بالكثير من الوقت اللازم لمسؤوليات الرقابة الرئيسة للجان المراجعة، ينبغي أن في الاعتبار الاعتبار ما إذا كان لدى اللجنة الوقت والخبرة لتكون مسؤولة عن الفئات العامة للمخاطر "خارج المجالات الرئيسة".
- تحديد الأولويات في جدول أعمال اللجنة من أجل التركيز على أهم قضايا الإشراف والرقابة والتحديات الحاسمة التي تواجه الشركة.
- النظر فيما إذا تم تكريس وقت كاف للاجتماعات من أجل المناقشة الموضوعية للقضايا ذات الأولوية (مقابل الاستماع إلى العروض المقدمة).
- التركيز على نوعية وحركة المعلومات والعمل مع الإدارة من أجل تحديد أو صقل احتياجات اللجنة من المعلومات.
- حسب الحاجة، حشد موارد إضافية، وخبرات وتصورات خاصة في مجالات المخاطر والتكنولوجيا الناشئة - بما فيها من مراجعي الحسابات الداخليين والخارجيين، ومختصون من طرف ثالث.
- اتخاذ نظرة فاحصة حول فاعلية لجنة مراجعة الحسابات. التقييم فيما إذا كانت عملية التقييم الذاتي للجنة ذات مغزى، وهل تقود إلى تحسينات. الأخذ بعين في الحسبان تكوين اللجنة واستقلاليتها وقيادتها: هل هنالك حاجة إلى "عيون جديدة" أم إلى "تنوع أكبر في الآراء"؟