«وول ستريت» حائرة بين جني ثمار نمو الاقتصاد وشبح إفلاس شركات النفط الصخري
تستقبل الأسواق الأمريكية عام 2015 بحالة من التفاؤل قد تقود مؤشراتها الرئيسة إلى مستويات قياسية أخرى بعد تلك التي سجلتها في العام المنقضي، وذلك بعد الارتفاع المفاجئ لمعدلات نمو الناتج المحلي في الربع الثالث من عام 2014 إلى 5 في المائة، وهو ما يمكن اعتباره خروجا للاقتصاد الأمريكي من مرحلة الركود إلى الانتعاش وسط توقعات بمزيد من الارتفاع في النمو في الربع الرابع من عام 2014 وخلال عام 2015 مدعوما بالانخفاض الحالي لأسعار النفط العالمية وقوة الدولار التي من المتوقع هي الأخرى أن تزداد مع توجهات “الفيدرالي الأمريكي” رفع أسعار الفائدة خلال عام 2015.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى نمو الاقتصاد الأمريكي في عام 2015 بشكل معتدل عند 3.1 في المائة، وفيما يبدو فإن ارتفاع أسعار الفائدة في السوق الأمريكية ربما يكون هو الحدث الأبرز اقتصاديا ليس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية فقط بل على مستوى العالم.
مؤشرات «وول ستريت»
في “وول ستريت” تفاعلت مؤشرات السوق مع حالة التفاؤل وسجل مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم كبرى الشركات الأمريكية أعلى مستوياته التاريخية فوق 18 ألف نقطة وذلك مع الأيام الأخيرة من عام 2014إلا أنه أنهى العام عند 17823.07 مع توقعات بمستويات قياسية جديدة خلال عام 2015. مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا سجل هو الآخر أعلى مستوياته التاريخية فوق ألفي نقطة . أما مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا فعند 4700 نقطة.
أسهم التكنولوجيا ممثله في مؤشر ناسداك المجمع كانت الأكثر مكاسب خلال عام 2014 بارتفاع مؤشرها من مستوى 3575.6 نقطة بداية العام وإغلاقه عند مستوى 4736.05 نقطة بارتفاع 1160.45 نقطة أي بنسبة ارتفاع 32.5 في المائة، مدعوما بنمو الاقتصاد الأمريكي وقوة الدولار وهما عاملان من المتوقع استمرارها في عام 2015، وقد يضاف إليها ارتفاع أسعار الفائدة كلها عوامل سوف تقود المؤشر إلى مزيد من المكاسب، وربما تخطى مستوى 18 ألف نقطة بكثير خلال الربع الأول من العام الجاري.
مؤشر داو جونز الصناعي بدأ عام 2014 عند 16572.17 نقطة وأنهى العام عند 17823.05 نقطة بارتفاع نحو 1250.88 نقطة أي بنسبة 7.5 في المائة، المؤشر ارتفعت وتيرة ارتفاعه مع الشهر الأخير من عام 2014، بدعم يضاف إلى أسهم تلك الشركات وهو انخفاض أسعار النفط العالمية الذي يؤثر في جزء كبير منها باستثناء شركات النفط نفسها. أما مؤشر إس آند بورز 500 الأوسع نطاقا كانت مكاسبه أعلى خلال عام 2014، حيث بدأ العام عند 1845.86 نقطة وسجل مع أخر تداولات العام نحو 2058.90 نقطة أي بارتفاع 213.9 نقطة بنسبة 11.6 في المائة.
وظلت بورصة نيويورك في “وول ستريت” خلال عام 2014 وستظل هذا العام ولأعوام مقبلة في مقدمة البورصات العالمية من حيث القيمة السوقية التي تجاوزت 19.4 تريليون دولار مع نهاية عام 2014 مقابل 17 تريليون دولار نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013 أي بارتفاع 2.4 تريليون دولار بنسبة ارتفاع 14.1 في المائة يرجع معظمها إلى ارتفاع القيمة السوقية للأسهم فيما لا تتجاوز الطروحات الجديدة وزيادة رؤوس الأموال على 168.5 مليار دولار. أيضا أعلى في قيم التداول الشهرية فوق تريليون دولار.
وتشير التوقعات إلى أن المعطيات الاقتصادية للاقتصاد الأمريكي ترشح رفعا متوقعا لأسعار الفائدة خلال الربع الأول من عام 2015، فسعر الفائدة الضمني على العقود الآجلة طويلة الأمد للأموال الفيدرالية ارتفع أخيرا بما يراوح بين خمس و ست نقاط كما ارتفع عائد السندات ذات أجل عشر سنوات بمقدار عشر نقاط. ونتيجة لذلك، ارتفع الدولار الأمريكي أمام معظم عملات مجموعة العشر وسجل أعلى مستوياته خلال العام أمام عدة عملات منها اليورو والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري والدولار الأسترالي، وهذا هو الاتجاه الذي من المتوقع أن يهيمن على سوق الفوركس خلال عام 2015، فالتفوق الاقتصادي للولايات المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتفوق الدولار الأمريكي.
ومما يدعم أيضا اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي للبدء برفع سعر الفائدة المصرفية بعد أن تم تصفيرها تقريباً (ما بين صفر و0.25 في المائة منذ عام 2008) إثر وقف العمل بسياسة التسهيل الكمي التي استمرت ست سنوات . وترجح توقعات لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يكون الرفع إلى مستوى يراوح بين 1.25 و1.5 في المائة، فيما ترجح مصادر الأسواق المصرفية والمالية أن يتم رفع سعر الفائدة في الربع الأول من عام 2015.
#2#
وبحسب توقعات بنك أوف أميركا ميريل لنتش جلوبال ريسيرتش، فإن الدولار الأمريكي سيواصل ارتفاعه فيما تبقى من عام 2014 وخلال عام 2015 مقابل العملات الرئيسة . في حين سوف يحتاج اليورو إلى فترة أطول لاستعادة منحناه الصعودي من الولايات المتحدة واستخدام ضعفه لتحفيز نمو اقتصادات بلدانه (بلدان منطقة اليورو الـ 18)، ما يرجح إبقاء البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة منخفضا عند الحدود الصفرية أو القريبة منها . وهنا يتوقع بنك جولدمان ساكس أن ينخفض اليورو مقابل الدولار الأمريكي إلى مستوى 15 .1 بنهاية عام 2015 وإلى 1.05 في عام 2016 وسيتعادل سعر صرفه مع الدولار في عام 2017.
إفلاس شركات النفط الصخري
ووسط التوقعات الإيجابية الداعمة للأسهم الأمريكية إلا أن الأنباء ليست كلها طيبة، فانخفاض أسعار النفط يمكنه أن يدفع كثيراً من منتجي النفط الصخري في أمريكا إلى الإفلاس في 2015، في حين سيلحق ازدياد قوة الدولار والضعف في الخارج ضرراً بالمصدّرين، مثلما حدث بالضبط منذ 15 عاماً مضت.
أسهم شركات النفط بدأت في التهاوي، حيث جاءت أسهم شركات التنقيب وشركات استكشاف وإنتاج الطاقة في مقدمة قائمة أعدتها شبكة “سي إن إن” تشمل أسوأ سبعة أسهم أمريكية أداءً في عام 2014، حيث سجلت أسهم شركات التنقيب على النفط والغاز تراجعًا بنسبة راوحت بين 38 في المائة إلى 67 في المائة مع هبوط أسعار النفط لأدنى مستوى في خمسة أعوام. وهبطت أسهم شركة ترانس أوشن بنحو 67 في المائة منذ بداية العام، مسجلة أسوأ أداء في مؤشر “ستاندرد اند بورز” الأمريكي، لتتداول عند مستويات لم تشهدها منذ عام 1995، كما تراجعت أسهم شركات تنقيب أخرى “نوبل”، و”نابورس آند ستريز”، و”دايموند أوفشور” بنسبة تتجاوز الثلث.
وتراجعت أسهم شركات إنتاج واستكشاف الطاقة بنسبة راوحت بين 34 و61 في المائة، وسجلت شركة دينبري ريسورس ثاني أسوأ أداء للأسهم في مؤشر ستاندارد آند بورز، مع إعلان الشركة خفض الإنفاق الرأسمالي، وتخفيض توقعاتها لنمو الأرباح، والاستغناء عن اثنين من المديرين اللذين يحصلان على دخل مرتفع. كما هبطت أسهم شركات كيو إي بي، وأباتشي ورانج ريسورس، وشركة جاكوب إينجينيرنج العاملة في مجال خدمات الإنشاءات التي تساعد في بناء مرافق.